«ثورة بيضاء» للرد على «إسقاط النظام»
د.موسى برهومة
جو 24 : من الضروري أن يجري فكفكة بعض المفاهيم التي تبدو للبعض «عالقة» في مقالتي يوم أمس الأحد.
فالحديث عن «مخطط إسقاط النظام» لا يعني أن الفاعلين فيه «جواسيس» أو «عملاء»، لكنهم في ممارساتهم، وغياب العقل الاستراتيجي الناظم لمفردات الفعل في الدولة، يصبحون معاول مساعدة في تنفيذ «المخطط».
وإذا كان للمخطط الذي يسعى إلى «إسقاط النظام»، أياد داخلية، تعمل بلا وعي، ولربما بوعي! من أجل توتير الأوضاع، وإشعالها، جريا وراء نظرية «حافة الهاوية»، فإن لمخطط «إسقاط النظام» دوافع وحسابات خارجية، يتمثل أكثرها سطوعا في ربط المساعدات الخارجية (وبخاصة الخليجية: السعودية وقطر) بدور فاعل للأردن في الملف السوري، حيث يقال للأردن: نفذ ما نطلبه منك وسندفع لك حالا، ولربما سنحلّ مشكلتك المالية للأبد.
والمطلوب من الأردن يتصل بجوانب عدة من بينها إرغامه على القبول باستضافة حكومة سورية مؤقتة، كما تقول بعض المصادر، التي تضيف أن الطلب يقدم للجانب الأردني خيارات (أحلاها مرّ)، فإما أن يكون مقر الحكومة عمان أو الرمثا، أو أن يدعم الأردن عملية أمنية - عسكرية لخلق مكان لهذه الحكومة داخل الأراضي السورية في درعا، بعد أن رفضت الحكومة التركية استقبال هذه الحكومة نتيجة للضغط الروسي.
وهناك اشتراطات (عربية وغربية) على الأردن أكثر تعقيدا، لكنها تصب في إطار الدعم اللوجستي المتصل بالثورة السورية، وفي مرحلة لاحقة التوغل العسكري في الداخل السوري من جهة الشمال.
وحينما قرأ «مركز صناعة القرار» هذه الخيارات، ودرسها، وجد أن الكلفة باهظة الثمن، فأبدى تحفظه عليها لخطورة تداعياتها السياسية والأمنية على الأردن، حينها تم تهديد الأردن بإشعال ثورة شعبية رفعت منذ يومها الأول، وعلى شاشات الفضائيات الأكثر مشاهدة في العالم شعار «إسقاط النظام»، بعد لحظات من إعلان رئيس الوزراء عبدالله النسور قرار رفع الأسعار.
المخابرات كانت تعلم بتداعيات القرار واتساع رقعته، وحذرت من توقيت الرفع مسبقا، لكنّ النسور وطيفا من قوى التأزيم داخل النظام دعموا قرار الرفع، على قاعدة أنه «شر لا بد منه»، وأن الشارع سرعان ما يهدأ ويعود الناس إلى «رشدهم».
في اليوم التالي، على «هبة تشرين» حذرت السفارة الأميركية رعاياها، ثم فيما بعد تلتها السفارة السعودية، وهناك سفارات حذرت رعاياها سرا. وفي غضون ذلك بدأت الهمهمات تخرج من دائرة الهمس إلى العلن، فصرّح النسور أمام مراسلي الصحافة العربية والأجنبية «إحنا الحصن الأخير للخليج، ولولانا لانهمرت الصواريخ عليهم». ثم تساءل لماذا يريدون ربط الدعم بقرار سياسي أو عسكري؟
وفي خضم الأزمة جرى اتصال رفيع المستوى بين الأردن والكويت بخصوص الدعم (أو...) لكن الرد كان سلبيا، ومغمغما!
إذن، دعونا نربط خيوط «مخطط إسقاط النظام»، الذي تحدثنا عنه الآن في المقالة السابقة، لنعرف أين ستقودنا المآلات القادمة، لأننا أمام استحقاقات لا يمكن القفز عنها أو تجاهلها، فقد حانت لحظة المصارحة والمكاشفة والشفافية، لأن «المخطط» الخارجي، وجد له أذرعا داخلية، سواء بغباء الحكومة والموافقين على قرارها، أو بإدارة الإعلام الرسمي للأزمة على نحو بدائي وغوغائي، أو بالهجوم الضاري لقطعان البلطجية والسرسرية وخريجي السجون، أو من يحتمون من جماعة «الموالاة» بصورة الملك، ويعتدون على الناس ويروّعونهم، ويحطّمون محالهم وسياراتهم.
ليس أمام الملك من خيار، في ضوء المعطيات الراهنة، سوى الخروج على شعبه، وإعلان «ثورة بيضاء» تجعل خياره الأول والأخير شعبه الذي لن يقبل أبدا بعد «هبة تشرين» بمعالجات تقليدية، ومقاربات كالتي اعتدنا عليها، خلال الربيع الأردني، الذي ينذر بأن يكون ربيعا عربيا، ولكن ليس على مزاج الأردنيين، وإنما وفق مزاج السفارة الأمريكية، وعباءات النفط!
mussaben@hotmail.com
فالحديث عن «مخطط إسقاط النظام» لا يعني أن الفاعلين فيه «جواسيس» أو «عملاء»، لكنهم في ممارساتهم، وغياب العقل الاستراتيجي الناظم لمفردات الفعل في الدولة، يصبحون معاول مساعدة في تنفيذ «المخطط».
وإذا كان للمخطط الذي يسعى إلى «إسقاط النظام»، أياد داخلية، تعمل بلا وعي، ولربما بوعي! من أجل توتير الأوضاع، وإشعالها، جريا وراء نظرية «حافة الهاوية»، فإن لمخطط «إسقاط النظام» دوافع وحسابات خارجية، يتمثل أكثرها سطوعا في ربط المساعدات الخارجية (وبخاصة الخليجية: السعودية وقطر) بدور فاعل للأردن في الملف السوري، حيث يقال للأردن: نفذ ما نطلبه منك وسندفع لك حالا، ولربما سنحلّ مشكلتك المالية للأبد.
والمطلوب من الأردن يتصل بجوانب عدة من بينها إرغامه على القبول باستضافة حكومة سورية مؤقتة، كما تقول بعض المصادر، التي تضيف أن الطلب يقدم للجانب الأردني خيارات (أحلاها مرّ)، فإما أن يكون مقر الحكومة عمان أو الرمثا، أو أن يدعم الأردن عملية أمنية - عسكرية لخلق مكان لهذه الحكومة داخل الأراضي السورية في درعا، بعد أن رفضت الحكومة التركية استقبال هذه الحكومة نتيجة للضغط الروسي.
وهناك اشتراطات (عربية وغربية) على الأردن أكثر تعقيدا، لكنها تصب في إطار الدعم اللوجستي المتصل بالثورة السورية، وفي مرحلة لاحقة التوغل العسكري في الداخل السوري من جهة الشمال.
وحينما قرأ «مركز صناعة القرار» هذه الخيارات، ودرسها، وجد أن الكلفة باهظة الثمن، فأبدى تحفظه عليها لخطورة تداعياتها السياسية والأمنية على الأردن، حينها تم تهديد الأردن بإشعال ثورة شعبية رفعت منذ يومها الأول، وعلى شاشات الفضائيات الأكثر مشاهدة في العالم شعار «إسقاط النظام»، بعد لحظات من إعلان رئيس الوزراء عبدالله النسور قرار رفع الأسعار.
المخابرات كانت تعلم بتداعيات القرار واتساع رقعته، وحذرت من توقيت الرفع مسبقا، لكنّ النسور وطيفا من قوى التأزيم داخل النظام دعموا قرار الرفع، على قاعدة أنه «شر لا بد منه»، وأن الشارع سرعان ما يهدأ ويعود الناس إلى «رشدهم».
في اليوم التالي، على «هبة تشرين» حذرت السفارة الأميركية رعاياها، ثم فيما بعد تلتها السفارة السعودية، وهناك سفارات حذرت رعاياها سرا. وفي غضون ذلك بدأت الهمهمات تخرج من دائرة الهمس إلى العلن، فصرّح النسور أمام مراسلي الصحافة العربية والأجنبية «إحنا الحصن الأخير للخليج، ولولانا لانهمرت الصواريخ عليهم». ثم تساءل لماذا يريدون ربط الدعم بقرار سياسي أو عسكري؟
وفي خضم الأزمة جرى اتصال رفيع المستوى بين الأردن والكويت بخصوص الدعم (أو...) لكن الرد كان سلبيا، ومغمغما!
إذن، دعونا نربط خيوط «مخطط إسقاط النظام»، الذي تحدثنا عنه الآن في المقالة السابقة، لنعرف أين ستقودنا المآلات القادمة، لأننا أمام استحقاقات لا يمكن القفز عنها أو تجاهلها، فقد حانت لحظة المصارحة والمكاشفة والشفافية، لأن «المخطط» الخارجي، وجد له أذرعا داخلية، سواء بغباء الحكومة والموافقين على قرارها، أو بإدارة الإعلام الرسمي للأزمة على نحو بدائي وغوغائي، أو بالهجوم الضاري لقطعان البلطجية والسرسرية وخريجي السجون، أو من يحتمون من جماعة «الموالاة» بصورة الملك، ويعتدون على الناس ويروّعونهم، ويحطّمون محالهم وسياراتهم.
ليس أمام الملك من خيار، في ضوء المعطيات الراهنة، سوى الخروج على شعبه، وإعلان «ثورة بيضاء» تجعل خياره الأول والأخير شعبه الذي لن يقبل أبدا بعد «هبة تشرين» بمعالجات تقليدية، ومقاربات كالتي اعتدنا عليها، خلال الربيع الأردني، الذي ينذر بأن يكون ربيعا عربيا، ولكن ليس على مزاج الأردنيين، وإنما وفق مزاج السفارة الأمريكية، وعباءات النفط!
mussaben@hotmail.com