jo24_banner
jo24_banner

أعباء النقل وفشل المدن !

حسن الشوبكي
جو 24 :

بعد عقود من التجريب، ما تزال منظومة النقل العام عاجزة عن إقناع الأردنيين بضرورة الاستغناء عن مركباتهم التي ملأت الشوارع ازدحاما، لاسيما في العاصمة. وفي موازاة ذلك، تتصاعد كلفة النقل لتستحوذ على نسب لا يستهان بها من دخول الأسر.
هناك ربع مليون سيارة في عمان، يضاف إليها ثلاثة أمثالها في كل صباح، وتغادر في المساء؛ ليصبح العدد الإجمالي الذي تضمه العاصمة خلال ساعات العمل أكثر من مليون سيارة. وإذا علمنا أن هناك مليون سيارة خارج عمان، فمعنى ذلك أن مليوني سيارة تزيد يوميا من حدة الازدحام على شبكة الطرق في البلاد، من دون أن تشهد هذه الشبكة توسعا يتناسب مع حجم السيارات التي تضج بها. وإذا التفتنا إلى ركاب السيارة الواحدة، فإن الدراسات المتخصصة تؤكد أن المعدل في الأردن لا يتعدى 1.3 شخص لكل سيارة، في حين أن المعدل العالمي هو 4 ركاب لكل سيارة.
هذه الأرقام تقودنا إلى نتائج غير مرضية. فالانتقال من مكان ما في غرب عمان إلى آخر في شمالها، قد يستغرق ساعة وربع الساعة، وهو الوقت ذاته الذي يحتاجه المرء للسفر من الدوار السابع إلى مدينة الكرك على بعد نحو 120 كيلومترا جنوب البلاد. وكان الأردنيون لا يخفون تذمرهم في مطلع العقد الماضي من أشهر الصيف؛ نظرا للازدحام الذي يتسبب به المغتربون. أما اليوم، فإن الأزمات في كل مكان، تشمل ساعات النهار والليل. ولا يوجد في مقابل هذا كله أي حلول تصنع فرقا.
ولا توجد حالة إنكار رسمية لهذا الإخفاق. فأمين عمان أكد غير مرة أن "جميع محاولات الحكومات المتعاقبة فشلت في إدارة النقل العام"، وأن المدينة التي لا تضم شبكة نقل عام جيدة هي "مدينة فاشلة". لكن الإجراءات الحكومية، ومثلها أفكار القطاع الخاص، لم تنجح حتى اليوم في تأسيس شبكة للنقل العام تجعل الأردنيين ينحازون إلى وسائلها بديلا عن سياراتهم التي تتكدس في الشوارع، وتستبيح الأرصفة.
وفي سياق العبء الاقتصادي، جاءت صادمة نتائج دراسة أجراها برنامج شباب للمستقبل، التابع للمنظمة الدولية للشباب. إذ بينت الدراسة أن التكلفة التي يتحملها الشباب من خريجي البرنامج، للتنقل من وإلى أماكن العمل، شكلت ما نسبته 46 % من متوسط دخول الممثلين للعينة (في بعض المناطق)، والذين يتقاضون رواتب شهرية بمعدل 200 دينار. ويمكن القول إن نحو ربع الدخل في بعض الحالات ينفقه أرباب الأسر على المواصلات لأفراد أسرهم. وهي نسبة كبيرة كيفما نظرت إليها، وتعبر عن إخفاق متراكم جعل من التنقل أزمة وعبئا ماليا، وقصة للفشل الاقتصادي.
والغريب في الأمر أن الفرصة أتيحت لمعظم المسؤولين في قطاع النقل، تاريخيا، ليشاهدوا ويستخدموا "المترو" والقطارات التي تربط مدينة بأخرى، في القارتين الأوروبية أو الآسيوية. وهؤلاء المسؤولون هم ذاتهم يتغنون بما رأوا، لكن المسألة تصبح معقدة ومستحيلة إذا قيل لهم: انقلوا التجربة إلى بلادنا!

 

الغد

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير