jo24_banner
jo24_banner

عيد العمال العالمي

فهمي الكتوت
جو 24 : من تقاليد الطبقة العاملة في الأول من مايو، القيام بمسيرات احتفاء في هذه المناسبة، وتعبيرا عن غضب المقهورين والمهمشين والمعذبين في الأرض ضد الاضطهاد والفقر والإملاق، الذي تتعرَّض له من الرأسمالية المتوحشة، وقد درجت على هذه العادة منذ العام 1889 حين قرَّرت الأممية الثانية اعتبار الأول من مايو يوما للتضامن مع عمال العالم؛ إحياءً لذكرى شهداء المسيرة السلمية التي نظمها العمال الأمريكيون في مايو عام 1886 من أجل ثماني ساعات عمل, ثماني ساعات راحة, ثماني ساعات للثقافة والتعليم, والتي قوبلت بمجزرة رهيبة ذهب ضحيتها مئات العمال.
ورغم مرور 125 عاما على قرار الأممية الثانية بالاحتفال بهذه المناسبة، وتراكم العملية النضالية من أجل تحقيق أهداف وغايات الطبقة العاملة المتجددة مع تطور العلم وتكنولوجيا المعلومات وتطور مستلزمات الحياة، فلا تزال الطبقة العاملة تشعر بالغبن كونها العنصر الأضعف في المعادلة -علما بأنها العنصر الرئيس في الإنتاج- فهي التي تحملت آثار ونتائج الأزمة المالية والاقتصادية؛ حيث فقدت جزءا مهمًّا من مكاسبها التي حققتها عبر نضالها التاريخي، إضافة إلى فقدان شرائح واسعة منها لعملها.
فقد أعلنت منظمة العمل الدولية أن معدلات البطالة ارتفعت فى العام الماضى 2013 وحده 5 ملايين عامل مقارنة مع العام 2012، والجزء الأكبر من الزيادة من منطقة شرق وجنوب آسيا التى تمثل أكثر من 45% من العاطلين عن العمل، تليها إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى وأوربا، وأشار التقرير إلى أن أمريكا اللاتينية أضافت أقل من 50 ألفًا من العاطلين خلال العام الماضي، وهو ما نسبته 1% فقط من زيادة عدد العاطلين.
وعلى الرغم من فداحة آثار الازمة على الطبقة العاملة العالمية، إلا أن ما يُثلج الصدر تراجع معاناة العمال في أمريكا اللاتينية بفضل المشاريع التنموية التي أنجزتها أهم دول المنطقة بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية في هذه البلدان، وانهيار السياسات النيوليبرالية وانتصار حركات سياسية اجتماعية في هذه البلدان.
أما الطبقة العاملة العربية، فهي تعاني من ظروف وأوضاع اقتصادية واجتماعية أكثر سوءًا، فقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي من 17 مليون عامل عام 2010 إلى 20 مليون عامل عام 2012 وفقا لمعلومات منظمة العمل العربية؛ بسبب تراجع الاستثمار، وقد لوحظ أن العمال في البلدان العربية التي شهدت ثورات شعبية ضد النظم المستبدة، أكثر معاناة من غيرها في هذه المرحلة؛ بسبب اختطاف الثورات وانحرافها عن مسارها.
كما تحتل المناطق المحتلة المقام الأول في معاناة الطبقة العاملة؛ فهي تتعرض لاضطهاد مزدوج "طبقي وقومي". ومئات الآلاف من العمال الفلسطينيين دخلوا السجون والمعتقلات الصهيونية، واستقر بشكل دائم لا يقل عن عشرة آلاف إنسان في سجون الاحتلال الصهيوني. ناهيك عن مضطهدي السلطات الفلسطينية في كل من غزة والضفة. ووفقا لما أورده الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني الصديق الأستاذ غازي الصوراني أن نسبة العاطلين عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة تصل إلى 21%، ويعيش تحت خط الفقر المدقع حوالي 21.8% في الضفة الغربية وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 23% في قطاع غزة. أما الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق فتصل نسبتهم إلى 40% في الضفة الغربية، وترتفع هذه النسبة إلى 60% في قطاع غزة.
وشهد لبنان إضرابات عمالية في الأيام الاخيرة احتجاجاً على الظروف المعيشية، وشملت يوم الأول من مايو جميع الأراضي اللبنانية، وشارك فيها اتحادات ونقابات عمالية مختلفة، وتوقف عن العمل مطار بيروت الدولي لمدة ساعتين، ومرفأ بيروت طيلة النهار، وأغلقت مكاتب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وشمل الإضراب جميع موظفي الكهرباء وعمال مصالح المياه وعمال البلديات وموظفي القطاع الصحي، والعديد من الشركات والمصانع اللبنانية. وتعتبر الإضرابات العمالية اللبنانية تعبيرا عن رفض العمال اللبنانيين للسياسات الرسمية بزيادة الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة والرسوم الحكومية على الكهرباء والاتصالات التي أرهقت المواطنين وانخفاض الأجور.
ويأتي مايو على الطبقة العاملة الأردنية وهي في ظروف أصعب في ظل اشتداد الأزمة، وتواجه ظروفا سياسية واقتصادية واجتماعية بائسة؛ حيث وصلت نسبة الأسر التي تعيش تحت خط الفقر المطلق إلى حوالي 40% من الاردنيين، المحرومين من الوصول إلى إشباع حاجاتهم الأساسية المتمثلة بالغذاء، والمسكن، والملبس، والتعليم، والصحة، والنقل. وقد بلغ خط الفقر المطلق في الأردن (الغذائي وغير الغذائي) وفق الدراسة الصادرة عن حالة الفقر لعام 2010 بالتعاون مع خبراء البنك الدولي ووزارة التخطيط ودائرة الاحصاءات العامة إلى 366 ديناراً شهريا، ومع الأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم خلال السنوات الثلاث الاخيرة يرتفع خط الفقر إلى حوالي 430 دينارًا، أي أكثر من ضعف الحد الأدنى للأجر البالغ 190 دينارا.
تابعو الأردن 24 على google news