jo24_banner
jo24_banner

من هو الشريك الاستراتيجي للإرهابيين ؟

جهاد المومني
جو 24 : في جميع الجرائم الارهابية التي ارتكبت في اوروبا واميركا لم تذكر اسرائيل قط ،ليس بصفة متهم مباشر او غير مباشر،لكن اسرائيل حرصت على ان تستلقي بين الضحايا حتى لو لم تكن من بينهم ،وانما المستفيد من هذه الفوضى التي تمنحها بعض التضامن باعتبارها دولة ديمقراطية تعيش بين الوحوش والارهابيين في المنطقة العربية ،بالمحصلة لا تخرج اسرائيل من اي حفل دموي خاوية الوفاض، بل تنجح دائما في تصدر قائمة المستفيدين بممارستها دور الدولة الديمقراطية المهددة بالزوال بسبب التطرف والارهاب العربي - الاسلامي ،والغريب في كل هذا ان اسرائيل لا تعمل أمنيا ولا سياسيا ضد التطرف والارهاب ولا تستهدفه في اي مكان في العالم ،ومثلها مثل النظام السوري تحارب اصحاب الفكر الليبرالي المعتدل المقبول اقليميا وعالميا لانه يطالب بالتغيير واقامة الدولة الفلسطينية عن طريق المفاوضات والسلام الشامل في المنطقة ،وهذا ما يعزز قبول هذا المعسكر في اوروبا وأميركا وفي كل العالم على انه الشريك الذي يعتد به لإحلال السلام في المنطقة ،وهنا تكمن مشكلة اسرائيل الحقيقية ،اذ عليها في هذه الحالة ان تواجه خصوما يضعون حججهم على الطاولة ويرفعون شعار السلام ويعملون من اجله وليس لهم سوى مطلبا واحدا هو انهاء الاحتلال المتفق أمميا على انه انتهاك صارخ للشرعية الدولية ويجب ان ينتهي ،اي دفاع لاسرائيل سيصمد امام حجة كهذه ..!
في هذه النقطة بالذات تجد اسرائيل ان الليبراليين العرب خصوم خطرين لها على عكس المتطرفين المرفوضين عالميا وتشن عليهم اشرس الحروب المعاصرة ،فمن الطبيعي ان يكون هؤلاء اصدقاء اسرائيل لأنهم بكل بساطة ينفذون برنامجها التاريخي بلعب دور الضحية وحصد التضامن العالمي معها حتى لو كلف الأمر ( قتل اليهوي لليهودي ) ،محصلة هذا التضامن سرعان ما تترجم الى مساعدات عسكرية والمزيد من الشروط والضغوطات على (اعداء) اسرائيل الذين يطالبون بانهاء الاحتلال بموجب القوانين الدولية وتشمل هذه المعادلة الليبراليين والعلمانيين واليسار والمعتدلين العرب والفلسطينيين منهم بشكل خاص ،ولا تغفل اسرائيل عن اهمية اقحام المسيحيين العرب في فزاعة معاداة اسرائيل كي يسهل عليها اضافتهم ضمن قائمة الاعداء المطالبين بزوالها،وتنجح اسرائيل - حتى الان - بادراج المسيحيين الفلسطينيين في هذه القائمة بممارستها سياسة الاستفزاز المرتكزة اساسا على اعتداءات ممنهجة ومبرمجة على الكنائس ورجال الدين المسيحي بحيث يأتي الرد مكملا لمقاومة الاحتلال التي تصنفها اسرائيل ارهابا وتعمل من أجل توسيع نطاق الحرب عليها في فلسطين مع الحرص على ان تبقى وحدها المسؤولة عن هذه الحرب دون تدخل من أحد ،كما تسعى بكل الوسائل كي لا يجد الفلسطينيون آذانا صاغية لهم في الغرب عن طريق المسيحيين العرب الذي برهنوا ولاءهم لفلسطين ولم يقبلوا بالاحتلال الاسرائيلي رغم المغريات والضغوطات بنفس الوقت .
لا تعمل اسرائيل على مواجهة التطرف داخل اراضيها المعترف بها منذ عام 1948 على انها دولة اسرائيل سواء بين العرب المسلمين - ويمثلون أكثر من 18 % من سكان الدولة -او بين اليهود انفسهم وكثيرون منهم غلاة في التطرف الديني والارهاب ،بل على العكس من ذلك فحربها اليوم موجهة ضد الاسلام المعتدل المقاوم للاحتلال سلميا في محاولة لركوب موجة الحرب الاعلامية على الارهاب ووضع الفلسطينيين من سكانها ضمن قائمة المتهمين على مستوى العالم ،كما تسعى للحصول على اعتراف دولي وفلسطيني بالذات بيهوديتها كي تحدث الشرخ الواسع بين اليهود والعرب وعندئذ يسهل وصم الفلسطينيين داخل اسرائيل بالارهاب مما يعني اتخاذ اية اجراءات ضدهم بما تشمل ترحيلهم الى اراضي الضفة الغربية او الى سوريا او لبنان او الاردن والتخلص من خطرهم الديمغرافي الذي يراه بعض الاستراتيجيين الاسرائيليين يساوي القدرات النووية الاسرائيلية.
اسرائيل ليست شريكا في الحرب على الارهاب لكنها لا تضيع فرصة الحرص على الاصطفاف مع المحاربين دون ان تطلق طلقة واحدة على الارهابيين الحقيقيين ،مقابل هذا تبقي على تحالفها مع الطرفين المتحاربين ،الغرب وهو الجهة التي تقدم السلاح والمال ويعتبر اسرائيل حليفا متقدما في الصحراء القاحلة وواحة ديمقراطية مهددة بالارهاب حتى لو لم تقدم ضحية واحدة او دولارا واحدا للمساهمة في المجهود الحربي على الارهاب والتطرف، الجهة الاخرى الارهابيون ،وهؤلاء لا يرون أن العمل ضد اسرائيل امرا ملحا ولا ضروريا ما دامت تلتزم الحياد ولا تطلق صواريخها على اوكارهم ،وهذا ما يفسر واقع ان نصيب اسرائيل من العمليات الارهابية يساوي صفرا منذ ظهور القاعدة ومن بعدها (داعش) .
خلاصة القول :تحرص اسرائيل كل الوقت على عدم السماح بالربط بين احتلالها لفلسطين وبين الارهاب الذي يضرب الغربيين في اوروبا او اميركا ،وتعمل ماكنة تضليل اعلامية في العواصم الغربية جميعها لتنحية القضية الفلسطينية عن هذه الفوضى العارمة وجعل الارهاب صفة تلازم التطرف الاسلامي بدون هدف واذا كان هناك من هدف فهو قتل الكفار ونشر الاسلام في اوروبا ،واذا توفرت اية بيانات لمرتكبي الاعمال الارهابية تشير الى أن اسباب جرائمهم ترتبط بالاحتلال الاسرائيلي وجرائم القتل التي ترتكبها اسرائيل، فأن الاعلام الغربي المناصر لاسرائيل والممول من المنظمات اليهودية العالمية يحرص على تضليل الرأي العام بعدم نشر هذه البيانات ،مع عدم تضييع فرصة الاشارة الى ان من بين الضحايا يهود مسالمين والهدف دائما الالتحام مع الضحايا والاستلقاء بينهم ،وهذا حدث في جميع العمليات الارهابية التي ضربت باريس سابقا ومؤخرا ،واذا حدث وخرج اليهود سالمين من الارهاب في واحدة من المرات فأن الاعلام الصهيوني سوف لن يوفر جهدا ليذكر الجمهور الغربي بالضحايا اليهود منذ الحرب العالمية الثانية والى يومنا هذا .

تابعو الأردن 24 على google news