jo24_banner
jo24_banner

مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي

فهمي الكتوت
جو 24 :

بينما كانت كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي، تعبِّر عن تفاؤلها بسبب التحسن الطفيف الذي طرأ على الاقتصاد العالمي، لم تُخفِ عدم ارتياحها من حجم التحديات الكبيرة التي تواجهه؛ فهي تحذِّر من ضعف النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة، والمخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي. وتشير إلى ثلاثة مخاطر تؤثر في النمو؛ وهي: معدل النمو فائق الانخفاض بالاقتصادات المتقدمة، وزيادة المخاطر التي تواجه الاقتصادات الصاعدة، والمخاطر السياسية؛ مثل: الأزمة بين أوكرانيا وروسيا.
وفي السياق ذاته، يجري الحديث عن أزمة مالية جديدة تلوح في الأفق، فقد أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين في الآونة الاخيرة بروز مظاهر فقاعات في قطاعي العقار وأسواق الأسهم. مثل ارتفاع سريع بأسعار المساكن، وارتفاع نسب السعر إلى الدخل، والمستويات العالية من ديون الرهن العقاري كحصة من ديون الأسر. وفي أغلب الاقتصادات المتقدمة تتضخم الفقاعات بفعل أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، كما يقول الخبير الاقتصادي نورييل روبيني.
ومن جهة أخرى، تباينت الآراء حول ارتفاع مؤشر داو جونز لمستويات مرتفعة في ظل الركود الاقتصادي، إن كان ذلك مؤشرًا على فقاعة في أسواق الاسهم، فإن غالبية المحللين يتحدثون عن تصحيح قريب محتمل في الأسواق بعد موجة الارتفاعات التي شهدتها. وتبرز هذه الظاهرة عادة في ظروف انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستويات التضخم؛ حيث تتجه بعض البنوك المركزية نحو ضخ أموال إضافية لتعزيز السيولة من احتياطيات البنوك، والتي يطلق عليها "التيسير الكمي"؛ الأمر الذي يؤدي إلى رفع أسعار الأصول بما لا يتناسب وقيمتها الحقيقية.
وقد ذهب بعض خبراء الاقتصاد إلى أبعد من ذلك، بتوقع موعد انفجار أزمة جديدة، بالاعتماد على التجارب التاريخية والدراسات الاقتصادية، ويقول محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "الجارديان" البريطانية لاري إليوت: إن التجارب التاريخية أظهرت أن دورة الأزمات المالية في العقود الأخيرة مدتها سبع سنوات، وذكر نماذج من أزمة انهيار الأسواق في العام 1987، تبعتها بعد نحو سبع سنوات أزمة الأسواق الصاعدة في آسيا في منتصف التسعينات، ثم أزمة انهيار أسهم التكنولوجيا "الدوتكوم" في 2001، فأزمة الرهن العقاري في 2008، والتي كان أبرز عناوينها انهيار بنك "ليمان براذرز". وبحسب الخبير، فإذا تتبعنا الدورة التاريخية، فإن الأزمة المالية المقبلة قد تكون في الأفق.
وبغض النظر عن تتبع سنوات الأزمة بهذه الدقة والرتابة في مواعيد انفجارها؛ فالثابت الوحيد في هذا المجال وجود الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها، واعتراف علماء الاقتصاد الرأسمالي بحقيقة وجود الانفجار الدوري للازمة كأمر واقع، والذي اطلق عليها "الدورة الاقتصادية"، إلا أن علماء الاقتصاد الرأسمالي لم يخطر ببالهم الكشف عن أسبابها، ليس لعدم القدرة على التحليل والاستخلاص، بل لتناقض المصالح؛ فالدراسة العلمية لأسباب هذه الظاهرة تكشف بوضوح بواطن الخلل في الاقتصاد الرأسمالي، الذي يكمن في أسلوب الإنتاج الرأسمالي، الذي يولد الأزمات الدورية، بمراحلها "أزمة، انتعاش، نهوض، ركود" أزمات فيض الإنتاج، والملازمة لنمط الإنتاج الرأسمالي. والتي تقود الاقتصاد من أزمة إلى أزمة، وتؤدي إلى تعطيل القوى المنتجة، وانتشار البطالة واتساع مساحات الفقر والجوع والبؤس، ومن المظاهر اللافتة لهذه المرحلة أنه كلما ازداد تخزين السلع في مستودعات رأس المال، ازداد عدد الفقراء والمهمشين والجياع؛ فالعلاقة جدلية؛ حيث تنخفض القدرة الشرائية للفئات الشعبية، فتتسع مظاهر الكساد؛ وذلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة، إضافة إلى الإجراءات التقشفية، من تخفيض الأجور وإلغاء بعض المزايا العمالية التي اكتسبت تاريخيا، وزيادة الضرائب.
وما يُميِّز أزمة فيض الإنتاج في العصر الراهن: عصر الدور القيادي لاقتصادات البلدان الناشئة بقيادة الصين، الذي يشكل اقتصادها قاطرة النمو الاقتصادي العالمي، بما يتمتع به من قدرة تنافسية عالية تضعف قدرة المراكز الرأسمالية على المرونة والمناورة باستخدام التكنولوجيا كوسيلة لكسر حالة الركود الاقتصادي، فقد اختفت بعض عناصر القوة التي كانت تستخدمها المراكز الرأسمالية في الخروج من الأزمة إلى النهوض؛ من خلال تطوير وسائل الإنتاج واستخدام أحدث وسائل العلم والتكنولوجيا لزيادة الإنتاجية، وخفض أسعار المواد الاستهلاكية بهدف زيادة الطلب وتحسين القدرة الاستهلاكية لفئات المواطنين والاقتراب من عتبة الانتعاش الاقتصادي؛ حتى هذه الخاصية أفسدها الاقتصاد الصيني عليهم بتمتعه بالقدرة التنافسية العالية، وحرمان المراكز الرأسمالية الثلاث من الاستفادة منها في مواجهة الركود الاقتصادي؛ علمًا بأن استخدام رأس المال جزء من فائض القيمة (الربح) في التراكم الرأسمالي لتطوير وسائل الانتاج يشكل بحد ذاته ظاهرة تقدمية تسهم في تطوير القوى المنتجة، وأن كان الهدف الرئيسي لرأس المال الحصول على الحد الاعلى من الربح، بتشديد استغلال الطبقة العاملة، وزيادة حدة استلاب الشغيلة.الرؤية

تابعو الأردن 24 على google news