2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حتى لا يعيد التاريخ نفسه

د. قيس جمال الخلفات
جو 24 :

من رحم التباين بين محافظات المملكة في الموارد والعوائد التنموية، ومن وقع الصدى المنبعث من الفجوة التي تفصل ما بين الخطط التنموية والمشروعات التي يُعتقَد بأنها ترجمةٌ فعالة لما جاءت به هذه الخطط جاء القرار بإنشاء صندوق تنمية المحافظات ليكون المعادلة التي تقلل من حدود التباين والجسر الذي يصل الخطط بالمشروعات التي تنفذ على الأرض.

إطلاق الصندوق في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها وطننا يستدعي وقفة مراجعة لمسيرتنا التنموية والدروس المستفادة منها حتى لا يُعيد التاريخ نفسه ونجد أنفسنا نُعيد ونجدد نمطاً مجرباً عهدناه في إدارة عمليات التنمية دونما أن نلمس نمواً حقيقيا في النتائج والأثر، حريٌّ بنا أن نعتبر من دروس الماضي لتجارب لم يحالفها الحظ والإدارة السليمة والمنهجية الرصينة.

المراجعة المنشودة تعني الوقوف على محاور مفصلية ينبغي العمل عليها قبل المباشرة بالأعمال والتي تنطوي على وضع رؤيا ورسالة الصندوق والخطة الاستراتيجية التي ستوجه أعماله وتنظم موارده وتحدد برامجه ونشاطاته وما يتصل بذلك من دراسة "إكتوارية" لإدارة رأس المال العامل وإدارة العائد على الاستثمار والتدفقات النقدية الداخلة إليه والخارجه منه، ليصار بعد ذلك إلى وضع الهيكل التنظيمي الذي يلبي توقعات الخطة الاستراتيجية ويسهل على فريق العمل أداء مهامه واتباع المنهجية والإجراءات الناظمة لسير العمل، كما وتتطلب المراجعة تصميم المنهجية والأدوات الخاصة بتحديد الاحتياجات التنموية للمحافظات وقراءة خرائطها التنموية التي تعكس الموارد والأصول الثابتة وحالة البنية التحتية ومستوى الخدمات الأساسية فيها ولأجل ذلك يتعين على الصندوق تحديد الكفايات الوظيفية التي تتطلبها مهام العمل في أعضاء فريق العمل ليتم اختيارهم وتدريبهم بالاعتماد عليها.

ومن المفترض أن يكون لفريق العمل في إدارة الصندوق فريقاً مناظراً في الميدان وهذا الأخير يحتاج إلى أسس ومعايير لاختياره واعتماده ومن ثم تدريبه من خلال برنامج تدريبي مهني ومتخصص في منهجيات التخطيط التنموي وقراءة الخريطة التنموية للمحافظة والاستفادة من نتائج مراجعة تاريخ العمل التنموي فيها، وتحديد الموارد والأصول المجتمعية، وكل ما يتعلق بإدارة عمليات التنمية، وترتيب الأولويات التنموية وفقاً للخصائص الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية للمحافظة بالاعتماد على مدرج تفضيلي يتسلسل بالأولويات بموجب أوزان قيمية تحدد الأهمية النسبية لكل احتياج تنموي.

وحتى يضمن الصندوق الالتزام بمنهجية وإجراءات العمل والخطة الاستراتيجية كان لا بد من وجود نظام لضمان وضبط جودة الإجراءات والمخرجات والتعليمات والسياسات الناظمة بما يكفل أعلى درجات الشفافية والمساءلة التي تنشأ عن نظام محكم للمتابعة والتقييم.

إن ما سلف يرمي إلى أن يأخذ الصندوق حقه من التأسيس وأن يمكّن بالخطة الاستراتيجية والمنهجية والأدوات والسياسات وفريق العمل المؤهل مركزياً وميدانياً، وأن يحكم إدارة موارده نظام يكفل له الاستدامة والقدرة على إحداث التنمية المرغوبة.

إن تجاربنا السابقة في هذا السياق لم تراعِ جميع محاور التأسيس المتكامل لمؤسسات إدارة التنمية فجاءت النتائج على غير ما نتوقع ونطمح، وحتى لا يُعيد التاريخ نفسه علينا وفي الوقت المناسب وبحرصٍ شديد أن نُعدّ أنفسنا جيداً لخوض هذا الغمار الذي ترقبه عيون الملايين وتحفه عناية سيد البلاد فلا نفقد الفرصة السانحة والإدارة العازمة حتى لا نكون - لا قدّر الله – ممن استعجل الأمر قبل أوانه فعوقب بحرمانه.

qkhalafat@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير