jo24_banner
jo24_banner

الحكومة إذ تتاجر بالنفط!

حسن الشوبكي
جو 24 : اشتدت الخلافات بين الحكومة ومجلس النواب، خلال جلسات الحوار الأسبوع الماضي، بشأن أرقام حجم الخسائر التي تلحق بشركة الكهرباء الوطنية. وعزز من ذلك الشكل الرغائبي في قراءة كل رقم بما يصب في مصلحة كل منهما.

الفوارق بين الحكومة والنواب في القراءة تقدر بعشرات ملايين الدنانير، وأحيانا بما يفوق مئة مليون دينار. وثمة فهم غريب لمنطق الأثر السلبي لهبوط أسعار النفط عالمياً، وفقا لبيانات الحكومة الافتراضية، في حال اعتمدت الموازنة العامة سعر 60 دولارا للبرميل الواحد. وأساس الغرابة أن الحكومة تبني "منجزاتها" في التحصيل والإيراد والعائد تبعا لضرائب خاصة تفرضها على أسعار نفط مرتفعة؛ وكأن الحكومة ترغب في أن تبقى أسعار النفط فوق مئة دولار للبرميل، كي يتسنى لها جني الضرائب من السعر المرتفع الذي تبيعه للمستهلك الأردني! فأي تشوه اقتصادي ومالي أكبر من ذلك؟!

وفق هذا التشوه، تقول الحكومة إن انخفاض سعر النفط دولارا واحدا، سيؤدي إلى خفض ضريبة المبيعات على المشتقات النفطية بما يعادل 4 ملايين دينار. ويبني "خبراء" الحكومة الموازنة على هذا الفرض؛ إذ إن هبوط سعر النفط إلى 60 دولارا للبرميل، سيوفر في النفقات ما قيمته 204 ملايين دينار. لكن يقابل هذا المبلغ تراجع في ضريبة المبيعات بمقدار 160 مليون دينار؛ أي إن عجز الموازنة سينخفض بمقدار 44 مليون دينار فقط. وهذه هي الخديعة بعينها.

فبالنسبة لبلد يستورد 90 % من حاجته من الطاقة، لا يجب أن يؤسس -في المقابل- لجباية من ذات النفط الذي يرغب في الحصول عليه بأسعار رخيصة. إذ كيف يكون منطقيا الجمع بين حاجة ملحة لنفط رخيص ومخططات حكومية لفرض ضرائب باهظة على مستهلكيه، وبالتالي رغبة خفية في أن يكون السعر عاليا حتى ترتفع الضريبة؟!

في وقت سابق، صرح محافظ البنك المركزي د. زياد فريز، بأن انخفاض أسعار النفط بقيمة 5 دولارات للبرميل، سيوفر نحو 28 مليون دولار سنويا على الموازنة. وإذا ما حولنا هذا المبلغ إلى الدينار، فإن انخفاض النفط عالميا بمقدار دولار يعني توفير 4 ملايين دينار سنويا؛ أي إن الوفر في أسعار المشتقات النفطية محليا في حال انخفض سعر البرميل دولارا واحدا سيكون 4 ملايين دينار سنويا، يقابله تناقص في الضريبة بمقدار 4 ملايين دينار أيضا، ولتكون المحصلة صفرا في جيب المواطن. ما يعني أن الضريبة تساوي تسعير النفط هبوطا أو ارتفاعا، وهذا ينطوي على تشوه ما بعده تشوه!

غرقت الحكومة في الأرقام، وأغرقت معها مجلس النواب والرأي العام. بيد أن الحقيقة المُرة تكمن في أن حسابات الحكومة تركز على أن هبوط أسعار النفط عالميا يجب أن لا ينعكس بأي حال على أوضاع المستهلكين الشرائية والمعيشية؛ فتارة تتذرع بالضريبة الخاصة التي فرضتها على المحروقات، وتارة أخرى تختبئ خلف مديونية شركات تملكها وتديرها. أما مصلحة المستهلك وقدرته على الصمود، فتقع ضمن آخر أولوياتها، وربما لا تقع ضمن هذه الأولويات.


(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير