البطالة.. البطالة
جميل النمري
جو 24 : منذ عقد ونصف العقد، والرقم الرسمي للبطالة في الأردن يراوح تحت نسبة 13 %؛ وسط خلاف دائم مع الهيئات غير الحكومية التي تطرح أرقاما أعلى، وجدل حول آلية الاحتساب يضعنا في حلقة مفرغة.
وتعطينا الأرقام الرسمية نصرا جميلا هذه الأيام؛ فقد تراجعت البطالة من 12.8 % في الربع الأول من العام الماضي، إلى 11.8 % في الربع الأول من هذا العام.
لكن منظمة العمل الدولية قدمت لنا رقما صادما لنسبة البطالة، هو 30 %. إذ بحسب المنظمة في تقرير أصدرته أول من أمس، فان معدل البطالة في الأردن "يزيد على متوسط معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27 % تقريبا"، وهو من أعلى المعدلات في العالم. لكن وزارة العمل ترد على لسان أمينها العام، حمادة أبو نجمة، بأن التقرير يتعلق بفئة الشباب فقط، وأن وضع الأردن على هذا الصعيد يقع ضمن النمط الطبيعي والمعدل العام.
لكننا لا نفهم ما يعني "النمط الطبيعي"! هل أن البطالة بين الشباب كانت دائما بهذا المعدل، وهو عادي وطبيعي؟! أخشى أننا بهذا الكلام نستمر في دفن رأسنا في الرمال، والتمويه على الحقيقة الخطيرة للبطالة. إذ ليكن أن هذه النسبة تتعلق بالشباب، فهي ليست طبيعية أبدا، وبحسب منظمة العمل الدولية فإنها تزيد عن ضعفي المتوسط العالمي!
إن الحكومات المتعاقبة فشلت في وضع سياسة فعالة لتوسيع فرص العمل؛ ومفتاح التقييم الذي يفترض اعتماده في كل عام وكل فصل من العام، هو مؤشر نمو الوظائف. ففي مرحلة معينة، عشنا ازدهارا اقتصاديا وهميا لم يبن وظائف دائمة، وانتفخ السوق المالي للأسهم، وشهدنا رواجا لشركات قابضة لم تسهم في إضافة أي فرص عمل حقيقية ودائمة، بل وفرت فقط فرصا لجمع أموال صغار الموفرين الذين صدقوا كذبة الشركات الجديدة التي تم تفريغها من أموال المساهمين وتفليسها، بإجبارها على شراء شركات أخرى لا تملك سوى الاسم، وبمبالغ طائلة.
قلنا إن الاعتراف بالمشكلة هو بداية الحل. ونعرف أننا لا نملك حلولا سحرية فورية. فمثلا، عندما نقول إن مخرجات التعليم لا تناسب سوق العمل، فإن هذا لا يعني انتظار تغيير النظام التعليمي (من يدري متى)، ضمن رؤية وخطة شاملتين متفق عليهما، يتم الالتزام بهما لسنوات طويلة مهما تغيرت الحكومات. ونحن شخصنا من زمن طويل حالة العزوف عن العمل اليدوي والحرفي وغير المكتبي الذي يشغله مئات الآلاف من الوافدين؛ ثم كأن هذا لا يكفي فيأتي مئات الآلاف من اللاجئين السوريين لشغل هذه الوظائف، وبأجور أقل من العمالة المصرية. وفي العادة، تستسلم وزارة العمل لضغوط الشركات وأرباب العمل في قطاعات كالإنشاءات والزراعة، باستحالة الاعتماد على العمالة المحلية.
إذن، واقع الحال أننا بلد يحتوي أعلى نسب بطالة، بينما تحتل العمالة الوافدة معظم قطاعات الأعمال غير الماهرة. وفي المقابل، تدفع الجامعات عشرات الآلاف من الخريجين الجدد إلى سوق لا تحتاجهم. والواقع أن الحكومات استسلمت دائما للأمر الواقع، وهي فشلت في الأخذ بمقترح جذري طرحناه غير مرة، وتبناه مجلس النواب؛ بالعودة إلى نظام خدمة العلم بالصبغة المدنية. وقد اقترحنا أن يقتصر تطبيقه على العاطلين عن العمل، فيما يعفى منه أو يؤجل لكل شخص يشغل وظيفة، بل ويمكن تسريح كل من يجد وظيفة فعلية ودائمة بدلالة تحقيق اشتراك في الضمان الاجتماعي.
على كل حال، ربما آن الأوان لصيغة وحيدة لتقييم الحكومات، وهي الإجراءات المعززة بالأرقام لخلق الوظائف وتقليص البطالة.
وتعطينا الأرقام الرسمية نصرا جميلا هذه الأيام؛ فقد تراجعت البطالة من 12.8 % في الربع الأول من العام الماضي، إلى 11.8 % في الربع الأول من هذا العام.
لكن منظمة العمل الدولية قدمت لنا رقما صادما لنسبة البطالة، هو 30 %. إذ بحسب المنظمة في تقرير أصدرته أول من أمس، فان معدل البطالة في الأردن "يزيد على متوسط معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27 % تقريبا"، وهو من أعلى المعدلات في العالم. لكن وزارة العمل ترد على لسان أمينها العام، حمادة أبو نجمة، بأن التقرير يتعلق بفئة الشباب فقط، وأن وضع الأردن على هذا الصعيد يقع ضمن النمط الطبيعي والمعدل العام.
لكننا لا نفهم ما يعني "النمط الطبيعي"! هل أن البطالة بين الشباب كانت دائما بهذا المعدل، وهو عادي وطبيعي؟! أخشى أننا بهذا الكلام نستمر في دفن رأسنا في الرمال، والتمويه على الحقيقة الخطيرة للبطالة. إذ ليكن أن هذه النسبة تتعلق بالشباب، فهي ليست طبيعية أبدا، وبحسب منظمة العمل الدولية فإنها تزيد عن ضعفي المتوسط العالمي!
إن الحكومات المتعاقبة فشلت في وضع سياسة فعالة لتوسيع فرص العمل؛ ومفتاح التقييم الذي يفترض اعتماده في كل عام وكل فصل من العام، هو مؤشر نمو الوظائف. ففي مرحلة معينة، عشنا ازدهارا اقتصاديا وهميا لم يبن وظائف دائمة، وانتفخ السوق المالي للأسهم، وشهدنا رواجا لشركات قابضة لم تسهم في إضافة أي فرص عمل حقيقية ودائمة، بل وفرت فقط فرصا لجمع أموال صغار الموفرين الذين صدقوا كذبة الشركات الجديدة التي تم تفريغها من أموال المساهمين وتفليسها، بإجبارها على شراء شركات أخرى لا تملك سوى الاسم، وبمبالغ طائلة.
قلنا إن الاعتراف بالمشكلة هو بداية الحل. ونعرف أننا لا نملك حلولا سحرية فورية. فمثلا، عندما نقول إن مخرجات التعليم لا تناسب سوق العمل، فإن هذا لا يعني انتظار تغيير النظام التعليمي (من يدري متى)، ضمن رؤية وخطة شاملتين متفق عليهما، يتم الالتزام بهما لسنوات طويلة مهما تغيرت الحكومات. ونحن شخصنا من زمن طويل حالة العزوف عن العمل اليدوي والحرفي وغير المكتبي الذي يشغله مئات الآلاف من الوافدين؛ ثم كأن هذا لا يكفي فيأتي مئات الآلاف من اللاجئين السوريين لشغل هذه الوظائف، وبأجور أقل من العمالة المصرية. وفي العادة، تستسلم وزارة العمل لضغوط الشركات وأرباب العمل في قطاعات كالإنشاءات والزراعة، باستحالة الاعتماد على العمالة المحلية.
إذن، واقع الحال أننا بلد يحتوي أعلى نسب بطالة، بينما تحتل العمالة الوافدة معظم قطاعات الأعمال غير الماهرة. وفي المقابل، تدفع الجامعات عشرات الآلاف من الخريجين الجدد إلى سوق لا تحتاجهم. والواقع أن الحكومات استسلمت دائما للأمر الواقع، وهي فشلت في الأخذ بمقترح جذري طرحناه غير مرة، وتبناه مجلس النواب؛ بالعودة إلى نظام خدمة العلم بالصبغة المدنية. وقد اقترحنا أن يقتصر تطبيقه على العاطلين عن العمل، فيما يعفى منه أو يؤجل لكل شخص يشغل وظيفة، بل ويمكن تسريح كل من يجد وظيفة فعلية ودائمة بدلالة تحقيق اشتراك في الضمان الاجتماعي.
على كل حال، ربما آن الأوان لصيغة وحيدة لتقييم الحكومات، وهي الإجراءات المعززة بالأرقام لخلق الوظائف وتقليص البطالة.