2024-04-23 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الفجوة بين الأغنياء والفقراء

فهمي الكتوت
جو 24 : في خطابه عن "حال الاتحاد"، ركز الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشكل رئيسي على الجانب الاقتصادي، محاولا اضفاء اجواء ايجابية على الاقتصاد الأمريكي، مطلقا وعودا غير مبررة موضوعيا، بتحقيق اختراق ملموس للخروج من الازمة المالية والاقتصادية خلال العام الحالي 2014، فالخطاب يعكس حالة القلق والارباك التي تمر بها الادارة الأمريكية، وغياب الرؤية الاقتصادية الواضحة لتسريع النمو، وتحقيق انتعاش اقتصادي. على الرغم من استخدام بعض المفردات لاستمالة الفقراء الى جانبه، مثل "تخفيض الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتعزيز الطبقة الوسطى، ورفع الحد الأدنى للأجر". دون ان يوضح الرئيس عن الاجراءات والآليات التي تضمن توزيع الثروة والحد من تمركزها، وهو يعلم ان 85 شخصا يملكون نصف ثروة العالم، وفقا لما نشرته (CNN)عن تقرير جمعية "اوكسفام" لمحاربة الفقر في تقريرها المنشور عشية مؤتمر "دافوس" الاقتصادي، الذي عقد خلال الشهر الماضي، وبين التقرير أن الثروة العالمية نمت بنسبة خمسة في المائة لتبلغ 241 تريليون دولار، خلال العام الماضي، إلا أن الملفت للنظر أن 110 تريليونات دولار من هذه الثروات هي بيد واحد في المائة من أغنياء العالم.

أما التحديات التي تواجه الإدارة الأمريكية في الجانب الاقتصادي فهي نوعان. الاول: يتلخص بعدم مقدرة الديمقراطيين على اتخاذ القرارات التي تحتاج موافقة الكونغرس الأمريكي، والتي ادت الى تصعيد خطير في اكتوبر من العام الماضي تسبب بشلل الحكومة الفيدرالية بعد توقف ثلث العاملين في الاجهزة الاتحادية عن العمل، لرفض الجمهوريين رفع سقف الدين العام قبل الوصول لاتفاق حول خفض عجز الموازنة، وهي من القضايا المرشحة بالظهور مرة اخرى، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية مقبلة على انتخابات نيابية في نوفمبر المقبل. وما يعنيه ذلك من احتدام للصراع بين الحزبين الرئيسيين، لكي يثبت كل منهما انه يملك القدرة على اخراج الاقتصاد الأمريكي من ازمته، وخاصة ان الجمهوريين معنيين بعرقلة خطط اوباما وافشالها للاستفادة من الانتخابات القادمة. والثابت الوحيد ان الجمهوريين ادخلوا الاقتصاد العالمي في ازمة خطيرة، وان الديمقراطيين فشلوا في الخروج منها. اما الثاني: لا احد من الفريقين يملك برنامجا للخروج من الازمة في ظل المعطيات التي شهدها العالم في العقدين الاخيرين، فالحديث عن ترميم الطبقة الوسطى، وردم الفجوة لا يتم بالامنيات والوعود البراقة، فاللاقتصاد الرأسمالي قوانينه التي تتحكم بمساره، وان محاولات التكيف واستيعاب الازمات الدورية التي تعايش معها النظام الرأسمالي خلال العقود الماضية فقدت اهم عناصرها بتحول مواقع اهم الدول النامية من بلدان تابعة للمراكز الرأسمالية خاضعة لشروط التبعية، الى دول منافسة تشكل اكبر تحد للمراكز الرأسمالية.
إن اتساع وعمق الازمة المالية والاقتصادية، وفشل الاجراءات التي اتبعت لمواجهتها فتح الباب على مصراعيه امام اوسع حوار غير مباشر بين رجال الفكر والاقتصاديين منهم على وجه الخصوص، حول الازمة، وتعثر النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وحتى مستقبل الاقتصاد الرأسمالي، وهي ليس من الحوارات النمطية، بل عبر الاراء والافكار والمعالجات التي ظهرت خلال الاعوام الستة الماضية من عمر الازمة، فمنهم من توقع التعافي السريع، بفضل ضخ الاموال على المؤسسات المتعثرة، وشراء عدد منها، واقدم المحافظون الجدد في امريكا ممثلين بالحزب الجمهوري بشراء مؤسسات من القطاع الخاص، بصورة دراماتيكية متجاوزين محرمات الاقتصاد الحر، اضافة الى اجراءات التحفيز الاقتصادي بأشكالها المختلفة المدعومة بالإنفاق الممول بالقروض، والتي اعتمدتها المراكز الرأسمالية، باعتبارها احد مخارج الاقتصاد من الازمة، والتي اعطت نتائج عكسية، وقد اصبحت من اهم اسباب الازمة، بسبب تفاقم المديونية التي دفعت عددا من الدول الرأسمالية نحو حافة الافلاس.
اما آخر ابداعات جهابذة النظام الرأسمالي للخروج من الازمة، فتتمثل في فرض سياسة التقشف على المواطنين "بتخفيض الاجور وزيادة الضرائب، وتراجع النفقات الحكومية الخدمية" والتي اسهمت بشكل ملحوظ بتمركز الثروة، واتساع دائرة الفقر، وادخلت اقتصادات النظام الرأسمالي في نفق مظلم. ويؤكد الاقتصادي الأمريكي مايكل سبنس الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد ان الاتجاهات السلبية في توزيع الدخل كانت سابقة للأزمة واستمرت بعد نهايتها. ففي الولايات المتحدة اتسعت الفجوة بين نصيب الفرد في الدخل والدخل المتوسط إلى أكثر من عشرين ألف دولار. وقد تركزت أغلب مكاسب الدخل الناجمة عن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع العلوي من فئات الدخل. اما في مجال الاجابة على السؤال الجوهري حول الركود الاقتصادي إن كان حتميا في المراكز الرأسمالية، باعتقادي ان توزيع عادل للثروة، ومعالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل للمواطنين كافة، من اهم اسباب تجنب حالة الركود الاقتصادي، لرفع القدرة الشرائية لدى المواطنين، وزيادة الطلب على السلع، فإن السياسات التي اتبعت في المراكز الرأسمالية خلال سنوات الازمة اسهمت في تعميق الازمة وليس الخروج منها، وان سياسة التقشف التي تمارسها المراكز الرأسمالية عمقت ظاهرة الركود التضخمي، بازدياد معدلات البطالة، وضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع الاسعار.
تابعو الأردن 24 على google news