jo24_banner
jo24_banner

كيري.. وتداعيات المشهد الأخير

فهمي الكتوت
جو 24 : قفز مشروع كيري الى مقدمة اهتمامات الفلسطينيين والاردنيين، باعتبارهما من اوائل المتضررين، وباعتباره التحدي الاكبر بتاريخ الصراع العربي – "الاسرائيلي" الذي يفضي الى تصفية القضية الفلسطينية، مستفيدا من حالة الردة التي يعيشها الوطن العربي، والنجاح الاميركي الباهر بحرف مسار الثورات الشعبية، وتحويل الصراع العربي – "الاسرائيلي" الى صراع عربي–عربي، واقتتال داخلي. وتوظيف الحركات الاسلامية المتشددة بنشر ثقافة الكراهية، وجز الرؤوس، وتعميم سياسة المفخخات والتفجيرات اليومية، في العواصم العربية، وحصد الابرياء من المدنيين العزل.
ويعبرالمشروع الاميركي عن مصالح الكيان الصهيوني بالمطلق، ابتداء من فرض الاعتراف بيهودية الدولة، الذي يضمن الغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وما يتبعه من سياسة الترانسفير للعرب الفلسطينيين في القرى والمدن المحتلة عام 48، والذي يصل عددهم الى اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، يشكلون حوالي 20% من السكان، ويعتبروا الاخطر في قائمة القوى المناهضة للسياسة التوسعية. اما حل الدولتين، اختزله كيري بإقامة دويلة فلسطينية، منزوعة السيادة على 55% من اراضي الضفة الغربية، مقطعة الاوصال ومحاطة بقوات الاحتلال الصهيوني من مختلف الاتجاهات بما في ذلك الحدود الاردنية، والسيطرة على كافة المعابر، والابقاء على جدار الفصل العنصري، والمستوطنات التي حولت الضفة الغربية الى جزر منفصلة "كانتونات"، والاستيلاء على القدس عاصمة فلسطين، واستبدالها في بلدة ابو ديس المجاورة للقدس.
ويشعر الشعبان الاردني والفلسطيني بقلق شديد تجاه الاخطار المحدقة التي تترتب على مؤامرة كيري، من تصفية للقضية الفلسطينبة وحرمان الفلسطينييين من حق العودة الى ديارهم في فلسطين، مقابل تعويضات مادية، وفرض سياسة التوطين، كما يحمل مشروع كيري في طياته تداعيات خطيرة على الاردن. فالمشروع الاميركي يتضمن نسخة اردنية سيتم اقرارها بعد اقرار النسخة الفلسطينية، تتضمن اتفاقيات وملاحق اردنية - فلسطينية – "اسرائيلية" ضمن صياغات تؤدي الى اختراق اسرائيلي مباشر للاردن، من خلال الاتفاقيات الامنية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني، وما يعنيه ذلك من اخطار حقيقية على استقرار الاردن.
والإدارة الاميركية على ما يبدو جادة هذه المرة في مشروعها، يقول توماس فريدمان في هذا الصدد، وهو كاتب اميركي صهيوني، مطلع على بواطن الامور ومن اشد المدافعين عن الكيان الصهيوني. "من الواضح أن جون كيري إما أن يكون هو المنقذ الدبلوماسي لإسرائيل أو أخطر المتعصبين الدبلوماسيين الذين واجهتهم إسرائيل على الإطلاق. بيد أنه لم يعد هناك أي حالة وسط بين هذين الأمرين. ويعتبر ذلك من اللحظات النادرة في السياسة الخارجية التي تأسر الانتباه... وتدعو «خطة كيري» الى إنهاء الصراع وجميع المطالب، عقب الانسحاب المرحلي من الضفة الغربية... مع وجود ترتيبات أمنية غير مسبوقة في منطقة غور الأردن الاستراتيجية. ولن يتضمن الانسحاب من تجمعات استيطانية معينة. بالإضافة إلى اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. ولن تتضمن الخطة أي حقوق لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل على الإطلاق". واضح تماما مدى الحرص الاميركي على مصالح الكيان الصهيوني، وخرق صريح لقرارات الشرعية الدولية واهمها قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة رقم 194 الذي يضمن حق العودة، وغيرها من القرارات التي لا تجيز احتلال الاراضي بالقوة.
ويمكن رؤية الخلاف الاميركي – "الاسرائيلي" من زاوية الحرص الاميركي على انهاء الصراع العربي- "الاسرائيلي" باعتبار اللحظة التاريخة، التي قد لا تتكرر، الاكثر ملاءمة لتصفية القضية الفلسطينية من وجهة نظرها، ومن هنا جاء التهديد الاميركي بالمقاطعة الاقتصادية "لاسرائيل" والتي شكلت صدمة للكيان الصهيوني... اما حكومة العدو الصهيوني فتعتبر المرحلة الحالية العصر الذهبي، فالصراعات الدائرة في الاقطار العربية وتدمير اهم دول المنطقة سوريا والعراق، واشغال المقاومة اللبنانية بصراعات جانبية، وتراجع دور المقاومة الفلسطينية، سببا كافيا للتشدد "الاسرائيلي" فهي تعتقد ان المناخ السياسي مناسبا لابتلاع المزيد من الاراضي الفلسطينية، وان الوقت في صالحها، بدليل انها قررت قبل ايام بناء مستوطنات جديدة، واعلنت عن نيتها ضم المستوطنات الصهيونية التي اقامتها في الضفة الغربية الى الكيان الصهيوني.
اما السؤال الاهم:هل يملك المفاوض العربي في فلسطين والاردن الارادة السياسية لرفض المشروع الاميركي؟ فإذا تجرأ كيري على تهديد "اسرائيل" بتفعيل المقاطعة الاقتصادية للمستوطنات في حال افشلت المشروع الاميركي، ما هي الاوراق الاميركية التي يمكن استخدامها في مواجهة فلسطين والاردن؟ لا شك انها كثيرة، وفي مقدمتها الضغوط المالية، فالسلطة الفلسطينية التي ارتفعت نفقاتها الى (4) مليارات دولار سنويا، تغطي اميركا واوروبا معظمها، اضافة الى الايرادات الضريبية التي يتم تحصيلها من خلال الجمارك "الاسرائيلية". اما الاردن فالوضع لا يقل سوءا، فمن المعروف ان الحكومة الاردنية تعتمد على الولايات المتحدة الاميركية بتأمين العجز السنوي البالغ اكثر من (5) مليارات دولار سنويا سواء من خلال الهبات المقدمة من اميركا وحلفاءها، او من خلال التدخل الاميركي لكفالة القروض الاردنية، بعد ان فقد الاقتصاد الاردني القدره على الاقتراض بدون كفالة اميركية. لعدم مقدرته على تسديد القروض واغراق البلاد بالمديونية. وهذا دليل على ان النهج السياسي والاقتصادي وغياب الديمقراطية الحقيقية اوصل البلاد الى وضع كارثي يهدد استقلاله. لذلك ينبغي توحيد كافة القوى الوطنية لإفشال مشروع كيري والتصدي للنهج السائد.
تابعو الأردن 24 على google news