شمسنا نعمة نووية
د. ايوب ابو دية
جو 24 : الطاقة الشمسية التي ذاع صيتها في العالم في السنوات الأخيرة بوصفها طاقة المستقبل النظيفة والآمنة – طاقة السلام، قد أصبحت في عام 2015 طاقة العام والمستقبل معاً بلا منازع. لقد تفاجأ الجميع في منتصف شهر أيار من الأسعار التي قدمتها الشركات المستثمرة في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للمرحلة الثانية والتي بلغت حد 43 فلساً للكيلواط ساعة، فيما لا تتحمل الدولة أي كلفة استثمارية. فحتى الغاز والنووي والفحم الحجري لم يعد بوسعهم منافسة هذه الأسعار وبخاصة في ظل الوعي البيئي السائد اليوم.
الطاقة الشمسية هي طاقة ناجمة عن التحام نووي لذرات خفيفة على سطح الشمس تحت درجات حرارة مرتفعة جداً، وهذه هي تكنولوجيا الاندماج النووي على سطح الشمس التي سوف تمد عالمنا والعوالم الأخرى بالطاقة المستدامة لعشرات الألوف من السنوات، على الأقل قبل أن تتمدد الشمس وتفنى وتصيب كوكبنا بالهلاك. إنها طاقة نظيفة ومستدامة وآمنة وسريعة التحقق، فماذا يخبئ لنا المستقبل في ضوء نجاح المرحلة الثانية من مشاريع الطاقة الشمسية التي طرحتها وزارة الطاقة والمعادن مشكورة (200 ميجاواط)، وفي ضوء تبني الديوان الملكي العامر مشاريع شمسية أيضاً تمخضت بالنجاح في أول مشروع يتم بمبادرة الديوان بقدرة 5,6 ميجاواط؟ ومشروع جامعة آل البيت 85 ميجاواط ومشروع "شمس" معان بقدرة تزيد عن ذلك ومشاريع مئات المواطنين الذي ارتبطوا بشبكة الكهرباء الوطنية وشبكوا الكهرباء الشمسية من فوق اسطحة منازلهم منذ صدور قانون الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة عام 2012. وهي قدرات لا يستهان بها على الاطلاق كبداية! إذ نأمل أن يحقق الأردن انجازات سريعة وعظيمة مماثلة خلال ما هو متبق من هذا العام.
المطلوب الآن الانتقال إلى الخطوة التالية وبسرعة، وتتمثل الخطوة الجديدة في التوقف عن ترديد مقولة الاستراتيجية التقليدية للطاقة لعام 2007 والقائلة عشرة بالمئة هي مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة بحلول عام 2020، وبدلا عن ذلك التطلع إلى 30 – 40% من الكهرباء الشمسية في ذلك التاريخ، أي نحو عام 2020، والتطلع إلى مشاريع طاقة هجينة (غاز ورياح مثلاً) على غرار مشروع شركة سيمنس مع مصر البالغ قيمته 8 مليار يورو بالإضافة إلى الاعتماد على تطوير صناعة النفط من الصخر الزيتي لسد احتياجات قطاع النقل الذي يستهلك نصف فاتورة الطاقة الكلية وكذلك تشغيل محطات الكهرباء التقليدية بالصخر الزيتي (الحرق المباشر) بما لا يقل عن 25% بحلول عام 2020 وفتح المجال امام بناء صناعات بتروكيميائية وطنية. فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، وبالرغم من احتياطي النفط الهائل لديها (266 مليار برميل) فخطتها هي بلوغ حصة 32% من الطاقة المتجددة عام 2032، وقد باتت اليوم تسرع في التحديث من خططها لتزيد هذه الحصة والتوسع في تحلية المياه بالطاقة الشمسية كمشروع الخفجي الواقع على الخليج العربي ومشاريع أخرى مماثلة على البحر الأحمر.
ومما يجدر ذكره أن الكثير من دول العالم تخطت في عام 2012 حاجز 32% مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي، مثل السويد (51%)، لاتفيا (35.8%)، فنلندا (34.3%) والنمسا (32.1%). كذلك حققت ألمانيا مبلغاً متقدماً في سد حاجتها من الكهرباء عبر نظام هجين من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معا والذي وصل إنتاجه إلى 59.1% من استهلاك ألمانيا كلها من الكهرباء وذلك عند الساعة الثانية من عصر يوم الثالث من تشرين الأول لعام 2013.
بقي أن نشير إلى أن بعض الدول في العالم تطمح أن يزيد إنتاجها من الطاقة النظيفة والمتجددة والمستدامة عن 50% وهي ألمانيا التي تتطلع إلى مساهمة تصل إلى 80% عام 2050، وكذلك سكوتلندا التي تريد أن تنجز اعتماداً كاملاً على الكهرباء المتجددة لتغطي مئة بالمئة من حاجتها الى الكهرباء نحو عام 2020، أي في غضون خمس سنوات فقط.
وما هو مطلوب من الحكومة لتحقيق ذلك يتمثل في اتخاذ سياسة منفتحة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية وتطوير جهازها الفني والإداري في دائرة "الطاقة المتجددة" وتسهيل الاستثمار في هذا القطاع إلى أبعد الحدود. والمطلوب كذلك من شركة الكهرباء الوطنية تهيئة الممر الأخضر الذي شرعت به ببراعة ونشاط منذ سنتين لاستيعاب الطاقة المتجددة في الجنوب والشمال الشرقي من المملكة وفي أسرع وقت، وكذلك الاهتمام بالربط الثماني العربي للشبكة الكهربائية، فضلاً عن الاستعداد للربط الكهربائي مع أوروبا عبر مشروع يورو- مد Euro-Med لأن المرحلة القادمة من الإنتاج الكهربائي سوف تفيض كثيراً عن حاجة الأردن من الكهرباء ولذلك يجب إيجاد أسواق عربية أولاً (ربما مصر وفلسطين ولبنان كمرحلة أولى) وأوروبية لاحقاً.
نحن نعتقد أن الأردن بوسعه الشروع في تصدير الكهرباء خلال عام 2016 وبإمكان شركة الكهرباء الوطنية أن تعوض خسائرها خلال أمد قصير، بل ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في أسعار الكهرباء للشرائح العالية وكذلك لقطاع الصناعة والفنادق والمستشفيات الذي تأثر كثيراً في السنتين الماضيتين نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء.
الأردن مقبل على استثمار ضخم في الطاقة الشمسية الهائلة والنظيفة التي يتمتع بها ويزهو، وقد ثبت أن المستثمرين جاهزون لذلك، فبالله عليكم قوموا بتشجيعهم وتسهيل اجراءاتهم لأن ذلك سوف يعكس الصورة الايجابية المرغوبة والمطموح اليها للاستثمار في الأردن للقطاعات المتنوعة، زراعيا وتجاريا وخدماتيا وصناعيا، وبخاصة في ظل هذا الوقت الصعب الذي ما زلنا نحافظ فيه على نعمة الأمن والاستقرار بالرغم من وقوعنا في جزيرة تحيط بها الحروب الأهلية الطاحنة غير واضحة المعالم والنهايات بعد!
الطاقة الشمسية هي طاقة ناجمة عن التحام نووي لذرات خفيفة على سطح الشمس تحت درجات حرارة مرتفعة جداً، وهذه هي تكنولوجيا الاندماج النووي على سطح الشمس التي سوف تمد عالمنا والعوالم الأخرى بالطاقة المستدامة لعشرات الألوف من السنوات، على الأقل قبل أن تتمدد الشمس وتفنى وتصيب كوكبنا بالهلاك. إنها طاقة نظيفة ومستدامة وآمنة وسريعة التحقق، فماذا يخبئ لنا المستقبل في ضوء نجاح المرحلة الثانية من مشاريع الطاقة الشمسية التي طرحتها وزارة الطاقة والمعادن مشكورة (200 ميجاواط)، وفي ضوء تبني الديوان الملكي العامر مشاريع شمسية أيضاً تمخضت بالنجاح في أول مشروع يتم بمبادرة الديوان بقدرة 5,6 ميجاواط؟ ومشروع جامعة آل البيت 85 ميجاواط ومشروع "شمس" معان بقدرة تزيد عن ذلك ومشاريع مئات المواطنين الذي ارتبطوا بشبكة الكهرباء الوطنية وشبكوا الكهرباء الشمسية من فوق اسطحة منازلهم منذ صدور قانون الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة عام 2012. وهي قدرات لا يستهان بها على الاطلاق كبداية! إذ نأمل أن يحقق الأردن انجازات سريعة وعظيمة مماثلة خلال ما هو متبق من هذا العام.
المطلوب الآن الانتقال إلى الخطوة التالية وبسرعة، وتتمثل الخطوة الجديدة في التوقف عن ترديد مقولة الاستراتيجية التقليدية للطاقة لعام 2007 والقائلة عشرة بالمئة هي مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة بحلول عام 2020، وبدلا عن ذلك التطلع إلى 30 – 40% من الكهرباء الشمسية في ذلك التاريخ، أي نحو عام 2020، والتطلع إلى مشاريع طاقة هجينة (غاز ورياح مثلاً) على غرار مشروع شركة سيمنس مع مصر البالغ قيمته 8 مليار يورو بالإضافة إلى الاعتماد على تطوير صناعة النفط من الصخر الزيتي لسد احتياجات قطاع النقل الذي يستهلك نصف فاتورة الطاقة الكلية وكذلك تشغيل محطات الكهرباء التقليدية بالصخر الزيتي (الحرق المباشر) بما لا يقل عن 25% بحلول عام 2020 وفتح المجال امام بناء صناعات بتروكيميائية وطنية. فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، وبالرغم من احتياطي النفط الهائل لديها (266 مليار برميل) فخطتها هي بلوغ حصة 32% من الطاقة المتجددة عام 2032، وقد باتت اليوم تسرع في التحديث من خططها لتزيد هذه الحصة والتوسع في تحلية المياه بالطاقة الشمسية كمشروع الخفجي الواقع على الخليج العربي ومشاريع أخرى مماثلة على البحر الأحمر.
ومما يجدر ذكره أن الكثير من دول العالم تخطت في عام 2012 حاجز 32% مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي، مثل السويد (51%)، لاتفيا (35.8%)، فنلندا (34.3%) والنمسا (32.1%). كذلك حققت ألمانيا مبلغاً متقدماً في سد حاجتها من الكهرباء عبر نظام هجين من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معا والذي وصل إنتاجه إلى 59.1% من استهلاك ألمانيا كلها من الكهرباء وذلك عند الساعة الثانية من عصر يوم الثالث من تشرين الأول لعام 2013.
بقي أن نشير إلى أن بعض الدول في العالم تطمح أن يزيد إنتاجها من الطاقة النظيفة والمتجددة والمستدامة عن 50% وهي ألمانيا التي تتطلع إلى مساهمة تصل إلى 80% عام 2050، وكذلك سكوتلندا التي تريد أن تنجز اعتماداً كاملاً على الكهرباء المتجددة لتغطي مئة بالمئة من حاجتها الى الكهرباء نحو عام 2020، أي في غضون خمس سنوات فقط.
وما هو مطلوب من الحكومة لتحقيق ذلك يتمثل في اتخاذ سياسة منفتحة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية وتطوير جهازها الفني والإداري في دائرة "الطاقة المتجددة" وتسهيل الاستثمار في هذا القطاع إلى أبعد الحدود. والمطلوب كذلك من شركة الكهرباء الوطنية تهيئة الممر الأخضر الذي شرعت به ببراعة ونشاط منذ سنتين لاستيعاب الطاقة المتجددة في الجنوب والشمال الشرقي من المملكة وفي أسرع وقت، وكذلك الاهتمام بالربط الثماني العربي للشبكة الكهربائية، فضلاً عن الاستعداد للربط الكهربائي مع أوروبا عبر مشروع يورو- مد Euro-Med لأن المرحلة القادمة من الإنتاج الكهربائي سوف تفيض كثيراً عن حاجة الأردن من الكهرباء ولذلك يجب إيجاد أسواق عربية أولاً (ربما مصر وفلسطين ولبنان كمرحلة أولى) وأوروبية لاحقاً.
نحن نعتقد أن الأردن بوسعه الشروع في تصدير الكهرباء خلال عام 2016 وبإمكان شركة الكهرباء الوطنية أن تعوض خسائرها خلال أمد قصير، بل ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في أسعار الكهرباء للشرائح العالية وكذلك لقطاع الصناعة والفنادق والمستشفيات الذي تأثر كثيراً في السنتين الماضيتين نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء.
الأردن مقبل على استثمار ضخم في الطاقة الشمسية الهائلة والنظيفة التي يتمتع بها ويزهو، وقد ثبت أن المستثمرين جاهزون لذلك، فبالله عليكم قوموا بتشجيعهم وتسهيل اجراءاتهم لأن ذلك سوف يعكس الصورة الايجابية المرغوبة والمطموح اليها للاستثمار في الأردن للقطاعات المتنوعة، زراعيا وتجاريا وخدماتيا وصناعيا، وبخاصة في ظل هذا الوقت الصعب الذي ما زلنا نحافظ فيه على نعمة الأمن والاستقرار بالرغم من وقوعنا في جزيرة تحيط بها الحروب الأهلية الطاحنة غير واضحة المعالم والنهايات بعد!