السياسة الأردنية في ليبيا ومجازفة الرهان على حفتر
استقبال القائد العام للقوات الليبية التابعة لبرلمان طبرق الفريق أول خليفة حفتر بكل هذه الحفاوة في عمان الأثنين، يلخص بوضوح الموقف الأردني الحاسم من الفرقاء في ليبيا.
قبل ذلك طرد الأردن برلمانيات ليبيات في المؤتمر الوطني العام بعد احتجازهن لساعات في المطار، وإصر مندوب الأردن وهو العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن مرارا على تمرير مشروع قرار مصري يسمح بإمداد حكومة طبرق بالسلاح، ولما لم ينجح عطل مشروعا بريطانيا دعا حينها جميع الأطراف إلى حل سياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس جداول زمنية واضحة.
من المفهوم ضمنا بأن الموقف الأردني والمصري والإماراتي متقارب إلى حد التطابق في الملف الليبي ويدعم بكل الإمكانات حسم المعركة هناك لصالح ما يوصف بالثورة المضادة التي يقودها حفتر، بحسب تعبير القوى المنضوية تحت لواء المؤتمر الوطني العام والتي تقود الفصائل الثورية المسيطرة على العاصمة والغرب الليبي.
لكن حسم الحرب لصالح طرف هناك يغدو مستبعدا بمرور الوقت، لا سيما بأن القوى الإقليمية (الجزائر والمغرب والسودان) والدولية (الاتحاد الأوربي وأمريكا) بدأت تدفع باتجاه الحوار كحل وحيد ممكن يمنع من وقوع ليبيا القريبة من الغرب بأيدي تنظيم الدولة والحرب الأهلية.
ليبيا بما تحمله من أهمية اقتصادية تعد فرصة حقيقية لكل دول الجوار، وهو ما يفسر الاهتمام الإقليمي والدولي بها، أما الأردن فالمفترض بأن عينه على الاستثمارات الكبيرة ومشاريع إعادة بناء الدولة وسوق العمالة الواسع هناك.
يراهن الأردن الرسمي على حفتر الذي يقال بأنه جاء ليطلب المساعدة في هيكلة وتدريب جيشه، لكن المجازفة تبدو كبيرة والمؤشرات تؤكد بأن حسم المعركة على الطريقة المصرية بات مستبعدا.
عمليا هناك احتمالات نجاح حفتر في كسب معركته، أو خسارته أمام خصومه، أو بقاء الصراع على حاله، أو نجاح الحوار بين الفرقاء. وبالتأكيد والحال كذلك بأن الأردن سيربح في حال تمكن حفتر من بسط نفوذه على كامل التراب الليبي، أما إذا خسر فإعادة بناء الجسور مع الطرف الآخر ستكون في منتهى الصعوبة.
وعلى كل الأحوال فيبدو الخياران الأول والثاني بعيدان على الأرجح، ولذلك فإذا بقي الصراع على حاله واستمر عجز الدولة الليبية عن الاستثمار في ثرواتها، فإن الفائدة الأردنية جزئية وستتوقف على عوائد دعم هذا الفريق عسكريا في حال استمرار الدعم الخليجي له، أما إذا توصل الفرقاء إلى حل فإن الفائدة الأردنية وقد اصطف بشكل حاد ستكون جزئية أيضا أو قد تنعدم إذا ما كان تحييد الداعمين الأساسيين بندا في الاتفاق أو عاملا لنجاحه.
من المرجح في الصراع الليبي المناطقي والقبلي بأن لا أحد سيربح على المدى البعيد، ولذا فلا مصلحة استراتيجية أردنية في استعداء طرف، بل المصلحة في الوقوف على مسافة واحد من كل الأطراف والدفع باتجاه نجاح الليبيين في تدشين دولة مستقرة بما يفتح بابا واسعا لعلاقة مستقرة واستثمار أردني واسع وطويل الأمد هناك.