"العب بالمقصقص تييجي الطيار"
د. ايوب ابو دية
جو 24 :
تسعى بريطانيا من خلال الشركات التي تقوم بالبحث والتطوير وخاصة شركتي ويستنغهاوس ورويلز رويز العريقتين أن تواكب آخر التطورات في العالم بشأن الصناعة النووية لدعم الاقتصاد البريطاني واستمرار نفوذه في العالم. إذ يتحدث التقرير في صفحة 61 إن هناك أسبابا كثيرة ومخاطر تواجه الصناعة البريطانية في هذا المجال ولذلك يستدعي الأمر تدخل الحكومة البريطانية مباشرة. ولذلك يوصي التقرير أن تقود هذا التطوير المختبرات النووية الوطنية (NNL) في بريطانيا مع الشركات الأخرى للمحافظة على قدرة بريطانيا النووية على التصنيع وأيضاً للمحافظة على مستوى كفاءة خبراء الطاقة النووية والصناعة النووية اللذين ناهز عددهم 60 – 70 ألف شخص بحيث يتم رفدهم بمعلومات جديدة وخبرات جديدة وتمكينهم للدخول في المنافسة على صعيد عالمي.
ويعترف التقرير أن هناك مشكلات هندسية واقتصادية تشغل بال المستثمرين وتشكل عوائق أمام موافقتهم على الانخراط في هكذا مشروع، وبخاصة لأنه لتاريخه فإن المفاعلات النووية الصغيرة "SMRs" ما زالت تكنولوجيا غير مثبتة كما جاء بوضوح تحت عنوان "النضوج التكنولوجي" في صفحة 63. وقد وضع التقرير في صفحة 64 درجات لهذا النضوج على سلم الترتيب من 1 – 10، حيث تعتبر رقم 10 التكنولوجيا ناضجة. وهكذا فإن تقديرات الخبراء لنضوج تكنولوجيا المفاعلات النووية الصغيرة تتراوح من 3 – 7، وهذا التقييم يؤثر على الحسابات الاقتصادية لتكلفة الكهرباء الناتجة من هذه المفاعلات مقارنة بالمفاعلات الكبيرة؛ ولذلك ينتهي التقرير بصفحة 64 إلى تلخيص الوضع بأن السوق غير ناضج بعد للاستثمارات واتخاذ المخاطر واستعادة رأس المال المستثمر في الوقت المحدد بناءً على المعطيات الأخيرة.
وصدر تقرير أخر بتاريخ 21/7/2016 يدرس فيه تكنولوجيا المفاعلات الصغيرة والتقييم الاقتصادي لها ويظهر مدى اهتمام بريطانيا الكبير في أن يكون لها دور في إنجاز نسبة كبيرة من التصميم والتصنيع لهذه المفاعلات لترويجها في بريطانيا وحول العالم. وقد جاء في صفحة 116 من التقرير الذي نشرته شركة أتكنز الشهيرة أن العديد من تصاميم هذه المفاعلات لم ينته وكذلك العمل على دراسة تقييمها الاقتصادي بحيث يمكن مقارنتها بمفاعلات أخرى؛ وينتهي التقرير في صفحة 121 للقول أن الاستثمار الطويل الأمد في هذه المفاعلات كان يمكن أن يكون أفضل إذا تم تصميم مفاعلات أكثر بساطة وأماناً في المستقبل.
وقد أعلنت شركة ويستنغهاوس مؤخرا أنها انسحبت من تطوير المفاعلات النووية الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأنها تنوي الانسحاب أيضاً من تطويرها في بريطانيا، إذ بدأت تفقد الاهتمام لأسباب لها علاقة بدرجة امان هذه التكنولوجيا والتكلفة المرتفعة.
ختاماً نستطيع القول إن اللجوء إلى المفاعلات النووية الصغيرة ربما يكون حجة لاستمرار استنزاف الخزينة ولجعل المشروع يبدو أكثر واقعية وإمكاناً ولخفض درجة مخاوف الأردنيين من تبعات هكذا مشاريع على الاقتصاد والصحة والمياه والأمان. وكما يقول المثل:
"العب بالمقصقص تييجي الطيار".