تقاعد النواب والوزراء: تشويه على تشويه
جميل النمري
جو 24 : لم أصوّت مع الصيغة المقترحة لتقاعد النواب والوزراء في الجلسة المشتركة لمجلس الأمّة أمس. ولم أكنْ قد صوتّ مع القانون المعدل كما خرج من مجلس النواب في المرة الأولى. ولم أكن مع المشروع المعدل كما ورد من الحكومة.
المشكلة بدأت بالقانون كما ورد من الحكومة؛ فبدلا من معالجة جذرية تقدم نظاما حديثا ومعقولا للتقاعد يقبله المنطق والنظام والرأي العام، لجأت الحكومة إلى مكياج يخلق تشوهات وفجوات إضافية. ولنعد إلى المحطات الرئيسة في القصّة:
بادر النواب في العام 1999 إلى تشريع قانون معدل رقم 7 لقانون التقاعد المدني، يعطي للنواب التقاعد بغض النظر عن فترة الخدمة مع تغيير الحسبة التقاعدية، وأيضا الجمع بين راتب النائب والتقاعد عن أي خدمة سابقة في الدولة، وكذلك الجمع بين التقاعد عن النيابة السابقة وراتب النيابة القائمة. وهو ما أثار استياء مستمرا لدى الرأي العام.
قامت حكومة سمير الرفاعي في العام 2010 بإلغاء هذه التعديلات بقانون مؤقت في غياب مجلس النواب، من دون أن تقدم بديلا جديدا متوازنا، فقام المجلس الماضي (السادس عشر) بردّ القانون المؤقت الموجود لديه، بما يعني إبقاء قانون العام 1999، وكان الأصح التفاهم مع الحكومة على مشروع قانون جديد أكثر منطقية وتوازنا. وكانت النتيجة أن جلالة الملك رفض التصديق على ردّ القانون المؤقت، ووجّه الحكومة إلى تقديم مشروع قانون جديد معدل.
قامت الحكومة بتقديم مشروع قانون معدل لمجلس النواب الحالي، يفترض خدمة سبع سنوات حكومية (تحسب من ضمنها فترة النيابة أو العينية) للحصول على التقاعد. وأضاف النواب على مشروع الحكومة مبدأ المساواة بين تقاعد النائب والوزير، والجمع بين الراتب والتقاعد؛ أي نفس ما كان في قانون 1999. واختلف الأعيان مع النواب على المساواة بين تقاعد النائب والوزير، ثم تم التفاهم بتثبيت المساواة في المقترح المشترك الذي صوت عليه النواب والأعيان أمس. وبذلك، فإن التغيير الوحيد الجديد الذي طرأ هو حاجة النائب أو العين لأن يكون قد خدم حكوميا السنوات الإضافية الضرورية إذا لم تكن خدمة النيابة تغطي 7 سنوات، أكان من خلال التقاعد المدني أو اشتراك الضمان الاجتماعي الذي تحول إليه جميع موظفي الدولة. وهنا يظهر الخلل الإضافي؛ فسنوات الاشتراك بالضمان الاجتماعي مهما بلغت لا تحتسب إلا إذا كانت في القطاع العام.
لا أريد الادّعاء بأي مواقف شعبوية، فأنا لا أعارض أن يكون للنواب والأعيان والوزراء تقاعد، لكن ليس بهذه الطريقة غير العادلة وغير المنطقية. ولا يجوز من دون جميع مؤسسات الدولة أن يكون هناك جمع بين الراتب والتقاعد عن الوظيفة نفسها؛ فهذا تشوه لا يمكن تبريره وتسويقه أمام الرأي العام.
كان يمكن التفكير بنظام مختلف جوهريا. ابتداء، يجب الكف عن التحايل على معنى ما يحصل عليه النائب؛ هل هو مكافأة أم راتب. فإذا كنا نريد التقاعد، فيجب اعتباره راتبا، وفي هذه الحالة يحال تقاعد النواب والأعيان والوزراء إلى نظام الضمان الاجتماعي، ويتم الاقتطاع من رواتبهم على هذا الأساس، وتستكمل به السنوات السابقة لاشتراك الضمان الاجتماعي، ويمكن إعطاء ميزات إضافية في الحسبة التقاعدية تغطيها الحكومة. هذه كانت وجهة نظري في البرلمان السادس عشر وهي كذلك الآن. والقانون الجديد حتى لو أصبح نافذا بمصادقة جلالة الملك، فيجب أن نعيد الكَرّة بفتحه، وتقديم صيغة جديدة عادلة ودائمة ومقنعة للضمير العام.
(الغد)
المشكلة بدأت بالقانون كما ورد من الحكومة؛ فبدلا من معالجة جذرية تقدم نظاما حديثا ومعقولا للتقاعد يقبله المنطق والنظام والرأي العام، لجأت الحكومة إلى مكياج يخلق تشوهات وفجوات إضافية. ولنعد إلى المحطات الرئيسة في القصّة:
بادر النواب في العام 1999 إلى تشريع قانون معدل رقم 7 لقانون التقاعد المدني، يعطي للنواب التقاعد بغض النظر عن فترة الخدمة مع تغيير الحسبة التقاعدية، وأيضا الجمع بين راتب النائب والتقاعد عن أي خدمة سابقة في الدولة، وكذلك الجمع بين التقاعد عن النيابة السابقة وراتب النيابة القائمة. وهو ما أثار استياء مستمرا لدى الرأي العام.
قامت حكومة سمير الرفاعي في العام 2010 بإلغاء هذه التعديلات بقانون مؤقت في غياب مجلس النواب، من دون أن تقدم بديلا جديدا متوازنا، فقام المجلس الماضي (السادس عشر) بردّ القانون المؤقت الموجود لديه، بما يعني إبقاء قانون العام 1999، وكان الأصح التفاهم مع الحكومة على مشروع قانون جديد أكثر منطقية وتوازنا. وكانت النتيجة أن جلالة الملك رفض التصديق على ردّ القانون المؤقت، ووجّه الحكومة إلى تقديم مشروع قانون جديد معدل.
قامت الحكومة بتقديم مشروع قانون معدل لمجلس النواب الحالي، يفترض خدمة سبع سنوات حكومية (تحسب من ضمنها فترة النيابة أو العينية) للحصول على التقاعد. وأضاف النواب على مشروع الحكومة مبدأ المساواة بين تقاعد النائب والوزير، والجمع بين الراتب والتقاعد؛ أي نفس ما كان في قانون 1999. واختلف الأعيان مع النواب على المساواة بين تقاعد النائب والوزير، ثم تم التفاهم بتثبيت المساواة في المقترح المشترك الذي صوت عليه النواب والأعيان أمس. وبذلك، فإن التغيير الوحيد الجديد الذي طرأ هو حاجة النائب أو العين لأن يكون قد خدم حكوميا السنوات الإضافية الضرورية إذا لم تكن خدمة النيابة تغطي 7 سنوات، أكان من خلال التقاعد المدني أو اشتراك الضمان الاجتماعي الذي تحول إليه جميع موظفي الدولة. وهنا يظهر الخلل الإضافي؛ فسنوات الاشتراك بالضمان الاجتماعي مهما بلغت لا تحتسب إلا إذا كانت في القطاع العام.
لا أريد الادّعاء بأي مواقف شعبوية، فأنا لا أعارض أن يكون للنواب والأعيان والوزراء تقاعد، لكن ليس بهذه الطريقة غير العادلة وغير المنطقية. ولا يجوز من دون جميع مؤسسات الدولة أن يكون هناك جمع بين الراتب والتقاعد عن الوظيفة نفسها؛ فهذا تشوه لا يمكن تبريره وتسويقه أمام الرأي العام.
كان يمكن التفكير بنظام مختلف جوهريا. ابتداء، يجب الكف عن التحايل على معنى ما يحصل عليه النائب؛ هل هو مكافأة أم راتب. فإذا كنا نريد التقاعد، فيجب اعتباره راتبا، وفي هذه الحالة يحال تقاعد النواب والأعيان والوزراء إلى نظام الضمان الاجتماعي، ويتم الاقتطاع من رواتبهم على هذا الأساس، وتستكمل به السنوات السابقة لاشتراك الضمان الاجتماعي، ويمكن إعطاء ميزات إضافية في الحسبة التقاعدية تغطيها الحكومة. هذه كانت وجهة نظري في البرلمان السادس عشر وهي كذلك الآن. والقانون الجديد حتى لو أصبح نافذا بمصادقة جلالة الملك، فيجب أن نعيد الكَرّة بفتحه، وتقديم صيغة جديدة عادلة ودائمة ومقنعة للضمير العام.
(الغد)