لماذا يطفئ الرئيس السراج الذي أضاءه الملك؟!
يوشك رئيس الوزراء فايز الطراونة أن يطفئ نور السراج الذي أوقده الملك وأحيا أملنا بالتغيير! فالرئيس يتمترس على الصوت الواحد، واقتصار التغيير الذي طلبه الملك على زيادة مقاعد القائمة الوطنية. والزيادة في عدد مقاعد القائمة الوطنية لا علاقة له إطلاقا بالإصلاح، بل هو آلية بديلة لتعويض مناطق "الكثافة السكانية" (أو الأردنيين من أصل فلسطيني) بالمقاعد بعد أن تم تثبيت مقاعد الدوائر كما هي في السابق وفي صلب القانون، كحقوق مكتسبة من قبل النواب، وبرضى وتشجيع رئيس الوزراء.
إن قضية الإصلاح السياسي وقانون الانتخاب تمركزت في النهاية حول شيء واحد، هو تجاوز الصوت الواحد. فقد أجمعت لجنة الحوار الوطني على هذا المبدأ، ووافق الجميع عليه من رأس هرم السلطة إلى جميع المؤسسات، وكانت المشكلة فقط في التوافق على البديل. وقد اختارت لجنة الحوار الوطني البديل الأجود، وهو "القوائم المفتوحة في المحافظات". لكن حكومة معروف البخيت كان لها رأي آخر هو النظام الفردي بـ3 أصوات في الدائرة، ثم حكومة عون الخصاونة "صوتان في الدائرة". ولم يخطر على بالنا أبدا أنه سيأتي بعدهم من يعيدنا إلى الصوت الواحد.
إن إعطاء الناخب صوتين بدلا من صوت واحد في الدائرة بات هو الحدّ الأدنى المشترك لجميع القوى السياسية والاجتماعية، ويمكن بالتأكيد دفع الإسلاميين للموافقة حتى لو كانوا حتى الآن يتمنعون. لكن "السلطة الحاكمة" لا تريد أن تنزل ولو خطوة واحدة! ولعمري أن هذا هو العجب بعينه، ومن حق الشعب أن "يزمجر" (حسب تعبير الرئيس الطراونة) في وجه الحكومة على هذا التعنت في زمن الربيع العربي ودروس الثورات من حولنا. وكما أرى، فجميع المثقفين الأردنيين والفاعليات السياسية والنقابية والإعلامية تشعر بالخيبة وبطعم الخديعة في هذه العودة البائسة إلى الصوت الواحد.
أما بالنسبة لقوائم التمثيل النسبي الوطنية، فإننا نتعجب من الإصرار على أن تكون مغلقة! وكأن الهدف تفشيلها! ففتحها يتيح للأحزاب والقوى والشخصيات بكل يسر الائتلاف والتلاقي في قائمة مشتركة، تمثل تيارا عاما، ما دام الجميع لديه فرصة عادلة للمنافسة على تمثيل القائمة بقدر ما يجلب لها من أصوات. إن هذا يجعل السبعة والعشرين مرشحا، وهم من شتى مناطق المملكة، يشتغلون للقائمة في مناطقهم بكل جهد و"من قلب ورب"، لكن من سيعمل لقائمة أو حتى يبقى فيها إذا كان ترتيبه المقرر سلفا ليس الأول أو الثاني؟! وقد اقترحنا حلا بسيطا؛ أن تترك الحرية للقوائم نفسها أن تكون مغلقة أو مفتوحة حسب حاجتها.
في النهاية، نكرر أن الحد الأدنى للتوافق هو صوتان في الدائرة (أو المحافظة) وصوت لقائمة وطنية "مفتوحة". والكرة في ملعب الحكومة أن تتقي الله في البلد، فتتواضع وتفهم أو.. تدير الظهر وتأخذنا إلى أزمة لا نعرف مداها!
jamil.nimri@alghad.jo
(الغد)