جريمة سياسية
د.موسى برهومة
جو 24 : عوّدنا النظام ألا نأخذ مسلكياته وممارسات أجهزته على محمل الطيبة وحسن النية. لذلك تعودنا ألا نثق بالرواية الرسمية حتى لو كانت صادقة. وبالتالي فإن عجز الأجهزة الرسمية عن بيان ملابسات إطلاق النار على الناشط في حراك الطفيلة أسيد العبيديين، سببُه عجز «جهاز الفبركات» عن ترويج رواية تثبت إن إطلاق النار لم يحدث، وأن مسيرة الولاء والانتماء لم تجر، وأن ما جرى لا يتعدى طعنة سكين في مشاجرة!
بيد أن الشعب الذي يعلم «فبركات» السلطة وألاعيبها يدرك أن ما جرى في الطفيلة، ظهرَ الجمعة، كان مؤشرا خطيرا بكل المقاييس، فثمة أجهزة داخل النظام تريد دفع الأمور باتجاه الصدام، حتى لو كان مسلحا، وثمة أيضا رسالة ترهيب للحراك من قبل أناس محميين في إطار ما يعرف بـ «الموالاة والانتماء»، وهم في غالبيتهم أفراد في أجهزة أمنية، أو تابعون لتلك الأجهزة ومرتبطون بماكينتها.
في ضوء ذلك، فالاعتداء على العبيديين يدخل في إطار الجريمة السياسية التي يتحمّل مسؤوليتها رأس النظام في الدرجة الأولى، لأنه رضي أن يتولى قيادة الأجهزة الأمنية أشخاص لا يؤمنون بالإصلاح، ولا بالحراك السلمي، وما يزالون يعتقدون أن الحسم الأمني هو الذي يهدّيء الشارع، وهو الذي يطفيء حرائقه، غير عالمين بأن الحلول الأمنية هي التي قوّضت بنيان دول، وأطاحت أنظمة كانت تعتقد أنها راسخة رسوخ الجبال!
إن إدارة الملف الأمني ما تزال عاجزة عن إحداث اختراق يوحي بتقبل تلك الأجهزة لوجود معارضة سياسية راشدة تدعو إلى «إصلاح النظام»، وتؤمن إيمانا مطلقا بسلمية الحراك، وتنتمي إلى الأردن ترابا ووطنا وشعبا، وترنو إلى تخليص البلد من أزماته، ومن سياسييها الفاسدين، ومن الحكم الفردي المطلق، لتعود السلطة إلى الشعب، بحسب الدستور الأردني الذي نصّ على «الأمة (أي الشعب) مصدر السلطات».
كما أن حماية البلطجية ممن ينتسبون إلى معسكر «الموالاة» ورعايتهم، وتوفير سبل الاعتداء على الحراكيين السلميين، وترويعهم، يطعن في نزاهة الأجهزة الأمنية التي تريد قسمة البلد إلى فسطاطيْن: موالاة ساذجة تطبّل وتزمّر وتحتل الفضاء العام. ومعارضة ذات أجندة مشبوهة، معادية للنظام والملك، هدفها تخريب البلد، وزعزعة أمنه واستقراره. ولعمري إن هذه القسمة لا يفكر فيها إلا السذج، عديمو الخيال، الذي يعتقدون أن الوطن مزرعة لذويهم، ويتعاملون مع الشعب على أنه مجموعة من الأطفال الذين يحتاجون للرعاية والوصاية والتأهيل حتى يبلغوا سن الفطام!
المطلوب، قبل الكفّ عن هذه السياسة البائسة، وعلى نحو عاجل، فتح تحقيق في ظروف الاعتداء بالسلاح الناري على العبيديين، وعدم التستر على الجاني (أو الجناة)، وتقديمهم للعدالة ليلقوا القصاص ويكونوا عبرة لغيرهم. ومن دون ذلك فإن حادثة الطفيلة ستكون واحدة من المحطات التي سيتذكرها من سيعضون أصابعهم ندما، ولكن بعد فوات الأوان، لأنهم نسوا أو تناسوا أن «العدل أساس الحكم».عن"السبيل"
بيد أن الشعب الذي يعلم «فبركات» السلطة وألاعيبها يدرك أن ما جرى في الطفيلة، ظهرَ الجمعة، كان مؤشرا خطيرا بكل المقاييس، فثمة أجهزة داخل النظام تريد دفع الأمور باتجاه الصدام، حتى لو كان مسلحا، وثمة أيضا رسالة ترهيب للحراك من قبل أناس محميين في إطار ما يعرف بـ «الموالاة والانتماء»، وهم في غالبيتهم أفراد في أجهزة أمنية، أو تابعون لتلك الأجهزة ومرتبطون بماكينتها.
في ضوء ذلك، فالاعتداء على العبيديين يدخل في إطار الجريمة السياسية التي يتحمّل مسؤوليتها رأس النظام في الدرجة الأولى، لأنه رضي أن يتولى قيادة الأجهزة الأمنية أشخاص لا يؤمنون بالإصلاح، ولا بالحراك السلمي، وما يزالون يعتقدون أن الحسم الأمني هو الذي يهدّيء الشارع، وهو الذي يطفيء حرائقه، غير عالمين بأن الحلول الأمنية هي التي قوّضت بنيان دول، وأطاحت أنظمة كانت تعتقد أنها راسخة رسوخ الجبال!
إن إدارة الملف الأمني ما تزال عاجزة عن إحداث اختراق يوحي بتقبل تلك الأجهزة لوجود معارضة سياسية راشدة تدعو إلى «إصلاح النظام»، وتؤمن إيمانا مطلقا بسلمية الحراك، وتنتمي إلى الأردن ترابا ووطنا وشعبا، وترنو إلى تخليص البلد من أزماته، ومن سياسييها الفاسدين، ومن الحكم الفردي المطلق، لتعود السلطة إلى الشعب، بحسب الدستور الأردني الذي نصّ على «الأمة (أي الشعب) مصدر السلطات».
كما أن حماية البلطجية ممن ينتسبون إلى معسكر «الموالاة» ورعايتهم، وتوفير سبل الاعتداء على الحراكيين السلميين، وترويعهم، يطعن في نزاهة الأجهزة الأمنية التي تريد قسمة البلد إلى فسطاطيْن: موالاة ساذجة تطبّل وتزمّر وتحتل الفضاء العام. ومعارضة ذات أجندة مشبوهة، معادية للنظام والملك، هدفها تخريب البلد، وزعزعة أمنه واستقراره. ولعمري إن هذه القسمة لا يفكر فيها إلا السذج، عديمو الخيال، الذي يعتقدون أن الوطن مزرعة لذويهم، ويتعاملون مع الشعب على أنه مجموعة من الأطفال الذين يحتاجون للرعاية والوصاية والتأهيل حتى يبلغوا سن الفطام!
المطلوب، قبل الكفّ عن هذه السياسة البائسة، وعلى نحو عاجل، فتح تحقيق في ظروف الاعتداء بالسلاح الناري على العبيديين، وعدم التستر على الجاني (أو الجناة)، وتقديمهم للعدالة ليلقوا القصاص ويكونوا عبرة لغيرهم. ومن دون ذلك فإن حادثة الطفيلة ستكون واحدة من المحطات التي سيتذكرها من سيعضون أصابعهم ندما، ولكن بعد فوات الأوان، لأنهم نسوا أو تناسوا أن «العدل أساس الحكم».عن"السبيل"