الصحة للجميع؟!
جميل النمري
جو 24 : الخدمة الصحية الحكومية للأردنيين قد تفوق، من حيث الاتساع، مثيلتها في بلدان متقدمة. وحتى من لا يملك أي تأمين، يحصل من الديوان الملكي أو الحكومة على إعفاء طبي للعلاج، كما يتمكن من إجراء أكثر العمليات كلفة في مستشفيات كبرى، مثل المدينة الطبية أو الجامعة الأردنية أو الملك المؤسس. لكن هذا الحرص على تقديم الرعاية الصحية والعلاج للجميع بدأ يعاني من أعراض التناقض بين الزيادة السكانية الضخمة والإمكانات الفعلية المتاحة، بحيث بتنا نشهد تدهورا نوعيا في كل مكان.
وإضافة إلى المكرمة الملكية بشمول جميع الأطفال تحت سن السادسة والكبار فوق الستين، بالتأمين الصحي؛ يقدم الديوان الملكي إعفاء لكل من يحتاجه ويطلبه من غير المؤمنين، بمن في ذلك مواطنون يعيشون في الخارج وأوضاعهم المادية حسنة، وقد تكلفهم العملية في مكان إقامتهم عشرات آلاف الدولارات، فيعودون إلى حضن الوطن الدافئ لإجرائها مجانا. والحقيقة ان تحميل الخدمات الطبية فوق طاقتها بدأ ينعكس على أدائها.
والحال ليست أحسن بالطبع فيما يتعلق بمرافق وزارة الصحة التي تعاني من نفس الضغط، ويحاول كل من يستطيع الهروب إلى مستشفيات أفضل من حيث الخدمة الفندقية، كمستشفى الجامعة والملك المؤسس وغيرهما. والتحويل إلى هذه المرافق يستهلك أموالا طائلة، ترهق الموازنة. وأصبحت ضغوط الواسطة للتحويل إلى هذه المرافق تشمل المؤمنين الذين لا يرون عدلا أن يستفيد غير المؤمنين من الإعفاءات لهذه المرافق، بينما هم الذين يدفعون اشتراك التأمين تبقى لهم المرافق الأدنى.
لا أعرف كم تبلغ الآن قيمة الإعفاءات الطبية بالمكرمة الملكية، أي عن طريق الديوان الملكي العامر، لكنها كانت تصل في سنوات سابقة إلى ما يقارب 140 مليون دينار سنويا. أما عن طريق الحكومة، فأعتقد أنها تصل إلى مبلغ مماثل. أي إن الإنفاق على غير المؤمنين ربما يتجاوز 300 مليون دينار. وهذا وضع غريب. إذ يمكن تحويل هذا المبلغ لتحسين المرافق الصحية، وإنشاء صندوق تأمين صحي لجميع غير المؤمَنين، وتوحيد جميع الشرائح تحت مظلة واحدة ومعاملة واحدة. ويمكن استيفاء نفس نسبة الرسوم التي يدفعها المؤمنون من غير الموظفين والعسكريين، وإشراكهم جميعا بالتأمين الصحي. كما يمكن إنهاء هذا التفاوت بين المستشفيات العامة بضم مستشفى الجامعة ومستشفى الملك المؤسس إلى المستشفيات الحكومية، أو جعلها بنظام خاص موحد مع جميع المستشفيات الحكومية، على غرار مستشفى الأمير حمزة.
ومع تأمين صحي باشتراك معتدل لجميع المواطنين، وكذلك لمشتركي الضمان الاجتماعي، يمكن افتراض أن جميع المواطنين بلا استثناء سيكونون مشمولين بالتأمين الصحي، ومنهم بالطبع الفئة المقتدرة التي تفضل التأمين لدى شركات التأمين في القطاع الخاص، ويصبح الإنفاق الصحي موحدا. ويمكن عقد اتفاقيات شراكة مع مستشفيات القطاع الخاص، لكن يجب تدفيع المشترك نسبة مهما كانت محدودة على كل خدمة صحية، بما في ذلك صرف الأدوية، مع وجود شبكة وطنية ونظام معلومات موحد على الإنترنت لترشيد الخدمة ووقف الهدر وضبط صرف الأدوية وتحسين الرقابة.
لن نوقف الهدر ونحسن الخدمة من دون الأخذ بهذا. وكل هذه الأفكار ليست جديدة، لكنها تنتظر الإرادة والعزيمة للتنفيذ!
الغد
وإضافة إلى المكرمة الملكية بشمول جميع الأطفال تحت سن السادسة والكبار فوق الستين، بالتأمين الصحي؛ يقدم الديوان الملكي إعفاء لكل من يحتاجه ويطلبه من غير المؤمنين، بمن في ذلك مواطنون يعيشون في الخارج وأوضاعهم المادية حسنة، وقد تكلفهم العملية في مكان إقامتهم عشرات آلاف الدولارات، فيعودون إلى حضن الوطن الدافئ لإجرائها مجانا. والحقيقة ان تحميل الخدمات الطبية فوق طاقتها بدأ ينعكس على أدائها.
والحال ليست أحسن بالطبع فيما يتعلق بمرافق وزارة الصحة التي تعاني من نفس الضغط، ويحاول كل من يستطيع الهروب إلى مستشفيات أفضل من حيث الخدمة الفندقية، كمستشفى الجامعة والملك المؤسس وغيرهما. والتحويل إلى هذه المرافق يستهلك أموالا طائلة، ترهق الموازنة. وأصبحت ضغوط الواسطة للتحويل إلى هذه المرافق تشمل المؤمنين الذين لا يرون عدلا أن يستفيد غير المؤمنين من الإعفاءات لهذه المرافق، بينما هم الذين يدفعون اشتراك التأمين تبقى لهم المرافق الأدنى.
لا أعرف كم تبلغ الآن قيمة الإعفاءات الطبية بالمكرمة الملكية، أي عن طريق الديوان الملكي العامر، لكنها كانت تصل في سنوات سابقة إلى ما يقارب 140 مليون دينار سنويا. أما عن طريق الحكومة، فأعتقد أنها تصل إلى مبلغ مماثل. أي إن الإنفاق على غير المؤمنين ربما يتجاوز 300 مليون دينار. وهذا وضع غريب. إذ يمكن تحويل هذا المبلغ لتحسين المرافق الصحية، وإنشاء صندوق تأمين صحي لجميع غير المؤمَنين، وتوحيد جميع الشرائح تحت مظلة واحدة ومعاملة واحدة. ويمكن استيفاء نفس نسبة الرسوم التي يدفعها المؤمنون من غير الموظفين والعسكريين، وإشراكهم جميعا بالتأمين الصحي. كما يمكن إنهاء هذا التفاوت بين المستشفيات العامة بضم مستشفى الجامعة ومستشفى الملك المؤسس إلى المستشفيات الحكومية، أو جعلها بنظام خاص موحد مع جميع المستشفيات الحكومية، على غرار مستشفى الأمير حمزة.
ومع تأمين صحي باشتراك معتدل لجميع المواطنين، وكذلك لمشتركي الضمان الاجتماعي، يمكن افتراض أن جميع المواطنين بلا استثناء سيكونون مشمولين بالتأمين الصحي، ومنهم بالطبع الفئة المقتدرة التي تفضل التأمين لدى شركات التأمين في القطاع الخاص، ويصبح الإنفاق الصحي موحدا. ويمكن عقد اتفاقيات شراكة مع مستشفيات القطاع الخاص، لكن يجب تدفيع المشترك نسبة مهما كانت محدودة على كل خدمة صحية، بما في ذلك صرف الأدوية، مع وجود شبكة وطنية ونظام معلومات موحد على الإنترنت لترشيد الخدمة ووقف الهدر وضبط صرف الأدوية وتحسين الرقابة.
لن نوقف الهدر ونحسن الخدمة من دون الأخذ بهذا. وكل هذه الأفكار ليست جديدة، لكنها تنتظر الإرادة والعزيمة للتنفيذ!
الغد