jo24_banner
jo24_banner

الأجور والأسعار في ظل الأزمة

فهمي الكتوت
جو 24 :

تحتل قضية الأجور والأسعار أهمية خاصة في هذه الأيام، ليس على الصعيد المحلي أو الإقليمي فحسب، بل وعلى الصعيد العالمي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية عامة، وهناك علاقة مباشرة بين العمل والأجر والاسعار، فالاجر هو مقابل الجهد الإنساني المبذول للحصول على شيء ملموس لتأمين احتياجات المجتمع من مأكل وملبس ومسكن... اذ العامل يبيع جَهده كأية سلعة في السوق مقابل الاجر الذي يؤمن الحد الأدنى للإنسان من مقومات الحياة لتجديد قوته، ويتمتع رأس المال بفائض القيمة، وابقاء العامل واسرته على حافة الفقر كالغالبية العظمى من الشعوب العربية خاصة في البلدان غير النفطية، اما ما يسمى بالاجر العادل فهو " شكل من أشكال إعادة توزيع الدخل"، وبقدر ما يتمكن العمال من تنظيم صفوفهم وتشكيل مؤسساتها النقابية والسياسية، والاعتراف بها اجتماعيا وسياسيا، بقدر ما تحقق شروطا أفضل من نصيبها من القيمة المضافة، لذلك تجد العمال في البلدان الديمقراطية يتمتعون بشروط أفضل من عمال البلدان النامية، ليس لكفاءة النظام الرأسمالي في تحقيق نسب مرتفعة من القيمة المضافة فحسب، بل لتمكن العمال من التنظيم ومواجهة الليبرالية المتوحشة بشكل أفضل.


وفي مجتمعنا يشكل العمال حلقة ضعيفة، قد تكون لنشأة الطبقة العاملة وتكوينها كطبقة حديثة العهد، وغياب الديمقراطية وهيمنة القبضة الامنية اسباب ضعفها، مما حرمها من انشاء تنظيماتها القادرة على قيادتها للدفاع عن حقوقها، وايا كانت الاسباب فالعامل مستهدف، خاصة في ظل منافسة شديدة ووجود احتياط من العاطلين عن العمل في السوق، وفي ظل حرية رأس المال المطلقة سواء في الاجور او الاسعار، وغالبا ما يكون التدخل الحكومي في غير صالح العمال، مثل تحديد الحد الادنى للاجر بقيمة 190 دينارا، في ظل ارتفاع معدلات التضخم، خاصة إذا ما علمنا أن غالبية العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص ويعيلون 6 افراد يعيشون على حد الفقر، إضافة إلى تآكل نسبة واسعة من الطبقة المتوسطة، ولدى مطالبتهم بتحسين ظروفهم المعيشية او الدفاع عن لقمة عيشهم يواجهون باساليب عرفية. والمشهد ماثل امامنا من معاناة للطبقة العاملة والفقراء عامة.


حيث يشهد الشارع الأردني حالة غليان متصاعدة بعد انسداد الأفق لإيجاد حلول سياسية لقضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتقدم الحلول الأمنية على الحلول السياسية، واعتقال عدد من نشطاء الحراك السياسي المحتجين على رفع أسعار المشتقات النفطية، وتجاهل المطلب الرئيسي بإلغاء قانون الصوت الواحد المجزوء، ومكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين الذين تسببوا بإضرار كبيرة للاقتصاد الأردني، وبدلا من الاستجابة للمطالب الشعبية، رضخت الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي، بتحميل جيوب العمال والفقراء أعباء الأزمة. والتي تعتبر ثمرة للسياسات الرسمية للحكومات المتعاقبة، التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية، ولا ذنب للفقراء بتحمل أعبائها، فرغم المديونية التي تجاوزت 15 مليار دينار، وخرقت كل السقوف التي حددتها القوانين، تقف الحكومة عاجزة عن مواجهة الأزمات المتراكمة، فالمديونية الداخلية امتصت السيولة من السوق المحلية، لتعاني الاستثمارات من النقص في التمويل، كما لم يعد بمقدور الحكومة الحصول على مزيد من القروض الخارجية من دون عناء شديد وشروط قاسية، وقد فسرت الإجراءات الأخيرة التي تمت في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لتمرير صفقة مريبة ببيع أسهم الضمان في بنك الإسكان لحرمان صندوق الضمان من عائدات الأموال المستثمرة في مؤسسة تحقق ارباحا ملموسة، ولتوفير سيولة زائدة في الضمان لا حاجة لها سوى القيام ببعض المغامرات الاستثمارية التي لا تخدم صندوق الضمان، ولتسهيل مهمة الحكومة في الاقتراض من صندوق الضمان، من دون الأخذ بعين الاعتبار ما ينطوي على هذه الإجراءات من مخاطر على مستقبل صندوق العمال.


إن النهج السائد أوصل البلاد إلى طريق مسدود فقد أغلقت أبواب الإصلاح كافة ، وقانون الانتخاب الحالي لا يشكل أساسا صالحا لإجراء انتخابات تجسد الإصلاحات المنشودة لميلاد مجلس نيابي مؤهل لتشكيل حكومة برلمانية برنامجية لمواجهة الأزمات الخطيرة التي تواجه البلاد، فالتعديلات التي طرأت على قانون الانتخاب حصرت بقائمة وطنية نسبتها لا تشكل أكثر من 18 % من تركيبة المجلس، إضافة إلى انه ليس هناك أي ضمانات على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل ما تسرب من معلومات حول بعض المظاهر التي تمس سلامة الإعداد للانتخاب. لذلك ليس بالأفق ما يبشر بالخروج من الأزمة سياسيا، ما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية عامة وعلى العمال والفقراء على وجه الخصوص. العرب اليوم

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير