الأخلاق قوام الفلسفة
ابراهيم العجلوني
جو 24 : يخطئ كثيراً من يظن ان الفلسفة عمل ذهني حسب، او تفكير مجرد، اذ الفلسفة فيما قد يخلص اليه المتدبر من امرها نظر شمولي متجل في نسق معرفي ومواقف اخلاقية، واذا كانت الفلسفة هي «الحكمة» في المصطلح العربي، فان «من اوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً»، كما ان (الحكمة ضالة المؤمن اين ما وجدها التقطها وهو اولى بها)..
فاذا لم يكن ثمَّ نظر شمولي، ونسق معرفي، ومواقف اخلاقية فان أي حديث عن الفلسفة او الحكمة سيكون حديثاً دونما طائل..
ولعل اولئك الذين يرون في مؤرخ الفلسفة او فيمن يبسط مذاهبها للطلبة او فيمن يعلم المنطق، يرون في هؤلاء فلاسفة ان يفوتهم هذا المعنى الذي نتبينه هنا، وهو ضرورة (الشمول والنسق والخُلُق).
ثم ان هناك شرطاً موضوعياً للفلسفة سابقاً ومعروفاً ضمنياً، هو شرط «الحرية» التي تضمن لحركة الفكر ان تكون مرسلة من كل قيد ومن كل ترغيب وترهيب، وان لا تكون «موظفة» في خدمة المال او الجاه او السلطان، وان تكون «ترسلاً عقلياً» بالغاً مداه ومرتاداً آفاقه التي يملك التحليق فيها..
واذا لم يبلغ الفيلسوف درجة ان يكون اخلاقاً تمشي بين الناس، تأسياً برسول الله الكريم الذي كان «خُلُقُه القرآن» او كان «قرآناً يمشي على الأرض» كما جاء في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها.
لقد تمثل القرآن الكريم بما يتضمنه من نظر شمولي ومن نسق معرفي ومن اخلاق (قال الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه انه جاء ليتمم مكارمها).. تمثل كل ذلك بشخصية النبي عليه السلام، فكان وهو الانسان «قرآنا يمشي على الأرض»، واذا لم يبلغ الحكيم، في ضوء هذه القدوة الحسنة، ان يكون «حكمة تمشي على الارض» فانه يكون وقع دون سمت الفيلسوف الحق، او اخطأ الفلسفة على نحو ما ينبغي ان تكون..
اما حديث المذاهب الفلسفية، وتراجم الفلاسفة، وتتبع تاريخ الفلسفة في الأمم، والالمام بالمقولات، والقضايا المنطقية، وما يختلف المتفلسفون فيها او يتفقون، فكل اولئك على أهميته، لا يصنع الفيلسوف قدر ما تصنعه حرية النظر والشهود الاخلاقي..
ولعل هذا ان يقودنا الى البحث في صلة الفلسفة بالدين، او في تماهيهما.. بيد ان ذلك أفق متراحب نأمل ان يكون مستراداً للتساؤل في مرة قادمة..
الرأي
فاذا لم يكن ثمَّ نظر شمولي، ونسق معرفي، ومواقف اخلاقية فان أي حديث عن الفلسفة او الحكمة سيكون حديثاً دونما طائل..
ولعل اولئك الذين يرون في مؤرخ الفلسفة او فيمن يبسط مذاهبها للطلبة او فيمن يعلم المنطق، يرون في هؤلاء فلاسفة ان يفوتهم هذا المعنى الذي نتبينه هنا، وهو ضرورة (الشمول والنسق والخُلُق).
ثم ان هناك شرطاً موضوعياً للفلسفة سابقاً ومعروفاً ضمنياً، هو شرط «الحرية» التي تضمن لحركة الفكر ان تكون مرسلة من كل قيد ومن كل ترغيب وترهيب، وان لا تكون «موظفة» في خدمة المال او الجاه او السلطان، وان تكون «ترسلاً عقلياً» بالغاً مداه ومرتاداً آفاقه التي يملك التحليق فيها..
واذا لم يبلغ الفيلسوف درجة ان يكون اخلاقاً تمشي بين الناس، تأسياً برسول الله الكريم الذي كان «خُلُقُه القرآن» او كان «قرآناً يمشي على الأرض» كما جاء في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها.
لقد تمثل القرآن الكريم بما يتضمنه من نظر شمولي ومن نسق معرفي ومن اخلاق (قال الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه انه جاء ليتمم مكارمها).. تمثل كل ذلك بشخصية النبي عليه السلام، فكان وهو الانسان «قرآنا يمشي على الأرض»، واذا لم يبلغ الحكيم، في ضوء هذه القدوة الحسنة، ان يكون «حكمة تمشي على الارض» فانه يكون وقع دون سمت الفيلسوف الحق، او اخطأ الفلسفة على نحو ما ينبغي ان تكون..
اما حديث المذاهب الفلسفية، وتراجم الفلاسفة، وتتبع تاريخ الفلسفة في الأمم، والالمام بالمقولات، والقضايا المنطقية، وما يختلف المتفلسفون فيها او يتفقون، فكل اولئك على أهميته، لا يصنع الفيلسوف قدر ما تصنعه حرية النظر والشهود الاخلاقي..
ولعل هذا ان يقودنا الى البحث في صلة الفلسفة بالدين، او في تماهيهما.. بيد ان ذلك أفق متراحب نأمل ان يكون مستراداً للتساؤل في مرة قادمة..
الرأي