كارثة البنوك والمقترضين.. ازمة تلد اخرى ولا حلول في الافق!
د. عبدالمهدي القطامين
جو 24 :
ثمة ازمة كبرى تواجه الاردنيين هذه الايام وفي الايام القادمة وليس لدى القائمين على السياسة الممالية والنقدية والمجتمعية اي تحرك تجاه خلخلة اركانها تمهيدا لحلها او وضع تصور او سيناريو لالية التعامل معها وهذه الازمة التي كانت صامتة حتى ظهرت للعلن بعد ان انكشفت رواتب المقترضين من البنوك وباتت البنوك تستولي على رواتب المقترضين كاملة وحين لم تعد كامل الرواتب تفي بما تريده البنوك بدأت بترصيد مبالغ هائلة الى نهايات عمر القروض على شكل تسميه اللغة المصرفية " بالون بيمنت " وهي مبالغ طائلة ترصد في نهايات عمر القرض على شكل دفعة واحدة تصل احيانا الى ما يقارب ربع المبلغ الاصلي المقترض من البنك .
وقد حاولت بشكل منفرد اطلاق صيحة تحذير من الواقع المرير الذي يعيشه ما يقرب من نصف المجتمع الاردني عبر تاسيس جمعية للدفاع عن المقترضين ووقف تغول البنوك عليهم على ان يكون دور هذه الجمعية يركز على امرين اولهما الدفاع عن المقترضين قانونيا والامر الثاني التوعية المالية لشرائح المجتمع المقترضة او المقبلة على الاقتراض الا ان العقبات بدأت تواجه تشكيل الجمعية فالمزاج الحكومي لا يراها مناسبة والبنوك تراها خطرا يتهددها ويهدد سياساتها المنفردة في التعامل مع المواطن كما تشاء ودون اي ضوابط قانونية و اخلاقية ايضا بل ان الحكومة كانت شريكة في تضليل الجمهور عندما لجأت في ازمة كورونا الى مواجهة التوقف الاقتصادي الذي حدث بفعل الاغلاقات الى تأجيل اقساط المقترضين اكثر من خمس مرات وكانت في كل مرة وعبر تصريحات البنك المركزي تؤكد ان التاجيل بلا فوائد ليفاجأ الجميع بعد ان انقشعت غمامة كورونا ان كل تأجيل كان له ثمنا باهضا فقد زاد تأجيل اي قسط عن ثلاثة اضعاف قيمته الحقيقية وفوجىء الناس انهم خضعوا لعملية خدعة كبيرة من البنوك ومن الحكومة التي كانت تسعى فقط الى زيادة تدفق النقد في السوق وتلبية احتياجات المواطنين من السلع والخدمات وعدم انكشافها ماليا في ظل الاغلاقات الاقتصادية التي مورست بعشوائية وجعلت الاقتصاد الذي يعاني من مشاكل كثيرة على فوهة بركان عاصف .
ومن عجائب السياسة الاقراضية التي اطلقت على عواهنها تبعا لسياسات البنوك ان القرض الذي كان ينتهي على سبيل المثال عام 2040 تمدد ليصل الى عام 2060 بمعنى ان عمر القرض اصبح اطول بكثير من عمر المقترض وهذا يجعله يخرج تلقائيا من مظلة التامين على الحياة الذي ينتهي بحلول عمر السبعين للمقترض وذويه الامر الذي يهدد المجتمع ويضعه على كف عفريت .
ماذا تنتظر الدولة الاردنية بعد ان اصبح المواطن وجها لوجه مع غول البنوك الذي يفتك بالجميع بلا رحمة ولا شفقة والمواطن الذي بات على الطوى ولا يجد من راتبه التقاعدي او معاشه العادي ما يشتري به خبزا وشايا بل اصبح مطلوبا منه ان يضيف على راتبه المحجوز للبنك لكي يتمكن من سداد قيمة القسط والا فالبنك جاهز للانذار والحجز على حطام الدنيا التي يمتلكه المواطن
لقد مر علي مئات الحالات من مواطنين باتوا بلا اي دخل ولا اي مورد مالي جراء رفع سعر الفائدة الذي مارسته البنوك تحت مظلة تعاميم البنك المركزي حفاظا على قيمة الدولار وانسجاما مع رفع الفائدة من قبل البنك الفدرالي الامريكي حتى وصلت بعض اسعار الفائدة في اغلب البنوك اكثر من 12 % بعد ان كانت بحدود ال 6 % اي ان الفائدة تضاعفت ولم اجد حقيقة اي معنى للرفع المتتالي لاسعار الفائدة اذا قارنا تلك الاسعار بالاسعار التي وضعه الفدرالي الامريكي فمع كل الرفعات التي قام بها الفدرالي الامريكي لم تصل الفائدة هناك الى 5 % على المقترضين وطال الرفع فقط القروض الجديدة اما القروض القديمة فد ظلت على نفس الفائدة المتفق عليها في توقيع العقد بين المقترض والبنك علما ان التضخم في امريكا وصل الى ما يقارب 8 % بينما في الاردن فلم يتجاوز 4 % .
سياسة العمل برفع فائدة القروض على القروض القديمة هي سياسة فاشلة وغير قانونية ولا تنسجم مع منطق الاقتصاد ولا مع منطق العدالة ولا تندرج تحت اي شريعة ويدرك اغلب المفترضين هذا المنطق لكنهم عاجزين عن تامين رسوم رفع القضية على البنك واتعاب اي محامي يتوكل بالدفاع عنه .
على الدولة ان تقف مع مواطنيها في هذه المحنة وان لا تقول له اذهب انت وبنكك فتقاتلا وعلى الدولة ان تتخذ قرارا صارما تجاه البنوك والشركات المالية التي تغولت على قوت المواطن بطريقة شيلوكية وان تشدد الرقابة على البنوك والشركات المقترضة التي تنمو هي الاخرى بطريقة شيطانية ولا اشك لحظة واحدة ان التزام الدولة الصمت سيكون كارثيا على الناس وعلى المجتمع وعلى الاقتصاد .
اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد .