حكومات تأزيم وتقزيم !
لم يكد الأردنيون يتنفسون الصعداء ، وقد تخلصوا من حكومة الطراونة وقد ساد الأوساط ارتياحاً كبيراً لرحيل الطراونة بغض النظر عن القادم اعتقاداً بأنه لن يأت من يسير على خطاه في تأزيم الشارع وتعقيد المشاكل!! ، إلى أن أطل الدكتور الهُمام الذي امتشق سيفه تحت القبة أمام الحكومات الأربع التي تعاقبت علينا في أقل من سنتين ، حتى ظن الجميع أنه المنقذ القادم ونسوا أنه من صوت مع فساد الفوسفات ، ومن قلّدَ الخطاب مفتخراً بأنه أكثر من عَيّنَ أبناء السلط عندما كان وزيراً للتربية في الأردن ظاناً أنه وزيراً للسلط فقط ، ومتى قال هذا ؟!! قال هذا في حملته الإنتخابية للوصول لقبة البرلمان ، كم أنت طيب أيها الشعب تنتخب بالتعاون مع الحكومة من يعلن فساده على رؤوس الأشهاد ولم يكن يومها مكافحة فساد ولا يحزنون ، ولم يسأله أحد علماً بأنه إمام المنادين بعدم سقوط قضايا الفساد بالتقادم .
قلت وأكرر أننا لا زلنا في طور مكافئة الفساد وهي سياسة استحسنتها الحكومات لتصبح عرفاً ، تمتاز حكومة الطراونة عن هذه الحكومة والتي أَميل لتسميتها حكومة الطراونة الثالثة ورثَها النسور بكتاب التكليف السامي أنها كانت حكومة دستورية كون مجلس نواب إلـ111 قام بمنحها الثقة رغم تبني الرئيس فور تكليفه لسياسة رفع الأسعار وإعادة الحياة للصوت الواحد ، والذي قد يُعيد مجلس نواب أسوء من المجلس السادس عشر بألقابه المعروفة بما يوسع دائرة المعارضة ، ويدخل البلاد في نفق لا يعلم إلا الله إلى أين ستقودنا سياسات الفشل والتراجع على كافة الأصعدة .
كان أمام النسور لو أنه صاحب الولاية الحقيقية أن يختار وزراء بحجم الدكتور عوض خليفات من أصل 650 وزيراً لا زالوا على قيد الحياة ، وفيهم الكثير من رجال الوطن الغيارى والأكفاء ، ولكنه أُرغِم على قيادة فريق لا يثق به فلم يمنحه الثقة تحت القبة ، وكان يطالب بطرح الثقة به قبل رحيله بقرار حل المجلس السادس عشر والتي نسيت حكومة الطراونة تسيبه ما يضع دستورية القرار موضعاً للشك ، لأن قرار حل المجلس يجب أن يكون مسبباً حسب الدستور ولو عرض الأمر على المحكمة الدستورية لإعادت المجلس ولأصبحت حكومة النسور أقصر حكومة في تاريخ الأردن وأسوأها أيضاً لأنها هددت برفع الأسعار ، واختارت التعتيم على الأسباب الحقيقية والمعروفة تماماً لكل الأردنيين ، وهي اشتراطات صندوق النقد الدولي لتمرير القسط الثاني من قرض الملياري دولار ، ومع ذلك قال الرئيس إما الرفع وإما تخفيض سعر الدينار وهو القرار الذي يستحق رئيس وزراء بجداره لقب رئيس الوزراء الأسوء في تاريخ الأردن الحديث لما كان لتصريحه من آثار سلبية على الإقتصاد الأردني في الداخل والخارج رغم عدم صحة التصريح ، و عدم اعتماده على معايير حقيقية تؤثر على سعر الدينار ، لأن سلة العملات الأجنبية لا زالت بخير والناتج المحلي الإجمالي في الأردن لا زال ينمو .
وهنا لا بد من الإشارة أن رئيس الوزراء لا يزال رئيس الوزراء المكلف لأنه لا زال بدون ثقة ولو أُعيد مجلس النواب لعدم دستورية قرار المجلس لما حصل النسور على ثقة زملائه النواب ، و هو من وقع مع 88 نائب آخر على طرح الثقة في الحكومة والمطالبة برحيلها لأنها أقدمت على ما يريد الإقدام عليه من رفع للأسعار وتراجعت تحت ضغط الشارع ولتذكيره فقد كان صاحب الرقم 53 في الموقعين على قرار طرح الثقة في الحكومة.
لقد تمادى الرئيس في إخفاء الحقائق وإصدار التصريحات الغير مسؤولة والتي تجافي الحقيقة ، فقوله أن الطبقات الفقيرة و المتوسطة لن تتأثر بقرار الرفع تجاوزاً على المعقول، فكيف يرتفع سعر سلعة تؤثر على 92% من السلع التي يستهلكها المواطن في ظل عدم وجود أجهزة رقابة للأسعار ، ما الذي سيوقف انفلات الأسعار والتضخم وانخفاض الدخل الحقيقي للفرد ، وكم سيدفع المواطن الذي سيأخذ 70 دينار في السنة نتيجة لارتفاع كل هذه السلع ، اعتقد أنه سيدفع من 5-7 أضعاف ما سيأخذه المسكين هذا لمن يصله الدعم ، فكيف بالفقراء الذين لا تعلمهم الحكومة ولن يصلهم أي دعم ؟؟!! أية احتقانات سيولدها القرار ومن سَيُسكت الأفواه الجائعة ؟؟! ولهذا فقد كانت حكوماتنا حكومات تأزيم للشارع وتقزيم لآمال الأمة !!!.