الثورة المصرية .. مكانك سر
أخطر ما يواجه الثورة المصرية المجيدة ، وهي تحتفل بذكراها الثانية، هو الانقسام الخطير الذي يضرب المجتمع المصري، والمتمحور حول تيار الاخوان والسلفيين واتباعهم ، وجبهة الانقاذ وما يقع تحت لوائها من احزاب ومؤيدين ومناصرين، وظهر على السطح بشكل نافر في معركة اقرار الدستور، وفي ظل تصاعد الاتهامات للرئيس مرسي باتخاذ قرارات اقصائية تستهدف ابعاد المعارضة بكل تلاوينها والاستئثار بالحكم والسلطة.
جبهة الانقاذ وجماهير الثورة وقفت مع مرسي في معركة الرئاسة ، ضد شفيق والفلول، على اعتبار أن الاخوان جزء من الثورة العظيمة التي صنعها الشعب المصري، ولكن الرئيس لم يف بوعوده وعهوده ، كما يقول زعيم التيار الشعبي الناصري ،حمدين صباحي، ولم يثبت بانه رئيس لمصر ولكل المصريين، كما وعد، بل بقي ولا يزال في مربع الجماعة، لم يغادره ، وينفذ تعليمات مكتب الارشاد.، فلم يقم بصياغة دستور توافقي، كما اتفق مع اقطاب الانقاذ، بل قام بعرضه للاستفتاء وبشكل مستعجل، رغم استقالة عدد مهم من اعضاء اللجنة التي اقرته، بعد ما لمسوا سيطرة الإخوان عليها.
وبالتالي فهي في رأيهم، لم تكن تمثل الشعب المصري بكافة قطاعاته واطيافه وكفاءاته وطوائفه.
استمرار هذ ا الانقسام، والذي تحول –مع الاسف- الى صراع بين التيارين، سبب رئيس، الى جانب أسباب أخرى ابرزها أعداء الثورة في الداخل والخارج، والتركة الثقفيلة التي تركها حكم مبارك “30”عاما، وهي تركة اصابت الوطن كله بكارثة امتدت لتصل كل أسرة وفرد ، وأصبح القضاء عليها يستغرق وقتا طويلا ، أدى الى الفشل في تحقيق كامل اهدافها، وخاصة الحد من الفقر وتوفير فرص العمل ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، واجتثاث الفساد والمفسدين..الخ.
لا نريد أن نغوص في الوضع الداخلي المصري وتشعباته ، حتى لا نغرق ، ونكتفي ونحن نحتفي مع الشعب الشقيق بهذا الحدث التاريخي ، الاشارة الى السياسة الخارجية ، أو لنقل تأثير الثورة على موقع مصر العربي وعلاقاتها مع أميركا والعدو الصهيوني، وهو الموقع الذي عولت عليه الأمة كثيرا، ولكن مع الاسف ، سقوط مصر في سياسة المحاور ، محور”قطر،مصر،تركيا” ، وتدفق المليارات القطرية عليها”خمسة مليارات” وتأييدها للسياسة الخليجية بالمجمل ،أفقدها الدور المركزي الذي انتظرته جماهير الامة طويلا ، فانحازت لطرف دون الاخر.، في حين ان الثورة تفرض عليها ان تتخذ الدور الذي يجمع، ولا يفرق، لتعيد بناء التضامن العربي ، وقطع الطريق على اعداء الامة.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية لا تزال مصر محكومة بمعاهدة الذل والعار”كامب ديفيد”، ولم تتحرر من هذا القيد وهو ما يناقض خطاب الاخوان المسلمين واطروحاتهم ، ويناقض اهداف الثورة التي حاءت ، لاعادة مصر لدورها العربي الطليعي ، واعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ، واعادة الحقوق لاصحابها، ورغم الخطوات المهمة التي اتخذتها مصر لتأييد الحقوق الفلسطينية، الا ان المطلوب من الثورة هو الغاء “كامب ديفيد” والعودة بمصر الى خندق المقاومة للمشروع الصهيوني الاستئصالي.
باختصار..... فشلت القوى المعادية في اجهاض الثورة المصرية خلال العامين الماضيين ، الا أن الانقسام الخطير الذي يضرب المجتمع المصري ، بسبب سياسة الاخوان، هو الخطر الحقيقي على الثورة، ما يفرض على الرئيس والاخوان ، ان يعودوا تحت مظلة ثوار ميدان التحرير ، لتستكمل الثورة مشوارها.
(الدستور)