ديمقراطية البوارج
الى جانب مواضيع شائكة ومعقدة، يتطرق د.عزمي بشارة في كتابه “مقدمة لبيان ديمقراطي عربي” الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، لديمقراطية البوارج، في سياق تناوله للديمقراطيات الجاهزة، مؤكدا ومن خلال الوقائع، وتتبع الأحداث فشل هذا الاسلوب،، والنتائج الكارثية التي ترتبت على غزو أميركا للعراق، منددا بمقولة بعض المثقفين العرب “بانه لن يتم التحول الديمقراطي في العراق، من دون تدخل أجنبي، وانه اذا فشلت الانظمة في المبادرة الى عملية الاصلاح، فلا بد من التغيير، ولو على ظهر دبابة اميركية” ص 44.
ومن هنا فهذا الاسلوب الذي يروج له من يدعون الديمقراطية، يعمق أزمة الشرعية في الدول العربية “ ففكرة استيراد الديمقراطية على أنقاض الشرعية الوطنية، وبصفقات تشمل املاءات كولونيالية، ومراهنة على شخوص كانوا عناصر أساسية في النظام القديم، ثم انضموا للنظام الجديد، لتحقيق مصالحهم هي فكرة تنم عن أزمة أخلاقية، وليس عن اصلاح، وقد تأكد أن الاصلاح المتولد عن البوارج الاميركية واستدعائها، مجرد تعميق لازمة الشرعية في الدول العربية” ص 44.
وبعد أن يستعرض مصادر شرعية الدولة القطرية التي اهتزت وتآكلت في العالم العربي، يؤكد “أن الديمقراطية الحقيقية تسهم في بناء شرعية النظام والدولة، في حين ان القوى التي تستعين بالاجنبي لقلب نظام الحكم تعمق من لا شرعية الدولة القُطرية، وتدق اسفينا بين الدولة القطرية والوطنية، وبين الديمقراطية والجماهير” ص 45.
ويمضي في استعراض الاحداث والوقائع التي تشير الى فشل “ديمقراطية البوارج”، مستشهدا بمقال لمايكل روبين بعنوان من “قتل مذهب بوش” على سقوط وفشل نظرية تصدير الديقراطية، معتبرا أن الرئيس بوش وقع ضحية عصابة من الواقعيين، قامت بخداعه وتضليله؛ ما أدى الى تراجعها عن تصدير الديمقراطية، وتمسكها بالوضع القائم في بعض الدول.
ان حمامات الدم التي يغرق فيها العراق الشقيق منذ الاحتلال الاميركي والى اليوم، تؤكد صحة ما ذهب اليه د.بشارة، وتؤكد أن من جاء على ظهر الدبابة الاميركية ليس معنيا بالديمقراطية، ولا باقامة دول المواطنة الحديثة.
وبوضع التقاط على الحروف فالاحتلال الاميركي، هو المسؤول عما حدث ويحدث للشعب الشقيق، فهو من وضع دستور بريمر القائم على المحاصصة والطائفية والتقسيم، وما نشهده اليوم هو الثمرة المرة لهذا الدستور،الذي مزق العراق الشقيق، باخنصار.. لقد فشلت “ديمقراطية البوارج” لان الديمقراطية لا تتفق مع الاحتلال، ولا تتفق مع العملاء، فالديمقراطيون دائما وطنيون، والاستعانة بالاساطيل الاميركية لاستيراد الديمقراطية، يعمق من أزمة الدولة القُطرية، ويحولها الى محمية اميركية.