2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

رئيس وزراء من خارج العلبة!

د.موسى برهومة
جو 24 :

لم تصل البلاد إلى حالة من الاحتقان السياسي كالتي نشهدها الآن، ما يستدعي حلا عاجلا وخلّاقا يُخرج الوطن من حالة الاستعصاء التي تأكل أعصاب الناس، وتجعلهم أسرى التوتر والترقب والغضب.

الآن نحن أمام استحقاق دستوري بعد حل البرلمان يتمثل في تشكيل حكومة تشرف على إجراء الانتخابات.

ولعل من الحكمة أن نستثمر اللحظة الكابوسية التي تحيط بالغلاف الجوي الأردني، ونحوّلها إلى لحظة انفراج تتسع رويدا رويدا.

من الضروري، بل والمنطقي، في غمرة التوتر والاستقطاب بين السلطة والمعارضة، أن يكون رئيس الوزراء المقبل من خارج علبة نادي رؤساء الوزراء التقليديين، أو الساسة المجربين الذين أثبتوا فشلهم، ولم يحظوا بإجماع الناس والنخب السياسية.

نحتاج إلى رئيس وزراء يعبر بنا وبالدولة هذا المضيق، ويتمتع بسيرة شخصية حسنة، وبكاريزما قيادية، وبقدرات إبداعية يستطيع من خلالها أن يكسر هذا الجليد القاسي بين المعارضة والحكم، أي أن يحدث اختراقا واسعا يعيد السفينة الأردنية إلى توزانها، ويجنبها الغرق.

ومن بين الخطوات الإبداعية التي نأمل أن يقدم عليها الرئيس الجديد ذو المواصفات السابقة، أن يفتح فورا حوارا بنّاءً، وليس حوارا بروتوكوليا مع مكونات الطيف السياسي الأردني، وفي مقدمتها المعارضة، وفي طليعة هذه المعارضة الحركة الإسلامية.

والذين يخشون من إقرار القوانين المؤقتة التي تستلزم، وفق التعديلات الدستورية الأخيرة، إعلان حالة الطواريء، ولو لمدة قصيرة جدا، أن يعلموا أن الغايات النبيلة تبرر الوسائل، مهما كانت صعبة.

إن طوق النجاة للخروج من حالة الانغلاق السياسي يكمن في إقرار قانون انتخابات مؤقت تجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، ويحظى بتوافق السلطة والمعارضة بحيث تتمكن الأخيرة من المشاركة في الانتخابات، والإسهام في إنتاج الحكومات البرلمانية التي تحدث عنها جلالة الملك غيرَ مرة.

وعلى "العقلاء" و"الحكماء" في داخل النظام أن يدعموا هذا الخيار الذي يشبه تجرّع العلقم، من أجل "إنقاذ الوطن" وتنفيس حالة التشنج الاجتماعي التي ما تزال تقسم المكونات الوطنية على نحو عامودي ينذر بمخاطر طافية تحت السطح سرعان ما تنفجر، لا سيما وأن هناك إعلاما غالبيته رسمي ويدور في فلك مؤسسات الدولة، لا مهمة له في الآونة الأخيرة سوى التحشيد، والتضليل، وافتعال الأزمات، وخنق الحقيقة، وليّ أعناق الحقائق، وتزييف الوعي، وشيطنة المخالفين، وتسميم الأجواء. فلمصلحة مَن يتم كل ذلك؟

رغم سودواية المشهد ما أزال أنظر من ثقب الباب الموصد، وما أزال أراهن على فسحة الضوء المتبقية من العتمة الكثيفة..

ورغم أن عقلي متشائم إلى حد بعيد، إلا أن إرادتي متفائلة. وأرجو من الملك، بما أنه صانع القرار، وصاحب الحل والعقد، ألا يقود إرادتي إلى منطقة التشاؤم الكريهة التي يتحرك فيها عقلي!

تابعو الأردن 24 على google news