2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

البلديات أنموذجا!

جميل النمري
جو 24 : هل لدى الحكومة، بل والدولة كلها، خطة عمل وخريطة طريق غير التعامل يوما بيوم، وبالأسلوب الخاص بمن "يصدف" وجوده في مواقع القرار؟! لا أظلم ولا أفتعل، فليس بين يدي أي أمثلة تفند هذا الانطباع، وتثبت وجود خريطة وخطة، وقضية البلديات هي أنموذج صارخ.
نعم، هناك اتجاهات مختلفة في أروقة القرار، أحدها مثلا ذاك الذي يكمن متربصا بكل فكرة إصلاحية للتآمر عليها ودحرها. وهذا النهج بطبيعته سلبي وإحباطي ووقتي، ينشط كلما لاحت ملامح مشروع يحمل تغييرا جوهريا. ومرة أخرى، فإن البلديات تمثل أنموذجا، هذا لكي نبقى بعيدين عن القضية الساخنة المركزية، وهي الانتخابات النيابية وقانونها والإصلاح الديمقراطي لمسألة الحكم.
لنقف عند قانون البلديات بمناسبة حصول الحكومة على فتوى من ديوان تفسير القوانين يسمح لها بتأجيل الانتخابات البلدية.
كما نعلم، فإن آخر انتخابات بلدية (العام 2007) كانت فضيحة مجلجلة بالتدخل الفظ وزج الجيش والتزوير. وقد وصلت البلديات خلال السنوات التالية إلى الحضيض، وانعكس ذلك في العجز عن تقديم خدمات جيدة ومتوازنة للبلديات المندمجة، ما خلق رأيا عاما يطالب بالفصل، ويعارض إلى درجة العصيان الذهاب إلى الانتخابات مع الدمج.
فشلت حكومة معروف البخيت ربيع العام الماضي في تقديم قانون بلديات عصري، كدفعة أولى من حساب مشروع الإصلاح، وقامت بتأجيل الانتخابات التي كان مفترضا أن تجرى في الربيع، إلى الصيف، ثم إلى الشتاء، وبقانون لم يتجرأ على التجديد الشامل الديمقراطي والاجتماعي. وقد تخلى مهادنو الحكومة عن مشروع المجالس المحلية الذي تفاهمنا عليه، وكان يحل مشكلة الدمج بطريقة ديمقراطية عصرية (بقاء البلديات موحدة لكن مع درجة عالية من اللامركزية، من خلال انتخاب مجلس محلي لكل بلدة وقرية له موازنة مقررة سلفا، ويتمتع بسلطات واسعة على الخدمات في حدود المنطقة).
وتواطأ الأعيان ضد مشروع المجالس المحلية وأحبطوه، وكانت النتيجة البدء في العملية الانتخابية بالقانون القديم، فوقعت انتفاضة شاملة أفشلت الانتخابات وأطاحت بحكومة البخيت. فهل اتعظت الحكومات اللاحقة؟! أبدا، لا حكومة عون الخصاونة ولا حكومة فايز الطراونة بعدها، فكان الحل الهروب مرة أخرى بتأجيل الانتخابات.
وزير البلديات يرى فقط أمامه مشكلة فنية. هو لا ينحاز للفصل ولا للدمج، ولم يطرح أي أفكار أو رؤية. هو يشترط إعطاءه المال الضروري إذا تقرر التجاوب مع طلبات الفصل، لأن الفصل يكلف كذا وكذا ماليا. وبما أن المال غير موجود لتحقيق الفصل، وهناك مخاوف أن يتمرد الناس على الانتخابات مع الدمج، فالحل هو التأجيل مرة أخرى! بسبب عدم الجاهزية، ومخاوف من عدم القدرة على إنجاز العمليتين الانتخابيتين على التوالي خلال أشهر قليلة.
إذن، عجز سياسي وإداري ما يزال يعطل منذ عام الانتخابات البلدية؛ فلا رؤية ولا جرأة ولا رغبة ولا قدرة على التغيير. أما الكفاءة والإبداع الوحيدان، فهما في إيجاد المداخل والمخارج القانونية للالتفاف على المشكلة. وبالفعل، فقد كنا قيدنا الحكومة بنص يلزمها بإجراء الانتخابات قبل 15/9/2012، فطلعت لنا بتفسير لنص آخر يتيح التأجيل. لكن ما هو المشروع الذي تريد الحكومة التأجيل من أجل إنجازه؟ لا شيء، فهي تؤجل فقط لأنها لا تملك أي مشروع.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news