البلطجة والفساد بدل المشاركة والإصلاح
جميل النمري
جو 24 : ها نحن أمام الاستعصاء السياسي المتوقع.. مقاطعة الإسلاميين للانتخابات مع طيف واسع من القوى السياسية والاجتماعية، وسط مناخ من الإحباط الاقتصادي والاجتماعي وانعدام الثقة بالمؤسسات، وتراجع هيبة الدولة والسخط الذي يترجم نفسه بالاحتجاج العنيف في أي مناسبة.
إن عشرات الورش والدراسات ربطت العنف المجتمعي بالتباطؤ في الإصلاح السياسي، واستمرار نظام انتخابي يكرس العشائرية في جوانبها السلبية، بالتزامن مع الإحساس بغياب العدالة وسلطة القانون وانحسار القيم، وانتصار الانحراف والمحسوبية والفساد. ثم بعد كل ذلك، ورغم الربيع العربي والوعود الحاسمة بالإصلاح، يعود أصحاب القرار إلى الصوت الواحد، ولا يرف لهم جفن!
دعونا من حكاية الأغلبية النيابية؛ فلو كانت حكومة عون الخصاونة موجودة، لأقر مجلس النواب الصوتين في الدائرة إلى جانب الصوت الوطني. ولو كانت حكومة معروف البخيت، لأقر المجلس الأصوات الثلاثة. فالدائرة الضيقة جداً للقرار ما تزال هي التي تحسم الموقف. وفي رأيي أن هؤلاء يأخذون البلاد إلى مأزق خطير، بينما كنا نحتاج إلى انفتاح على الرأي الآخر، وتوافق وطني على محتوى الإصلاح، نذهب به إلى انتخابات نيابية تشكل نقطة انطلاق جديدة للمستقبل. وقد كنا على بعد خطوة من التوافق على الحد الأدنى، وهو إضافة الصوت الثاني في الدائرة. وأراهن أننا كنا بذلك قادرين على جذب الإسلاميين إلى المشاركة، إضافة إلى ضمان مشاركة جميع الآخرين. لكن، ويا للصدمة، سنذهب إلى انتخابات في أجواء من الانقسام والإحباط العام وعدم الرضى. فهل يعقل أن تدار المرحلة هكذا؟!
هل نبالغ؟! إذن، قولوا لي عن حادثة واحدة أخرى في العالم أشهر فيها الضيف المسدس في برنامج تلفزيوني حواري! وبالمناسبة، هناك أكثرمن نائب يدخل ممنطقا بالمسدس تحت قبة البرلمان! لقد احتلت أخبارنا العجيبة هذه شاشات التلفزة في العالم. وهي لا تتحدى تقاليد الديمقراطية والحوار، بل أدنى مظاهر السلوك المحترم. وقبل الحادثة التي حصلت معي، كان نفس الشخص يفتعل "الطوشات" بلا انقطاع، و"يشلع" الميكرفون من أمام زميل ولا يجد رادعا. وهناك حوادث تتم خارج المجلس يمارس فيها التعدي والسلوك الهمجي. وثمة انطباع أن البلطجة تحظى بغطاء ورعاية معينة! وهي استخدمت في مواجهة الحراكات التي تبرز أيضا على هوامشها المطلبية ظواهر الشغب والعنف وتحدي القانون.
لقد تدهورت صورة مجلس النواب كثيرا، حتى رئيس المجلس أصبح ينزلق بسرعة إلى الانفعال والتكلم بنبرة عنيفة وتعابير عدوانية لا تجوز لمن يحتل هذا المنصب. ومع الأسف، فقد تجاوزت السخرية من المجلس كل الحدود، حتى إن عبارة "الـ111" تبدو صفة سياسية على الأقل وفي غاية التهذيب، مقارنة مع نعوت ورسوم كاريكاتورية تدور عند الأحذية. وليس لنا أن نلوم المعلقين حين يتحول المجلس إلى ساحة لتقاذف "الكنادر"، بدون وقفة واحدة لمواجهة التصرفات المشينة.
(الغد)
إن عشرات الورش والدراسات ربطت العنف المجتمعي بالتباطؤ في الإصلاح السياسي، واستمرار نظام انتخابي يكرس العشائرية في جوانبها السلبية، بالتزامن مع الإحساس بغياب العدالة وسلطة القانون وانحسار القيم، وانتصار الانحراف والمحسوبية والفساد. ثم بعد كل ذلك، ورغم الربيع العربي والوعود الحاسمة بالإصلاح، يعود أصحاب القرار إلى الصوت الواحد، ولا يرف لهم جفن!
دعونا من حكاية الأغلبية النيابية؛ فلو كانت حكومة عون الخصاونة موجودة، لأقر مجلس النواب الصوتين في الدائرة إلى جانب الصوت الوطني. ولو كانت حكومة معروف البخيت، لأقر المجلس الأصوات الثلاثة. فالدائرة الضيقة جداً للقرار ما تزال هي التي تحسم الموقف. وفي رأيي أن هؤلاء يأخذون البلاد إلى مأزق خطير، بينما كنا نحتاج إلى انفتاح على الرأي الآخر، وتوافق وطني على محتوى الإصلاح، نذهب به إلى انتخابات نيابية تشكل نقطة انطلاق جديدة للمستقبل. وقد كنا على بعد خطوة من التوافق على الحد الأدنى، وهو إضافة الصوت الثاني في الدائرة. وأراهن أننا كنا بذلك قادرين على جذب الإسلاميين إلى المشاركة، إضافة إلى ضمان مشاركة جميع الآخرين. لكن، ويا للصدمة، سنذهب إلى انتخابات في أجواء من الانقسام والإحباط العام وعدم الرضى. فهل يعقل أن تدار المرحلة هكذا؟!
هل نبالغ؟! إذن، قولوا لي عن حادثة واحدة أخرى في العالم أشهر فيها الضيف المسدس في برنامج تلفزيوني حواري! وبالمناسبة، هناك أكثرمن نائب يدخل ممنطقا بالمسدس تحت قبة البرلمان! لقد احتلت أخبارنا العجيبة هذه شاشات التلفزة في العالم. وهي لا تتحدى تقاليد الديمقراطية والحوار، بل أدنى مظاهر السلوك المحترم. وقبل الحادثة التي حصلت معي، كان نفس الشخص يفتعل "الطوشات" بلا انقطاع، و"يشلع" الميكرفون من أمام زميل ولا يجد رادعا. وهناك حوادث تتم خارج المجلس يمارس فيها التعدي والسلوك الهمجي. وثمة انطباع أن البلطجة تحظى بغطاء ورعاية معينة! وهي استخدمت في مواجهة الحراكات التي تبرز أيضا على هوامشها المطلبية ظواهر الشغب والعنف وتحدي القانون.
لقد تدهورت صورة مجلس النواب كثيرا، حتى رئيس المجلس أصبح ينزلق بسرعة إلى الانفعال والتكلم بنبرة عنيفة وتعابير عدوانية لا تجوز لمن يحتل هذا المنصب. ومع الأسف، فقد تجاوزت السخرية من المجلس كل الحدود، حتى إن عبارة "الـ111" تبدو صفة سياسية على الأقل وفي غاية التهذيب، مقارنة مع نعوت ورسوم كاريكاتورية تدور عند الأحذية. وليس لنا أن نلوم المعلقين حين يتحول المجلس إلى ساحة لتقاذف "الكنادر"، بدون وقفة واحدة لمواجهة التصرفات المشينة.
(الغد)