قانون الأحزاب: إلى الخلف در
جميل النمري
جو 24 : الانطباع السائد بأن هناك اتجاها تراجعيا عن الإصلاح السياسي يتعزز بمزيد من العلامات، وآخرها تعديلات الأعيان على قانون الأحزاب؛ فقد أرجعت القانون إلى ما كان عليه، بتثبيت عدد المؤسسين عند 500 مؤسس.
خفض عدد المؤسسين كان أحد التوصيات الرئيسة التي قدمتها لجنة الحوار الوطني، وهي المكلفة بمراجعة قانوني الأحزاب والانتخاب، وتقديم التوصيات بشأنهما في إطار برنامج الإصلاح السياسي. وتجاوبت الحكومة مع هذا التوجه بتخفيض عدد المؤسسين إلى النصف، وخفضته اللجنة القانونية في مجلس النواب إلى 200 عضو مؤسس، لكن المجلس ثبّت العدد عند 250 مؤسساً وسط محاولات غريبة ومفاجئة من البعض لرفع العدد إلى ألف! لكن المجلس بأغلبيته لم يقبل هذه المناورة التراجعية التي أصبحت مثل مناورات أخرى مناهضة للأفكار التقدمية تجد في المجلس "قوة صدامية" جاهزة لحملها.
قانون الأحزاب برمته ليس مهما، ولا يغير في الواقع شيئا. فما دام تنظيم الأحزاب أصبح شرعيا، فكل شيء آخر تحسمه قوة الأحزاب نفسها. لكن في هذه المرحلة، فإن أهمية القانون تكمن في وظيفته التحفيزية والتشجيعية للأحزاب، ونوع الرسالة التي يوجهها للمجتمع! هل هي صديقة ومشجعة للحزبية أم العكس؟ ومع تعديل الأعيان، يعود القانون تماما إلى ما كان عليه، والفارق هو فقط التوسع والتغليظ في العقوبات على التمويل والعلاقات الخارجية.
لماذا قمنا، إذن، بعمل قانون جديد للأحزاب، وصرفنا كل هذا الوقت والجهد عليه بوصفه جزءا من الإصلاح؟! يجب أن نستحي حتى من ثمن الكهرباء التي استهلكت للإضاءة طوال ساعات النقاش تحت القبة وفي صالة اجتماعات اللجنة!
صدقوني إن الأمر لا يتصل بالقناعات الشخصية للمشرعين حول العدد الأنسب للمؤسسين! فالذين يريدون رفع العدد إلى 500 مؤسس تحت دعاوى تقليل الزحام الحزبي وتوحيد الأحزاب لم ينخرطوا في حياتهم في حزب، وليسوا معنيين بالأحزاب والحزبية ولا بالتنمية السياسية، بل أكاد أقول ولا حتى بالديمقراطية، وبعضهم يرى مهمته في التضييق على الحزبية وتقييدها وإغاظتها مثل ولد لقيط مكروه ومفروض، لإنقاذ الادعاء بالتعددية الديمقراطية.
رفع عدد المؤسسين لا يؤدي إلى اندماج الأحزاب وتقليل عددها. وقد وصل عدد الأحزاب المرخصة إلى 20 حزبا في ظل القانون القديم. ومن حيث المبدأ، فإن العدد المطلوب لتأسيس حزب سياسي يجب أن لا يزيد عن العدد المطلوب لتأسيس أي جمعية؛ فحق العمل السياسي يفترض أن يكون مكفولا لأي مجموعة من المواطنين أيا كان عددها.
لكن شروط العدد، والتوزيع على المحافظات، ومشاركة المرأة والشباب، كلها يمكن أن تنتقل إلى نظام الحوافز والتمويل العام. فمثلا، نقول يجب أن لا يقل العدد عن 500 للحصول على الحد الأدنى من التمويل العام الذي يتصاعد مع نسبة التحصيل في الانتخابات وحجم التمثيل البرلماني، وهذا ما تم الإشارة إليه بصورة طفيفة في القانون الذي ينص على إنشاء نظام للتمويل يحدد الحوافز والشروط.
الغد
خفض عدد المؤسسين كان أحد التوصيات الرئيسة التي قدمتها لجنة الحوار الوطني، وهي المكلفة بمراجعة قانوني الأحزاب والانتخاب، وتقديم التوصيات بشأنهما في إطار برنامج الإصلاح السياسي. وتجاوبت الحكومة مع هذا التوجه بتخفيض عدد المؤسسين إلى النصف، وخفضته اللجنة القانونية في مجلس النواب إلى 200 عضو مؤسس، لكن المجلس ثبّت العدد عند 250 مؤسساً وسط محاولات غريبة ومفاجئة من البعض لرفع العدد إلى ألف! لكن المجلس بأغلبيته لم يقبل هذه المناورة التراجعية التي أصبحت مثل مناورات أخرى مناهضة للأفكار التقدمية تجد في المجلس "قوة صدامية" جاهزة لحملها.
قانون الأحزاب برمته ليس مهما، ولا يغير في الواقع شيئا. فما دام تنظيم الأحزاب أصبح شرعيا، فكل شيء آخر تحسمه قوة الأحزاب نفسها. لكن في هذه المرحلة، فإن أهمية القانون تكمن في وظيفته التحفيزية والتشجيعية للأحزاب، ونوع الرسالة التي يوجهها للمجتمع! هل هي صديقة ومشجعة للحزبية أم العكس؟ ومع تعديل الأعيان، يعود القانون تماما إلى ما كان عليه، والفارق هو فقط التوسع والتغليظ في العقوبات على التمويل والعلاقات الخارجية.
لماذا قمنا، إذن، بعمل قانون جديد للأحزاب، وصرفنا كل هذا الوقت والجهد عليه بوصفه جزءا من الإصلاح؟! يجب أن نستحي حتى من ثمن الكهرباء التي استهلكت للإضاءة طوال ساعات النقاش تحت القبة وفي صالة اجتماعات اللجنة!
صدقوني إن الأمر لا يتصل بالقناعات الشخصية للمشرعين حول العدد الأنسب للمؤسسين! فالذين يريدون رفع العدد إلى 500 مؤسس تحت دعاوى تقليل الزحام الحزبي وتوحيد الأحزاب لم ينخرطوا في حياتهم في حزب، وليسوا معنيين بالأحزاب والحزبية ولا بالتنمية السياسية، بل أكاد أقول ولا حتى بالديمقراطية، وبعضهم يرى مهمته في التضييق على الحزبية وتقييدها وإغاظتها مثل ولد لقيط مكروه ومفروض، لإنقاذ الادعاء بالتعددية الديمقراطية.
رفع عدد المؤسسين لا يؤدي إلى اندماج الأحزاب وتقليل عددها. وقد وصل عدد الأحزاب المرخصة إلى 20 حزبا في ظل القانون القديم. ومن حيث المبدأ، فإن العدد المطلوب لتأسيس حزب سياسي يجب أن لا يزيد عن العدد المطلوب لتأسيس أي جمعية؛ فحق العمل السياسي يفترض أن يكون مكفولا لأي مجموعة من المواطنين أيا كان عددها.
لكن شروط العدد، والتوزيع على المحافظات، ومشاركة المرأة والشباب، كلها يمكن أن تنتقل إلى نظام الحوافز والتمويل العام. فمثلا، نقول يجب أن لا يقل العدد عن 500 للحصول على الحد الأدنى من التمويل العام الذي يتصاعد مع نسبة التحصيل في الانتخابات وحجم التمثيل البرلماني، وهذا ما تم الإشارة إليه بصورة طفيفة في القانون الذي ينص على إنشاء نظام للتمويل يحدد الحوافز والشروط.
الغد