أداة للتصحيح سوف تهدر
جميل النمري
جو 24 : النقاش حول قانون ضريبة الدخل قطع الشوط الأكبر في اللجنة الاقتصادية النيابية، وبات واضحا أن الاتجاه السائد سيهدر الفرصة التاريخية لتصحيح اقتصادي جديد يقوم على مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي، كما يعاكس المبدأ الدستوري للتصاعدية في ضريبة الدخل، وكذلك فكرة إعادة التوازن بين ضريبتي الدخل والمبيعات.
الاتجاه السائد في اللجنة، ومع الأسف، هو نفسه اتجاه الرأسمال الذي يريد دائما أن يدفع أقل وأقل، بحجج دعم الاستثمار. ولن نحاجج هذه الأطروحة، فلدينا وقائع دامغة تشير إلى أن الضريبة هي آخر المعيقات، وأن ما يطرد الاستثمار هو التعقيدات البيروقراطية وطول الإجراءات وضعف الحماية والأمان القانوني، وأخيرا الفساد وابتزاز نافذين.
الموقف من ضريبة الدخل هو في الحقيقة مسألة مصالح، ومن يملك أكثر يريد أن يدفع أقل، بتعويم طريقة الدفع باعتماد الرسوم المختلفة وضريبة المبيعات كمصدر رئيس لدخل الموازنة. ومع أن الفقراء ومتوسطي الدخل معفيون من ضريبة الدخل، فإنهم يدفعون حصتهم العادلة من خلال ضريبة المبيعات؛ فنفقاتهم التي تعادل أو تزيد على رواتبهم، تتضمن نسبة لا تقل عن 20 % من ضريبة المبيعات، وبقية الضرائب والرسوم على السلع والخدمات. ونحن بحاجة إلى عوائد لا تقل عن مليار دينار إضافية من الدخل لتخفيض العجز إلى حد معقول؛ فهل نحصلها بمزيد من رفع أسعار السلع والرسوم، أم نأخذها من فائض دخل الأكثر ثراء؟
حسب تقديرات دراسة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، فإن الخزينة تخسر أكثر من ملياري دينار نتيجة التهرب الضريبي والتخفيضات القانونية. ونحن نعرف أن كل قطاعات العمل الحر تتهرب من دون مسؤولية كبيرة، من النسبة العظمى من حصتها الضريبية الحقيقية والعادلة من ضريبة الدخل ومن ضريبة المبيعات. لكن التوجه السائد لا يريد أن يقدم معالجة جريئة لهذه القضية. وقد كان الإعفاء الموحد بقيمة 24 ألف دينار للزوجين، مقابل إلغاء الإعفاءات على مصاريف التعليم والصحة والسكن.. إلخ، قد ساهم بصورة حاسمة في تسهيل التهرب الضريبي؛ فالمستشفى والطبيب مثلا لا يحتاجان إعطاء فواتير صحيحة ما دام المواطن لا يحتاجها لحسمها من دخله الخاضع للضريبة.
ونحن نقترح أن يكون الإعفاء الأولي الموحد متواضعا، ثم تضاف كل النفقات الكبيرة داخل البلد، بما فيها الصحة والتعليم، على أساس الفواتير المقدمة للنفقات. فيكون هناك مصلحة للمواطن في طلب فواتير لكل نفقاته، تجبر الطرف المقابل على تقديم كشوف حقيقة بمبيعاته ودخله. والحجة ضد هذه الفكرة أنها صعبة التطبيق، وتحتاج إلى جهاز إداري كبير. لكن يمكن أن نبدأ على هذه الطريق، ونطور نظام محاسبة وفوترة موحد لغايات الضريبة في كل مكان. وبالإصرار على ذلك، نخلق ثقافة التسجيل والمحاسبة والشفافية في التجارة والأعمال.
كذلك، يستمر التوجه القديم بعدم مس أرباح الأصول العقارية والأسهم والسندات وغيرها من الضريبة، وهي مصادر رئيسة كبرى للربح. فلماذا إعفاء تجارة الأراضي من ضريبة الدخل، وهي أعظم مصدر للربح والإثراء؛ وكذلك الأسهم والسندات؟ في دول أخرى، هناك ضريبة على الثروة بذاتها. وإذا أردنا أن يساهم المجتمع في انتشال البلد من الهاوية الاقتصادية والمالية، فما المانع من فرض ضريبة عامة بنسبة واحد بالمائة على الثروة من الأموال المنقولة وغير المنقولة كافة؟
كان تصورنا للإصلاح الضريبي الوصول بضريبة الدخل إلى نسبة مساوية لضريبة المبيعات. لكن يبدو أننا نذهب باتجاه نقيض للإصلاح، يعيدنا إلى نقطة الصفر. ولا أرى عادلا أن يكون ما سيقدم إلى البرلمان هو نتاج عمل وجهة نظر واحدة. وللحديث صلة.
