هل نحتاج الى تعديل دستوري ؟
جهاد المومني
جو 24 :
تفيد المؤشرات بأن حكومة د.عمر الرزاز سوف تتقدم ببيان الثقة خلال المدة الدستورية كما نصت عليها المادة 53 الفقرة الثالثة من الدستور ،ولا يبدو ان هناك نية حكومية للتقدم بطلب عقد جلسة مبكرة لنيل الثقة وهو حق للحكومة نصت عليه الفقرة الاولى من نفس المادة ،اما النواب فمن غير المستبعد ان يستخدموا حقهم الوارد في نفس الفقرة وطلب انعقاد جلسة مستعجلة لتقرير مصير الحكومة،والامر في كل الاحوال يحتاج الى عقد دورة استثنائية باتت وشيكة يتوجب عقدها خلال الاسبوعين القادمين تطبيقا للدستور.
تحتاج الحكومة الى ثقة الأغلبية المطلقة من عدد النواب البالغ مائة وثلاثون نائبا، وقد لا تكون هذه المهمة مستحيلة لكنها ليست سهلة كما يتصور البعض ،وعند المراجعة الذهنية لفكرة الحصول على الثقة او عدم الحصول عليها بعد تشكيل الحكومة مباشرة ،فأن اول الاسئلة التي تخطر بالبال هو ،على اي اساس سوف يمنح النائب الثقة للحكومة وعلى اي الأسس سوف يحجبها عنها ما دامت تشكلت للتو ؟
ولكن قبل ذلك يطرح سؤال آخر كيف يكون الوزير وزيرا ويؤدي القسم على الاخلاص للملك وخدمة الامة والقيام بالمهام الموكولة اليه بأمانة قبل ان ينال ثقة الأمة من خلال نوابها، اليست جلسة الثقة بالحكومة مرحلة فاصلة بين ان تكون حكومة او لا تكون ما دام مجلس النواب قادر على اقالتها اذا لم يمنحها الثقة الدستورية ؟
على ضوء هذا المعطى الهام فإن الوزير لا يكون وزيرا الا اذا نال الثقة مع زملائه الوزراء ،ومن المفترض عندئذ ان لا يؤدي القسم امام جلالة الملك قبل نيله ثقة المجلس فلا يكون القسم متقدما على جلسة الثقة وانما يليها .
ثمة الكثير من الافكار التي تطرح بهذا الخصوص لتبرير تقديم القسم على جلسة الثقة من جهة ، وعقد جلسة الثقة بعد تشكيل الوزارة مباشرة من جهة اخرى ،ابرز هذه التبريرات تتمحور حول كون مجلس النواب قادر في كل الاحوال على الدعوة الى طرح الثقة بالحكومة او بوزير منها ،لكن من الناحية العملية والتطبيق الفعلي لا يمكن ان نضع الافتراضات لنقدمها على الحلول العلمية والعملية خاصة واننا نتحدث هنا عن دستور دولة مؤسسات وقوانين تشق طريقها نحو الديمقراطية الكاملة ،فلماذا لا يكون الحل من خلال تعديل دستوري يصحح بعض التشريعات التي لم تعد تتفق مع واقعنا الجديد كما كانت حين وضعها قبل نصف قرن ،وعلى سبيل المثال لا الحصر ما هي معايير النائب في منح الثقة للحكومة او حجبها عنها اذا كانت جلسة الثقة تنعقد خلال شهر واحد فقط على تشكيل الحكومة ،وفي حالة حكومة د.الرزاز فأن تشكيل الحكومة سبق عطلة طويلة اي انها عمليا مضطرة لاقناع النواب بالاستناد الى اسماء الوزراء ومناطقهم كمعيار اساسي، وجزئيا تحصيلهم الاكاديمي ومعايير اخرى غير كافية لتحقيق مشروع بناء الدولة المدنية وأهمها الانجازات والبرامج الواقعية والكفاءات العملية للوزراء بعيدا عن معيار الجغرافيا والديموغرافيا.!
اذن سيكون من الصعوبة بمكان على اي نائب ان يقرر ما اذا كان سيمنح الثقة للحكومة ام سيحجبها عنها وهو مرتاح الضمير ومقتنع بقراره ما دام المعيار الوحيد المتوفر بين يديه هو المعيار الشخصي في تقييم الوزراء وما يتفرع عنه من مواصفات محدودة جدا للوزير الجديد لا علاقة لها بقدراته التي لم تجرب وافكاره التي لم تترجم الى قرارات ومنجزات.
ما العمل ؟
من بين الافكار التي قد تسهل مهمة النواب وتمنح الوزراء فرصة التقدم بطلب الثقة بناءا على منجزات وارقام ومعطيات، تعديل دستوري يضع الوزير امام مجلس النواب لطلب الثقة محصنا باثبات ما قدم وحقق خلال فترة زمنية يحددها الخبراء، لكن ليس بعد التشكيل الوزاري مباشرة ولتكن هذه المهلة (الهدنة) مائة يوم او اكثر كي يتسنى للوزير العمل او حتى وضع تصورات واضحة لوزارته ومهتمه ،وهنا يبرز سؤال القسم امام جلالة الملك ،ولتوضيح المسألة فأن تعديلا يحدد جلسة الثقة بعد مائة يوم او أكثر على تشكيل الحكومة يبرر تقديم القسم امام جلالة الملك على جلسة الثقة امام النواب ،اما في حالة بقاء الحال كما هو عليه ،فان الامر يقتضي تعديلا يقدم الثقة على القسم.