2024-08-21 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تمتين العلاقة مع الجارة الشرقية

حسن الشوبكي
جو 24 : يشهد الشكل الاقتصادي للتجارة عبر الطريق البرية بين الأردن والعراق تقلبات حادة على المستوى الأمني، منذ عدة أشهر. وتتبدى ملامح المغامرة قوية وعميقة بالنسبة للتجار وسائقي الشاحنات العراقيين الذين يواجهون الموت غير مرة في الطريق من طريبيل إلى الرطبة، ثم منطقة "160"، وصولا إلى الرمادي فبغداد.
عدد الشاحنات الأردنية التي كانت تعبر حدودنا الشرقية يوميا إلى المنطقة الفاصلة ما بين الحدين، لتسليم البضائع والسلع لشاحنات عراقية، كان نحو 600 شاحنة قبل التقلبات الراهنة، وتهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على أجزاء من العراق. وهو اليوم أقل من 200 شاحنة يوميا؛ ناهيك عن أن السائقين الأردنيين لا يكملون رحلتهم على امتداد الطريق التي تخترق غرب العراق.
المفارقة في تقلبات التجارة المحفوفة بأخطار أمنية بالغة، هي أن السائق العراقي يمضي بشاحنته بعد استلام البضائع من نظيره الأردني. وبعد ثلاثة كيلومترات من الحدود الأردنية، يصل إلى طريبيل، ومنها على بعد 80 كيلومترا إلى الرطبة؛ وهي مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة العراقية. ويدفع السائق -ومن ورائه التاجر- رسوما جمركية على البضائع للحكومة. وبعد الرطبة وصولا إلى منطقة "160"، تكون الشاحنات خاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة" على امتداد أكثر من 250 كيلومترا، حيث يقيم التنظيم نقاط تفتيش للشاحنات والبضائع بعد الرطبة -جمرك التنظيم- ويدفع السائق 100 دولار أو 300 دولار، وفقا لتقييم البضاعة والسلع المحملة، وختمها بختم تنظيم "الدولة"! ثم يمضي السائق في طريقه حتى يصل الرمادي، ويبقى بعد مئة كيلومتر للوصول إلى بغداد حيث يخضع مجددا لسيطرة الحكومة العراقية.
أي شقاء يعاني منه هؤلاء السائقون والتجار على طريق الموت هذه! وما السبيل لإنقاذهم من تلك المعاناة وذاك الرعب؟ ولذلك، جاء التوافق على ضرورة ضمان سلامة الطريق البرية واسعا خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أول من أمس للأردن. وهو توافق شمل شيوخ العشائر السُنّية، كما الحكومتين الأردنية والعراقية اللتين تسعيان إلى إحداث فرق في هذه التقلبات الحادة التي تجعل التبادل التجاري بين البلدين فاقدا للمضامين والدلالة، وعرضة للخسارة المفتوحة للطرفين.
لا خيار أمام العراق إلا استعادة هذه الطريق. وذات التصميم بدا واضحا في تصريحات العبادي بشأن أنبوب النفط الذي تعتزم الحكومة العراقية مده من البصرة جنوبا مرورا بمناطق الأنبار وصولا إلى العقبة جنوبا. فيما انطوت المباحثات أيضا على أمنيات متعددة بتوسيع شبكة المصالح التجارية والاقتصادية بين البلدين.
شعرت أن ثمة إدراكا لدى المسؤولين الأردنيين بعمق المصلحة الاقتصادية التي تربطنا بالعراق، وضرورة توطيد جسور الثقة مع العبادي وحكومته لتحقيق هذه المصلحة. وقد حظي الضيف تبعا لذلك بحفاوة أردنية كبيرة، وتعهد بتقديم كل أشكال الدعم والعون للأردن على المستوى الاقتصادي، لاسيما إمدادات الطاقة التي جعلت المملكة تلجأ مؤخرا لإسرائيل بسبب الحاجة الماسة إليها بأسعار غاز تقل عن الأسعار العالمية، وفقا للحكومة. في حين أن خيار العراق على المدى المتوسط، وبعد أن تضع الحرب أوزارها في هذا البلد، يبدو أكثر حكمة وجدوى للأردن؛ إذ إن الغاز الإسرائيلي سيكون سببا في تبعية اقتصادية باهظة الثمن للمشروع الصهيوني.
هناك الكثير مما يربطنا بالعراق. ولعل المصلحة الاقتصادية المشتركة في التبادل التجاري، وسلامة الطريق الدولية وتنشيط حركة التصدير، ومد أنبوب النفط وزيادة إمدادات الطاقة، ستكون سببا في توثيق عرى العلاقة وزرع الثقة من جديد، بعيدا عن الرؤوس الحامية والقتل الأعمى والنزعات المذهبية المدمرة.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news