الغد
الاتجاه السائد في اللجنة، ومع الأسف، هو نفسه اتجاه الرأسمال الذي يريد دائما أن يدفع أقل وأقل، بحجج دعم الاستثمار. ولن نحاجج هذه الأطروحة، فلدينا وقائع دامغة تشير إلى أن الضريبة هي آخر المعيقات، وأن ما يطرد الاستثمار هو التعقيدات البيروقراطية وطول الإجراءات وضعف الحماية والأمان القانوني، وأخيرا الفساد وابتزاز نافذين.
الموقف من ضريبة الدخل هو في الحقيقة مسألة مصالح، ومن يملك أكثر يريد أن يدفع أقل، بتعويم طريقة الدفع باعتماد الرسوم المختلفة وضريبة المبيعات كمصدر رئيس لدخل الموازنة. ومع أن الفقراء ومتوسطي الدخل معفيون من ضريبة الدخل، فإنهم يدفعون حصتهم العادلة من خلال ضريبة المبيعات؛ فنفقاتهم التي تعادل أو تزيد على رواتبهم، تتضمن نسبة لا تقل عن 20 % من ضريبة المبيعات، وبقية الضرائب والرسوم على السلع والخدمات. ونحن بحاجة إلى عوائد لا تقل عن مليار دينار إضافية من الدخل لتخفيض العجز إلى حد معقول؛ فهل نحصلها بمزيد من رفع أسعار السلع والرسوم، أم نأخذها من فائض دخل الأكثر ثراء؟
حسب تقديرات دراسة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، فإن الخزينة تخسر أكثر من ملياري دينار نتيجة التهرب الضريبي والتخفيضات القانونية. ونحن نعرف أن كل قطاعات العمل الحر تتهرب من دون مسؤولية كبيرة، من النسبة العظمى من حصتها الضريبية الحقيقية والعادلة من ضريبة الدخل ومن ضريبة المبيعات. لكن التوجه السائد لا يريد أن يقدم معالجة جريئة لهذه القضية. وقد كان الإعفاء الموحد بقيمة 24 ألف دينار للزوجين، مقابل إلغاء الإعفاءات على مصاريف التعليم والصحة والسكن.. إلخ، قد ساهم بصورة حاسمة في تسهيل التهرب الضريبي؛ فالمستشفى والطبيب مثلا لا يحتاجان إعطاء فواتير صحيحة ما دام المواطن لا يحتاجها لحسمها من دخله الخاضع للضريبة.
ونحن نقترح أن يكون الإعفاء الأولي الموحد متواضعا، ثم تضاف كل النفقات الكبيرة داخل البلد، بما فيها الصحة والتعليم، على أساس الفواتير المقدمة للنفقات. فيكون هناك مصلحة للمواطن في طلب فواتير لكل نفقاته، تجبر الطرف المقابل على تقديم كشوف حقيقة بمبيعاته ودخله. والحجة ضد هذه الفكرة أنها صعبة التطبيق، وتحتاج إلى جهاز إداري كبير. لكن يمكن أن نبدأ على هذه الطريق، ونطور نظام محاسبة وفوترة موحد لغايات الضريبة في كل مكان. وبالإصرار على ذلك، نخلق ثقافة التسجيل والمحاسبة والشفافية في التجارة والأعمال.
كذلك، يستمر التوجه القديم بعدم مس أرباح الأصول العقارية والأسهم والسندات وغيرها من الضريبة، وهي مصادر رئيسة كبرى للربح. فلماذا إعفاء تجارة الأراضي من ضريبة الدخل، وهي أعظم مصدر للربح والإثراء؛ وكذلك الأسهم والسندات؟ في دول أخرى، هناك ضريبة على الثروة بذاتها. وإذا أردنا أن يساهم المجتمع في انتشال البلد من الهاوية الاقتصادية والمالية، فما المانع من فرض ضريبة عامة بنسبة واحد بالمائة على الثروة من الأموال المنقولة وغير المنقولة كافة؟
كان تصورنا للإصلاح الضريبي الوصول بضريبة الدخل إلى نسبة مساوية لضريبة المبيعات. لكن يبدو أننا نذهب باتجاه نقيض للإصلاح، يعيدنا إلى نقطة الصفر. ولا أرى عادلا أن يكون ما سيقدم إلى البرلمان هو نتاج عمل وجهة نظر واحدة. وللحديث صلة.
الغد








