حمزة منصور على فراش المرض
غادر أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، الشيخ حمزة منصور، المستشفى، اليوم إثر عملية جراحية، وطلب الأطباء منه الراحة لفترة من الزمن، كما منعوا زيارته.
علمت بالخبر اليوم بعدما تعذر الاتصال به هاتفيا للرد على سؤال صحفي، وسرعان ما جالت في ذهني صور من مواقف هذا الرجل الجليل في التزامه بقضايا الوطن وذبه عن الحق وسعيه في حوائج الناس، واستذكرت جلده وهو يجوب الأردن من أقصاه إلى أقصاه يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
من عرفوه عن قرب بدماثة اخلاقه، وتسامحه، وحبه للناس، وثقافته، ووسطيته، واعتداله، وحسن معشره، وانتقائه للكلمات كما ينتقى طيب الثمر،وابتعاده عن الذاتية، يدركون فضل الرجل، ولا يملكون وان لم يتفقوا معه الا الوقوع في حبه.
في حضرته، وهو الذي لا يغلق بابا ولا يرد صغيرا ولا كبيرا، تتمثل المعاني الرائعة لتواضع الحكيم، لا يضيق بالنقد، يهاجمونه بقصد استفزازه فيتبسم، ويرد بكل ود بما يفحم خصومه ويرد كيدهم إلى نحورهم ، بل وأكثر من ذلك يكسبهم الى صفه .
عندما يحدثك تعود إلى ذهنك المعاني الرفيعة لمنطق ايجاد الأعذار للخلق والإبتعاد عن التحريض والغيبة والنميمة وحظوظ الأنفس الصغيرة، تلمس في حديثه فضل الشيخ العالم، وحنان الأب المشفق ، وتؤدة المعلم الرؤوف.
اشتغل كثيرون في السياسة فتعلموا الكذب والنفاق والتحايل ولوثتهم بقذارتها، أما الشيخ فأنهمك بالعمل السياسي منذ عشرات السنين، مرسخا أنموذجا للسياسي الصادق الثابت صاحب الخلق الرفيع.
أغرت حكمة الرجل وصبره بعض الانتهازيين ممن حملوا على الحركة الأسلامية خلال السنين الأخيرة رغبة بما عند السلطة، ولم يتورعوا عن سبابه في المؤسسات العامة وعلى وسائل الاعلام وبعض التظاهرات الموجهة بكبسة الزر، بل ووصلوا إلى منزله، لكن هيهات أن ينال المرتزقة من قامة شامخة كالطود، ثقتها مستمدة من الثقة بالله .
في أحد الأيام وقد بالغ القوم بالإساءة للشيخ، ذهبت أليه لعلي أخفف عنه، فما كان منه الا أن خفف ما بي من ضيق، وخاطبني حينها "هؤلاء ضحايا وليس أعداء، يستحقون الرحمة وليس العقاب، رسالتنا حب الناس وخدمتهم والدفاع عنهم وليس مواجهتهم"!. .
حمزة منصور يعتكف في بيته هذه الأيام، وقد يغادر موقعه كأمين عام للحزب بعد أشهر، لكنه بالتأكيد لن يترك موقعه في قلوب الناس، من يوافقونه في اتجاهاته السياسية، ومن يخالفوه ،من يدورون في فلك السلطة، ومن يعارضونها، فالشيخ شخصية اردنية جامعة، اذا تحدث فكأنما نطق الأردن ، كما قال رئيس وزراء سابق.