jo24_banner
jo24_banner

يحدث في الأردن.. ذهبا إلى مجلس النواب ليعترضا على قانون الإرهاب فاقتيدا إلى السجن

ناصر لافي
جو 24 : اعتقلت الأجهزة الأمنية،الثلاثاء، المواطنين إبراهيم الخرابشة ونايف لافي، من داخل مجلس النواب إثر قيامهما بتوصيل موقف يعترض على مشروع قانون الإرهاب المعدل، واقتادتهما الى السجن، فيما وجه مدعي عام محكمة أمن الدولة العسكرية لهما تهمة حمل منشورات محظورة (ورقة تعترض على بعض بنود المشروع).

المواطنان الخرابشة ولافي كانا قد دخلا المجلس ضمن وفد يتكون من خمسة أشخاص استقبلته لجنة التوجيه الوطني، وجرى نقاش موسع حول القانون انصرف في ختامه ثلاثة من أعضاء الوفد، فيما بقي اثنان هما الخرابشة ولافي واصلا النقاش مع أحد النواب، قبل أن يحتد الأخير ويطلب من حرس المجلس اعتقالهما، بحسب تأكيد المعتقلين.

وبصرف النظر عن حيثيات اعتراض المعتقلين على المشروع المثير للجدل، والذي استهجنته جهات سياسية وشخصيات عامة عديدة، فإن الحادثة الغربية تكشف جملة من المفارقات، فالمواطنين اعترضا على مشروع قانون لم يقر بعد، وكانا يحملان أوراقا وليس قنابل، وتوجها إلى "بيت الشعب" لإبداء وجهة نظرهما، وعرضا أفكاراً يتبناها -على الأقل- جزء معتبر من المواطنين.

ما جرى يكشف مستوى ما يوصف بالديموقراطية في هذا البلد، فالاعتقال سياسي بكل وضوح وعلى خلفية التعبير عن الرأي، ويعبر عن نزق السلطة بالمعارضين لها، ويؤكد بأن مشروع قانون الإرهاب المعدل مجرد فصل جديد من سلسلة الإجراءات المقيدة للحريات العامة.

الأنكى في هذه القصة المضحكة بسرياليتها، المبكية بظلاميتها، ذاك الجانب الشخصي فيها والذي يكشف عن قيم الحرية والديموقراطية لدى بعض النواب، فماذا يعني أن ينتصر بعض النواب لآرائهم باعتقال من يخالفهم في انقلاب بيّن على الدور الذي يمثلونه وكشكل من أشكال إساءة استخدام السلطة والنفوذ، وإلا فماذا يعني أن تستقبل أحدا ليسلمك بياناً ثم تحبسه لدى الاختلاف معه بمبرر أنه يوزع "منشورات ممنوعة"، إن كان هذا صحيحا فلماذا استقبلته وناقشته، ولماذا لم تحدث عملية الاعتقال منذ دخول المجلس؟ ولماذا أعتقل الرجلان المشار إليهما إثر احتدام الجدل على خلفية تسليم "الممنوعات الخطيرة"؟.

هذا هو مستوى الحوار في بلدنا، اذا لم تعجبك آراء غيرك أطلق النار عليه حتى لو كان زميلا لك في مجلس النواب، أما اذا كان مواطنا مسالما يسعى للإصلاح ورأيت بأن لديك القدرة على شتمه أو ضربه أواعتقاله فلا توفر جهدا،فالانتصار لأهواء الذات الصغيرة أولوية.

أعرف الطبيب نايف (إسحق) لافي، ولم أتشرف بمعرفة زميله إبراهيم الخرابشة، ومعرفة هؤلاء شرف، يكفي بأنهم يحملون هموم أمتهم ويحرصون على أبنائها ويعطلون أعمالهم ليدفعوا بكل ما يستطيعون من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، ذهبوا إلى مجلس النواب باذلين الجهد والوقت للنصح "معذرة إلى ربنا"، بينما غيرهم لا يكلف نفسه مجرد الاهتمام بما يجري لأمته ولوطنه، فضلا عن الجهر بالحق او الدفاع عن المظلومين أو الدفع للإصلاح.

عندما تقابل الدكتور لافي (65 عاما) بوجهه البشوش، وتستمع إلى عباراته التي تحمل مشاعر الألم على حال الأمة، تستشعر معاني الصدق، لا يمل من التبشير بالنصر، تأسرك دماثة أخلاقه وحرصه عل آداب الحوار، يختلف معه البعض في كثير من الشؤون لكن هذا لم يدفعه ولو لمرة لرفع صوته بوجه محاوريه، مثل هذا الرجل يقتاد إلى السجن بينما يسرح الفاسدون والانتهازيون متزلفو السلطة وشذاذ الفكر والسلوك وتجار المبادئ في وطني المبتلى بالاستبداد والفساد يمرحون بلا رقيب ولا حسيب.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير