سيناريو الرفع والسقوط!
جميل النمري
جو 24 : هناك عدة سيناريوهات حكومية لرفع أسعار الكهرباء، لكن النواب لن يكونوا جزءا من القرار؛ فشعار رئيس الوزراء التطميني بأن "لا رفع لأسعار الكهرباء إلا بالتشاور مع النواب"، لا يبدو واقعيا عند الاقتراب من التنفيذ. وجميع السيناريوهات تعني بالنهاية تدفيع الناس بضع مئات من الملايين، بما يساوي مبلغ التقليص المنشود للدعم. ومن لا يدفع مباشرة من أصحاب الدخل المحدود بسبب تثبيت السعر القديم (استهلاك أقل من 300 كيلوواط)، سيدفع من خلال ارتفاع جميع السلع الأخرى، بسبب الارتفاع الكبير لأسعار الكهرباء على التجارة والصناعة والخدمات. والسيناريو الوحيد الذي يجرؤ النواب على دعمه هو فقط، وببساطة، عدم رفع أسعار الكهرباء، وهذا مستحيل بالنسبة للحكومة. ولذا، فحكاية المشاورات يمكن طيها سلفا. وهي لو جرت، فستكون شكلية؛ فالحكومة تريد حلولا ضمن سياق محدد، يؤدي الى توفير بضع مئات من الملايين. والنواب لا يستطيعون إلا مخاطبة الشارع، ولذا سيكونون أمام خيارين: إما النأي بأنفسهم عن القرار وانتقاده، أو الذهاب أبعد في الشعبوية برفع شعار إسقاط الحكومة. وقد استعجل البعض وباشروا سلفا منذ أمس بجمع التواقيع على مذكرة حجب ثقة.
ولعل هذا الاستعجال يفسد مشروعا أبعد قليلا؛ بجعل الحكومة ضحية الرفع فعليا، وفق السيناريو المعروف. فالحكومة تأخذ القرار، ويثور الشعب ومعه النواب، ويتم إسقاط الحكومة بدل التراجع عن القرار. وينشغل الجميع بعد ذلك بمشروع الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي يأخذ بألباب النخب، وحتى جميع الأردنيين.
بالطبع، هذا ليس حلا، بل التفاف على الحل، وأنا لا أشارك في سيناريو كهذا. فلا معنى لتغيير الحكومة بعد أخذ القرار، والأصح أن يواجه النواب الموقف الذي سيكون هو نفسه مع هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى. ولطالما كان الأمر كذلك أمام كل وضع مأزوم يتم فيه اللجوء إلى تبديل الحكومات وليس السياسات. فإذا كان هناك بديل عملي، فليضغط النواب من أجله، أو فليقبلوا أحد السيناريوهات التي قرأنا عنها في الصحف. وهنا نعود إلى السؤال إياه: هل هناك بديل حقا غير ما تعرضه وتفكر فيه الحكومة؟
لا بد من التذكير أننا نملك الجرأة لكي نقف مع أي قرار حكومي إذا اقتنعنا أنه السبيل الواقعي الوحيد الممكن لمواجهة الموقف. لكن المشكلة أننا مثل أغلبية المواطنين، لا نثق أصلا بأن المديونية والعجز قد وصلا إلى هذا المستوى فقط بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والدعم الذي لا نثق موضوعيا بأرقامه، وعلى الأقل لا نثق بالخصخصة ونظام التسعير لبيع وشراء الكهرباء من قبل الشركة الوطنية الحكومية التي تشتري من شركات التوليد وتبيع لشركات التوزيع بخسارة فادحة، بدعوى الدعم.
أيا يكن الأمر، نوافق على أن الدعم يذهب بنسبة معينة لغير الأردنيين، إضافة إلى قنوات الهدر والتهريب المختلفة، كما هي الحال مع الطحين والأعلاف. وأريد المغامرة بالقول إن البطاقة الذكية قد تكون الحل، مع بعض الجهد والمهارة في تطبيق الفكرة. فهذه البطاقة ستكون تماماً مثل بطاقة البنك للمشتريات، مبرمجة للعمل مع ماكينات محددة، وبكميات محددة، وضمن جدول زمني محدد تعمل لدى الجهات، بحيث تبقى الأسعار للمواطن بنفس سعرها القديم، لكنها تباع بالسعر الحر لكل من لا يملك بطاقة الدعم، والتي يتقرر صرفها لجميع المواطنين أو للأغلبية الساحقة التي تمثل ذوي الدخل المتوسط أو المنخفض.
