2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

خطوة ملكيّة غير كافية!

د.موسى برهومة
جو 24 : خطوة جيدة أن يأمر الملك الحكومة بتجميد العمل بقرار الحكومة رفع أسعار بعض أنواع الوقود. لكنها خطوة غير كافية. إنها أشبة بجرعة مورفين لمريض ينهشه السرطان، ويكاد يودي به.

خطورة الخطوة الملكية أنها جاءت في أعقاب الاحتجاجات الشعبية العارمة التي بُدئت في عمان، السبت، باعتصام دوار الداخلية ومبيت الناشطين فيه حتى الصباح، ثم في اندلاع الغضب الشعبي في محافظات المملكة، ليعقب ذلك في اليوم التالي إضراب سائقي التكاسي العمومية، ثم غضب النواب وتهديدهم بسحب الثقة من حكومة فايز الطراونة.

ومكمن الخطورة أن النظام تنازل تحت الضغط الشعبي، وأبطل مفعول القرار، ما يفتح شهية الحراك والمواطنين باتجاه تعطيل قرارات الحكومة الأخيرة التي جعلت من ابنة رئيس حكومة أسبق مديرا لأهم مؤسسة حيوية في المجتمع الأردني كالضمان الاجتماعي، وإجراء تغيير بنيوي، محفوف بقدر عال من المخاطرة في قيادة الوحدة الاستثمارية التابعة للضمان، ثم تعيين نسيب رئيس مجلس النواب أمينا عاما لوزارة التنمية الاجتماعية، وكذلك تعيين ابن عم رئيس هيئة الأركان رئيسا للمجلس الأعلى للشباب، وهي كلها قرارات جاءت في إطار التنفيعات، والانتقامات التعسفية، وتصفية الحسابات، وخدمة مصالح العُصبة الحاكمة، وتعميق امتيازاتها بمنأى عن الرقابة الشعبية، وفي معزل عن لجنة إنتقاء موظفي الفئات العليا التي بدأت الحكومات المتعاقبة بتشكيلها منذ عام 2005، لكنها تعطلت كما تعطلت كل القواعد الإيجابية في علم الإدارة الأردني.

فإذا كان النظام حريصا على الإصغاء إلى أبعد شوط للنبض الشعبي، فعليه أن يعيد النظر في تلك التعيينات الاعتباطية الاسترضائية. كما أن عليه إعادة النظر في قانون المطبوعات العرفي الذي قدمته الحكومة لتكميم أفواه الإعلاميين، وقصّ ألسنتهم، فضلا عن مهزلة الانتخابات وقانونها الإقصائي الذي يعدّ الصاعق المفجر لسائر الأزمات السياسية والاجتماعية في الأردن.

إن بمقدور النظام أن يفعل ما هو أكثر من ذلك، ويقود الملك بنفسه ثورة بيضاء تعيده إلى شعبه، وتجعله راعيا لتطلعاته، وترمم الفجوة التي حدثت في الآونة الأخيرة واتسعت بين النظام والشعب، بحيث تآكلت صورة الملك، وجرى التطاول على هيبته، والمس برمزيته، بسبب السياسات الحمقاء التي قادها رؤساء وزراء متعجرفون، عديمو الصلة بالواقع، أو لم يجر تمكينهم بحيث يحكمون بمعزل عن الاستقطابات والتدخلات الأمنية التي أفسدت الحياة العامة في الأردن.

الملك مطالب أن يتقدم إلى الأمام، في استراتيجية تضمن عدم تفاقم الأمور إلى ما لا يمكن توقعه، وأيضا استعادة زمام المبادرة من جديد، ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا برحيل الحكومة في أسرع وقت، فهذه الحكومة لم تحرق مركبها وحسب، بل أتت نيرانها الصديقة "الحمقاء" على مركب الملك والعرش.
إذن، المطلوب جراحة عاجلة وفورية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقودها شخصية توافقية وازنة تعيد ترتيب الأوراق الوطنية المبعثرة، وتنتشل الأردن من البقاء طويلا في فم العاصفة.(في المرصاد)
تابعو الأردن 24 على google news