الآهاااااات
طلعت شناعة
جو 24 : كلما «اكفهرّت» الدنيا بوجهي،هربتُ الى عالم الساخرين،أبحث عن جوعي في جوعهم وعن «ناري» في «نارهم»علّ المقارنة تطفىء الظمأ،ولو لساعات محدودة.
ومن هؤلاء الشاعر بيرم التونسي،أحد أشهر»الصعاليك» في التاريخ العربي،والذي عاش الفقر وعايشه وعانى من البرْد والبؤس كما لم يعانِ أحد في عصره.
الناس،القُدامى،مثلي،يذكرون اشهر أغانيه التي غنّتها ام كلثوم وهي»الآهات» والتي ترددت أم كلثوم كثيراً في غنائها لولا إقناع الشيخ الموسيقار زكريا أحمد لها، وعلى الرغم من ذلك حققت الأغنية نجاحاً قوياً جداً، حتى وأنها ما إن انتهت من الغناء حتى ظل التصفيق لأم كلثوم أكثر من عشر دقائق، وكانت هذه أطول مدة تصفيق استقبل فيها الجمهور أغنية من أغانيها طوال حياتها.
كذلك نذكر له من روائع ام كلثوم،اغنية «انا بانتظارك ملّيت» وايضا،»حبيبي يسعد اوقاته» و»الأوّله بالغرام» و»الحب كذه» و»القلب يعشق كل جميل»،وهي الاغنية التي اختتم فيها بيرم حياة «الصّعلكة»،وقيل انها كانت بمثابة «التّوبة».
ذاق بيرم طعم الجوع وعاش في»باريس» التي نُفِيَ إليها،بعد ان فوجىء ذات يوم ب»المجلس البلدي» بمدينة الاسكندرية يحجز على بيته،ويطالبه بمبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا. وكأن الدنيا أرادت بهذا الحدث أن تعلن عن مولد فنان، فقد اغتاظ بيرم، وقرر أن يرفع راية العصيان ضد «المجلس» البلدي بقصيدة يجعله فيها مسخرة في أفواه الناس، وهذه أجزاء من القصيدة تدل علي نبرة السخرية والنقد التي بدأ بها بيرم حياته كشاعر ساخر، فيقول:
بيرم التونسي:
«يابائع الفجل بالمليم واحدةً/ كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟
كأن أمي بَلَّ الله تُرْبتها،أوصت
فقالت: أخوك «المجلس البلدي»
أو ربما وهب الرحمن لي ولداً
في بطنها يدعيه «المجلس البلدي»
ويروي تجربته مع الجوع في مدينة «ليون» الفرنسية فيقول:
«كنت أثناء الجوع أمر بمراحل لايشعر بها غيري من الشبعانين، كنت في البداية أتصور الأشياء واستعرضها في ذاكرتي، هذا طبق فول مدمس، وهذه مَنْجاية مستوية..وهذه ياربي رائحة بفتيك تنبعث من عند الجيران، ثم أصل بعد ذلك إلى مرحلة التشهي، أثناءها تتلوى أمعائي، ويبدأ المغص، ويطوف الظلام حول عيني، وأتمنى من الله أن ينقلني إلى الأخرة فهي أفضل من هذا العذاب الأليم..وأخيرًا تبدأ مرحلة الذهول وخفة العقل، فأطيل النظر إلى اللحاف الذي يغطيني، وتحدثني نفسي أن أكل قطنه أو أبحث عن بذرة للغذاء تحتوي على زيوت، وكان لاينقذني من تلك الحال سوى معجزات، عندما أنهض كالمجنون أبحث في كل أركان الحجرة عن أي شيء فأعثر بالصدفة على كسرة خبز..أو «بصلة» مهجورة.
كلّنا،بيرم،كلّنا ذلك «الصعلوك».
ومن هؤلاء الشاعر بيرم التونسي،أحد أشهر»الصعاليك» في التاريخ العربي،والذي عاش الفقر وعايشه وعانى من البرْد والبؤس كما لم يعانِ أحد في عصره.
الناس،القُدامى،مثلي،يذكرون اشهر أغانيه التي غنّتها ام كلثوم وهي»الآهات» والتي ترددت أم كلثوم كثيراً في غنائها لولا إقناع الشيخ الموسيقار زكريا أحمد لها، وعلى الرغم من ذلك حققت الأغنية نجاحاً قوياً جداً، حتى وأنها ما إن انتهت من الغناء حتى ظل التصفيق لأم كلثوم أكثر من عشر دقائق، وكانت هذه أطول مدة تصفيق استقبل فيها الجمهور أغنية من أغانيها طوال حياتها.
كذلك نذكر له من روائع ام كلثوم،اغنية «انا بانتظارك ملّيت» وايضا،»حبيبي يسعد اوقاته» و»الأوّله بالغرام» و»الحب كذه» و»القلب يعشق كل جميل»،وهي الاغنية التي اختتم فيها بيرم حياة «الصّعلكة»،وقيل انها كانت بمثابة «التّوبة».
ذاق بيرم طعم الجوع وعاش في»باريس» التي نُفِيَ إليها،بعد ان فوجىء ذات يوم ب»المجلس البلدي» بمدينة الاسكندرية يحجز على بيته،ويطالبه بمبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا. وكأن الدنيا أرادت بهذا الحدث أن تعلن عن مولد فنان، فقد اغتاظ بيرم، وقرر أن يرفع راية العصيان ضد «المجلس» البلدي بقصيدة يجعله فيها مسخرة في أفواه الناس، وهذه أجزاء من القصيدة تدل علي نبرة السخرية والنقد التي بدأ بها بيرم حياته كشاعر ساخر، فيقول:
بيرم التونسي:
«يابائع الفجل بالمليم واحدةً/ كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟
كأن أمي بَلَّ الله تُرْبتها،أوصت
فقالت: أخوك «المجلس البلدي»
أو ربما وهب الرحمن لي ولداً
في بطنها يدعيه «المجلس البلدي»
ويروي تجربته مع الجوع في مدينة «ليون» الفرنسية فيقول:
«كنت أثناء الجوع أمر بمراحل لايشعر بها غيري من الشبعانين، كنت في البداية أتصور الأشياء واستعرضها في ذاكرتي، هذا طبق فول مدمس، وهذه مَنْجاية مستوية..وهذه ياربي رائحة بفتيك تنبعث من عند الجيران، ثم أصل بعد ذلك إلى مرحلة التشهي، أثناءها تتلوى أمعائي، ويبدأ المغص، ويطوف الظلام حول عيني، وأتمنى من الله أن ينقلني إلى الأخرة فهي أفضل من هذا العذاب الأليم..وأخيرًا تبدأ مرحلة الذهول وخفة العقل، فأطيل النظر إلى اللحاف الذي يغطيني، وتحدثني نفسي أن أكل قطنه أو أبحث عن بذرة للغذاء تحتوي على زيوت، وكان لاينقذني من تلك الحال سوى معجزات، عندما أنهض كالمجنون أبحث في كل أركان الحجرة عن أي شيء فأعثر بالصدفة على كسرة خبز..أو «بصلة» مهجورة.
كلّنا،بيرم،كلّنا ذلك «الصعلوك».
تابعو الأردن 24 على 
