2024-11-20 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ما العمل من أجل غزة؟!

جميل النمري
جو 24 : ليس هناك أكثر نذالة من مساواة الضحية بالجلاد في الموقف الأميركي، وموقف مجلس الأمن الذي يطلب من الطرفين وقف العنف وإطلاق النار. بل إن الموقف الأميركي يذهب إلى ذروة لا أخلاقية؛ بتبرئة الإسرائيليين، ووضع الحق إلى جانبهم بالدفاع عن النفس، لأنه "ليس هناك دولة تقبل أن تُقصف بالصواريخ ولا ترد".
طيب، من بدأ العدوان والقصف؟ وما هو تناسب القوة التدميرية للنار من الطرفين؟ صواريخ "حماس" لم تقتل حتى الآن شخصا واحد، بينما إسرائيل قتلت أكثر من 150 فلسطينيا، بينهم النساء والأطفال، وجرحت أكثر من سبعمائة آخرين، ودمرت وخربت مئات المنازل والمؤسسات. ويعرف الأميركيون والعالم أجمع أن قوة الرد من الجانب الفلسطيني لا تردع ولا توازن القوة الإسرائيلية، بل هي تعطي فقط الغطاء الشكلي لافتراض أن هناك اشتباكا بين قوتين عسكريتين، وليس عدوانا ومجزرة يقوم بهما المحتل بحق شعب تحت الاحتلال.

هل كان على "حماس" والقوى الفلسطينية الأخرى أن تسكت ولا تردّ، حتى لا تعطي الذريعة لإسرائيل؟! هذا أيضا مستحيل. ولو كنا نعلم أن إسرائيل ترد فقط، لطلبنا من "حماس" بالتأكيد أن لا ترد. لكن الإسرائيليين هم المعتدون، والذين يمارسون الاستفزاز الإجرامي تجاه الفلسطينيين. وهم قبل ذلك في طريق البحث عن المخطوفين الثلاثة من المستوطنين، قتلوا 25 فلسطينيا، واعتقلوا المئات. وإذا كان قتل المستوطنين الشباب الثلاثة عملا وحشيا، فماذا عن التعذيب الوحشي للشاب اليافع محمد أبوخضير، ثم إحراقه حيا؟!.

الحقيقة أن إسرائيل جعلت غزة حقل رماية مفتوحا، بقوة نيران لا حدود لها، وبلا حساب للمجازر التي يسببها القصف. وهي خططت ورتبت للعدوان الذي ستكرره من حين لآخر، لامتحان تطور تسلح "حماس" والقوى الأخرى، ونوعية الترسانة الموجودة لديها، وإعادة تحجيمها. هذا إلى جانب الهدف السياسي المتمثل في ضرب المصالحة الفلسطينية، وقطع الطريق على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وعلى ترتيبات إعادة اللحمة ووحدة الوطن الفلسطيني. فإسرائيل تعرف أنها تضعف السلطة الفلسطينية وتدمر مكانتها وتضعها في حرج شديد، وتعيد خلط الأوراق التي بدأت القوى الفلسطينية بترتيبها وفق مسار معين، لفرض دولة الأمر الواقع الفلسطيني المعترف بها دوليا وبنضالها من أجل إنهاء الاحتلال.

نحن نجد أنفسنا مجددا يأكلنا القهر والغضب، بلا حول ولا قوة، ونحن نرى أن القوة هي الوسيلة الوحيدة لردع العدوان ومن يعطي الغطاء للعدوان، بينما ليس لدينا سوى المساجلة بالحق واستمطار الدعوات على المحتل وشتم المجتمع الدولي المنافق والكاذب. وينظر المرء إلى الاحتجاجات والمظاهرات التي تحركت في كل مكان وهي جيدة وضرورية، لكنه يتساءل ما إذا كانت تستطيع أن تفعل أكثر مما فعلته مظاهرات التنديد في اعتداءات سابقة.

وتعود لتطرح نفسها الأسئلة ذاتها عن الردّ الممكن؛ مثل أن تحل "السلطة" نفسها وتسلم عهدتها للاحتلال، حتى لا تكون مجرد غطاء له، تعفيه من مسؤولياته الإدارية والأمنية. لكن بمناقشة هذا الخيار بعقل بارد، نجد تحفظات منطقية ومشروعة عليه، وربما الاستحالة الواقعية لتنفيذه. فالإدارة الفلسطينية الذاتية مكسب متحقق، لا يتناقض مع أي موقف سياسي يمكن اعتماده، بما في ذلك اعتبار اتفاقية أوسلو منتهية، والسلطة الفلسطينية تتصرف الآن خارج نطاق الاتفاقية، وتبني المؤسسات غير المنصوص عليها فيها.

الردّ الواقعي الوحيد ليس ترك الفلسطينيين وحدهم، بل قرار عربي جذري بوضع إسرائيل بين خيارين؛ إما وقف العدوان وانهاء الاحتلال وتحقيق سلام عادل ودائم، أو إلغاء كل اتفاقيات السلام معها.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير