جرائم بلا عقاب
نتوقف في هذا المقال عند جريمة صهيونية ليست جديدة ، ولكنها ذات دلالة بالغة ، اذ وقعت خلال وجود رئيس الدبلوماسية الاميركية في المنطقة ، وبالتحديد خلال لقائه الرئيس الفلسسطيني في نطاق جهوده لتذليل الصعوبات التي تكتنف استئناف المفاوضات.
هذه الجريمة هي اعلان العدو االموافقة على اقامة “930” وحدة سكنية في مستعمرة ابو غنيم بالقدس العربية المحتلة، في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون العودة للمفاوضات دون وقف الاستيطان، فما هو المقصود بالاعلان عن استمرار الاستيطان
وفي هذا الوقت بالذات؟؟ وما هي الرسالة التي تريد حكومة العدو الصهيوني ، ان توصلها لحليفتها واشنطن وللسلطة الفلسطينية .
نجزم ان الرسالة الاولى هي ابلاغ الجميع ، وبكل وقاحة ، بان الاستيطان وخاصة في القدس العربية المحتلة مستمر ، لأن العدو يعتبرها عاصمتة الابدية الموحدة ، ولن يتنازل عن هذا الحق لا اليوم ولا غدا .!! في ظل اختلال موازين القوى في صالحه ، وما دام العرب قد طلقوا اللجوء الى المقاومة ، وفي مقدمتهم قيادة السلطة الفلسطينية، واكتفوا بخيار المفاوضات كخيار وحيد.
وهذا يعني بصريح العبارة ، أنه لن يوقف الاستيطان ومصادرة الاراضي وتهويد القدس “واللي مش معجبه يضرب راسه في الحيط”..!! ما دعا صائب عريقات كبير المفاوضين الى التأكيد بان العدو مصمم على اجهاض اية محاولة لاستئناف المفاوضات، ولن يحدث الاختراق المطلوب في ظل هذه العقلية العنصرية العدوانية التوسعية.
اما الرسالة الثانية فهي موجهة لحليفتها اميركا، بان لا تحاول احراج اسرائيل ، لأن الاخيرة لن تستجيب لها ، رغم العلاقة الاستراتجية بين الطرفين ، والافضل لكيري وغيره من المسؤولين الاميركيين ان يسلموا بهذه الحقيقة التي لن تتغير ، وعلى الفلسطينيين قبول هذا الواقع، شاؤوا أم أبوا..!!
وفي هذا السياق تجيء الرسالة الثالثة التي تقول.. بان العدو لم يكن ليتصرف هذا التصرف العنجهي الاحمق ، لولا انه متأكد من الموقف الاميركي ، ومتأكد ان واشنطن موافقة على سياسة حكومة اسرائيل، واجراءاتها واحتلالها... وتؤيد وتدعم ما تقوم به، بدليل رفضها ادانة هذا العدوان السافر في مجلس الامن والمحافل الدولية، بدليل ان كيري لم يقم بادانة هذا الاستيطان ، خلال وجوده في المنطقة ، ولم يطلب من حليفة اميركا ، التوقف ولو مؤقتا عن تنفيذ هذا العدوان احتراما لوجوده في المنطقة، وحفاظا على مصداقية واشنطن في هذه المرحلة بالذات.
ومن اللافت ان الاعلام لم يتوقف عند هذه الجريمة وخطورة اقترافها في هذا الوقت بالذات، ومر عليها مرور الكرام ، وجاءت الاحداث المصرية الخطيرة لتسهم في تغييب هذا الحدث .. بقصد أو بدون قصد.
ان الدلالة الاهم لاستمرار الاستيطان والعدوانى على الشعب الفلسطيني هو غياب العقاب ، ما شجع العدو على الاستمرار في اقتراف حروب الابادة والتطهير العرقي واستعمال الاسلحة المحرمة ، مطمئنا بان يد العدالة الدولية لن تصل اليه ما دام محميا “بالفيتو” الاميركي.
باختصار...لن تنجح المفاوضات لو استمرت الف عام ، ولن يتحقق السلام العادل لان العدو لا يعترف اصلا بالحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني،وما دامت اميركا منحازة بالكامل للعدو، ما يحتم العودة للمقاومة، فهي اللغة الوحيدة التي يفهمها .
وسوى ذلك ضحك على الذقون.
(الدستور)