نحن لسنا متفقين حول حقيقة الدعم وسبب المديونية والعجز ووسائل العلاج، لكننا متفقون على أن صيغة الدعم الحالية غير منطقية. ويمكن للبطاقة الذكية معالجة هذه الإشكاليات، بإبقاء السعر القديم للمواطنين أو أغلبيتهم الساحقة، مع توفير ما يعادل نصف حجم الدعم. (الغد)
ولعل هذا الاستعجال يفسد مشروعا أبعد قليلا؛ بجعل الحكومة ضحية الرفع فعليا، وفق السيناريو المعروف. فالحكومة تأخذ القرار، ويثور الشعب ومعه النواب، ويتم إسقاط الحكومة بدل التراجع عن القرار. وينشغل الجميع بعد ذلك بمشروع الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي يأخذ بألباب النخب، وحتى جميع الأردنيين.
بالطبع، هذا ليس حلا، بل التفاف على الحل، وأنا لا أشارك في سيناريو كهذا. فلا معنى لتغيير الحكومة بعد أخذ القرار، والأصح أن يواجه النواب الموقف الذي سيكون هو نفسه مع هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى. ولطالما كان الأمر كذلك أمام كل وضع مأزوم يتم فيه اللجوء إلى تبديل الحكومات وليس السياسات. فإذا كان هناك بديل عملي، فليضغط النواب من أجله، أو فليقبلوا أحد السيناريوهات التي قرأنا عنها في الصحف. وهنا نعود إلى السؤال إياه: هل هناك بديل حقا غير ما تعرضه وتفكر فيه الحكومة؟
لا بد من التذكير أننا نملك الجرأة لكي نقف مع أي قرار حكومي إذا اقتنعنا أنه السبيل الواقعي الوحيد الممكن لمواجهة الموقف. لكن المشكلة أننا مثل أغلبية المواطنين، لا نثق أصلا بأن المديونية والعجز قد وصلا إلى هذا المستوى فقط بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والدعم الذي لا نثق موضوعيا بأرقامه، وعلى الأقل لا نثق بالخصخصة ونظام التسعير لبيع وشراء الكهرباء من قبل الشركة الوطنية الحكومية التي تشتري من شركات التوليد وتبيع لشركات التوزيع بخسارة فادحة، بدعوى الدعم.
أيا يكن الأمر، نوافق على أن الدعم يذهب بنسبة معينة لغير الأردنيين، إضافة إلى قنوات الهدر والتهريب المختلفة، كما هي الحال مع الطحين والأعلاف. وأريد المغامرة بالقول إن البطاقة الذكية قد تكون الحل، مع بعض الجهد والمهارة في تطبيق الفكرة. فهذه البطاقة ستكون تماماً مثل بطاقة البنك للمشتريات، مبرمجة للعمل مع ماكينات محددة، وبكميات محددة، وضمن جدول زمني محدد تعمل لدى الجهات، بحيث تبقى الأسعار للمواطن بنفس سعرها القديم، لكنها تباع بالسعر الحر لكل من لا يملك بطاقة الدعم، والتي يتقرر صرفها لجميع المواطنين أو للأغلبية الساحقة التي تمثل ذوي الدخل المتوسط أو المنخفض.
نحن لسنا متفقين حول حقيقة الدعم وسبب المديونية والعجز ووسائل العلاج، لكننا متفقون على أن صيغة الدعم الحالية غير منطقية. ويمكن للبطاقة الذكية معالجة هذه الإشكاليات، بإبقاء السعر القديم للمواطنين أو أغلبيتهم الساحقة، مع توفير ما يعادل نصف حجم الدعم. (الغد)