jo24_banner
jo24_banner

الذكرى الرابعة لسقوط ليمان براذرز

فهمي الكتوت
جو 24 :

جريدة الرؤية العُمانية - في الخامس عشر من سبتمبر عام 2008 سقط "ليمان براذرز" كان سقوطه نذير شؤم وكارثة حلت ليس على اسواق المال فحسب بل وعلى الاقتصاد العالمي عامة، احدث سقوطه عاصفة لم تهدأ بعد، فتح الباب على مصراعيه لاكبر ازمة اقتصادية في العصر الراهن، وشكل قفزة نوعية بالانتقال من ازمة الرهن العقاري الى ازمة مالية واقتصادية شاملة، صحيح ان " ليمان براذرز" من ضحايا الرهن العقاري، الا ان ملايين المشردين في العالم هم ضحايا الليبرالية الجديده التي ادارت براذرز وامثاله، لقد كان سقوطه القشة التي قصمت ظهر البعير، فوجىء النظام الراسمالي بازمة تجاوزت حدود نقص السيولة والتمويل، بعد ما ضخت الحكومة الاميركية والحكومات الاوروبية تريليونات الدولارات لوقف الانهيارات في القطاعات الاقتصادية المختلفة.


شكل الخامس عشر من سبتمبر حدثا تاريخيا هاما في عالم المال والاقتصاد، فافلاس واحد من اشهر المصارف الاميركية ليس حدثا عابرا، فهو رابع اكبر بنوك الولايات المتحدة الاميركية، فبعد ان تراجع سهم البنك الى 94% من قيمته خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2008، اعلنت ادارة البنك قرار الافلاس كمحاولة لحماية ما تبقى من الاصول، بعد ان تكبد خسائر بمليارات الدولارات بسبب انهيار سوق الرهن العقاري، وبعد ان اخفق القطاع المصرفي من انتشاله، كما فشلت الحكومة الاميركية من اتخاذ اجراء ما للحيلولة دون افلاسه، وقد اعتبر هنري بولسون وزير الخزانة الاميركي في حينه مسؤولا عن سقوط البنك، حيث ورد اسمه من بين 25 شخصية اميركية تتحمل مسؤولية الازمة المالية، وكان بولسون مسؤولا عن ثلاثة مآخذ في الازمة، أولها تباطؤه في مواجهة الأزمة المالية، الثاني سماحه بسقوط بنك " ليمان براذرز"، ثالثا قانون الإنقاذ الذي قدمه للكونجرس، وترك آثارا سيئة على المرحلة اللاحقة وفقا لما نشرته مجلة تايم الاميركية.


وقعت الكارثة وسقط " ليمان براذرز" واصيبت اسواق المال بذعر شديد، وهوت البورصات العالمية، منذرة بدخول الاقتصاد العالمي بنفق مظلم، ودخل في ركود اقتصادي لم يشهده العالم منذ ما يعرف بالكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي، وما زالت تداعيات الازمة ماثلة امامنا. ومع سقوط " ليمان براذرز" شهد العالم انقلابا مفاجئا بالمفاهيم الاقتصادية، سقطت نظريات وافكار مع سقوط "براذرز"، نظريات دافع عنها الليبراليون الجدد خلال العقود الثلاثة الاخيرة، منذ وصول رونالد ريغان للحكم في اوائل ثمانينات القرن الماضي، حتى ما قبل نهاية حكم بوش الابن بشهرين، ومن سخريات القدر ان يبدأ الانقلاب في عهد بوش وحزبه الجمهوري الذي يمثل غلاة اليمين المتطرف في السياسات المالية والاقتصادية، المعادي لاي دور للدولة في الحياة الاقتصادية، والمتشدد في عداءه للحقوق العمالية. وقد شهد عصر بوش ذروة الصفقات المتهورة، والتي كانت سببا مباشرا لانفجار الازمة المالية والاقتصادية، كما شهدت بداية الانقلاب على النهج الذي كان سائدا، ووزير خزانته هنري بولسون نفسه الذي تقدم باقتراحات للرئيس الاميركي اوباما وللكونغرس الاميركي لمنح الحكومة الفيدرالية سلطات جديدة، لمواجهة السياسات المالية التي وصلت حد الانفلات باسم الحرية الاقتصادية.


لقد ابتدأ وزير الخزانة عمله في حكومة بوش مدافعا عن الحرية المطلقة لراس المال، وقبل ان يغادر منصبه اعلن امام مدراء صناديق التحوط أن الوقت قد حان للبدء في تنظيم أعمال الصناديق، مناقضا معارضته لهذه التوجهات التي استمرت طوال وجوده في الوزارة . مؤكدا لهم " يجب أن لا تفكروا في كيفية معارضة ذلك، بل في كيفية إنجاحه ".مما اصاب الحضور بالدهشة، لما حدث لرجل حرية الاسواق من تغيير مفاجىء لمفاهيمه. لكن قدرة رأس المال في التأثير على الاحداث واستثمارها لمصلحته الطبقية كانت وراء تغيير دوره في السياسة المالية والاقتصادية، ودور مؤسسات الدولة الاحتكارية سواء باطلاق يد رأس المال في الاستيلاء على اموال المواطنين بشكل مباشر، او بالسياسات الجديدة التي اتبعها بعد الازمة، فقد شرعت هذه السياسة لضخ تريليونات الدولارات لانقاذ مؤسسات آيلة للسقوط نتيجة مغامرات اداراتها المالية، ومكافأة مجالس ادارتها، وتحميل الخزينة مديونية عالية وصلت نسبتها حوالي 100% من الناتج المحلي الاجمالي، فقد ارتفعت ديون اميركا منذ سبتمبر 2008 بحوالي 50% خلال السنوات الاربع الاخيرة، محملة اعباء ديونها ليس على الشعب الاميركي فحسب، بل وعلى كافة شعوب الارض، مستغلة تفردها بطباعة الاوراق المالية "الدولار" دون غطاء، حيث ما زالت تتمتع بمزايا دون غيرها على الرغم من المشاكل الاقتصادية التي واجهتها، وتقدم اقتصادات الدول الصاعدة، الا ان الدولار ما زال يتربع على عرش العملات، ويشكل احتياطي للعملات في العالم.


ان الكارثة الاقتصادية التي نجمت عن انفجار الازمة في سبتمبر عام 2008 لم تحدث تغييرا في السياسة المالية والاقتصادية في النظم الراسمالية، فما زال الاقتصاد العالمي غارقا في ازماته بسبب تمركز الثروة بأيدي حفنة من الاثرياء، في حين ان ملايين البشر يعانون من الفقر والجوع والبطالة، بفضل علاقات الانتاج الراسمالية، التي تحقق وفر في الانتاج، وغياب العدالة في التوزيع، مما يؤدي الى ما يعرف اقتصاديا بأزمة فيض الانتاج.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير