تونس على خطى مصـر
رشيد حسن
جو 24 : هل تسير تونس على خطى مصر بعد اغتيال المناضل القومي النائب محمد البراهمي ، منسق التيار الشعبي الناصري؟؟ تونسيون غاضبون يعتقدون ان الاغتيال جاء على خلفية مواقف الرجل الداعمة لثورة 30 حزيران، والداعمة للجيش المصري الذي انهى حكم الاخوان المسلمين ، ومطالبته التونسيين الاقتداء بهذا النهج ، وهو ما يعني تأييده لحركة “تمرد” التونسية ، التي تقوم بجمع ملايين التواقيع ، مطالبة بالتغيير واجراء انتخابات مبكرة ، على غرار ما فعلت “تمرد” المصرية.
فاجعة الاغتيال السياسي هذه، لرجل من وزن البراهمي ، تجيء بعد فاجعة اغتيال شكري بالعيد ، احد رموز اليسار في تونس ، والمعارض القوي لحزب النهضة ، ما يشير الى وجود تيار معين، او قوى معينة، تعمل على تصفية الرموز المعارضة: القومية واليسارية ، التي تقف ضد الاسلام السياسي، حيث من الواضح ان هذه القوى استغلت اجواء الكراهية والتحشيد ضد هذه الرموز، متسلحة بالفتاوى التي اطلقها ،ولا يزال بعض مشايخ السلفية ، وتدعو الى سفك دمائهم ، وهو ما استنكره حزب النهضة ، ولكن الحكومة لم تقم باتخاذ الاجراءات الفاعلة ، للجم هذه الظاهرة، وملاحقة رموزها قانونيا لخطرهم على السلم الاجتماعي ، كما لم يتم الكشف بعد عن قتلة بالعيد ، رغم مضي حوالي ستة اشهر على اغتياله، وها هي الجريمة الثانية تقع ، ما يؤكد وجود خلل امني كبير ، سمح لهؤلاء القتلة باقتراف جرائمهم ، ونعني عدم تشديد الحراسة على الرموز المستهدفة ، وتوفير الحماية لها، وملاحقة الرؤوس التكفيرية.
وهذا يعيدنا الى التذكير بالاعداد الكبيرة من الشباب التونسي المغرر بهم ،الذين يقاتلون مع جبهة النصرة في سوريا ، وفتوى “ مناكحة الجهاد” والتحاق بعض الفتيات التونسيات بهؤلاء الشباب للتخفيف عنهم ، ما ادى الى تدخل مفتى الديار التونسية ، واصداره فتوى تحرم ذلك ،ودعوته للتونسيين بمنع بناتهم واخواتهم من السفر الى الشام ، وهذا كله - بغض النظر عن التفاصيل- يؤشر الى تغلغل ظاهر ة التكفيريين في تونس الشقيقة بعد ثورة الياسمين.
ما يحدث على الارض التونسية يؤشر الى ازمة ثقة بين حزب النهضة والقوى الاخرى،
وهي أزمة أخذة في التفاقم، ولم يتم حتى الان التغلب عليها ، ما يعيدنا الى كتاب “الاسلام السياسي في تونس” الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث ، الطبعة الثانية 2011، اذ تكشف الدراسات التي تضمها دفتا الكتاب عن هذه الازمة ، وتكشف اسبابها ، وان كان المجال لا يتسع لاستعراض هذه الدراسات وكلها مهمة ، الا اننا في هذه العجالة نشير الى وجهة نظر د. محمد حداد الذي قدم للكتاب ،معتبرا ان خوف التونسيين من هذه التجربة “بألا تتحول الى سيناريو ايراني ، أو سيناريو جزائري.. ففي الحالة الاولى يتحول الاستبداد الى شكل ديني ، وفي الثانية يجهض التغيير باسم الانقاذ”ص9.
ويضيف حداد “ ان الحركات الاسلامية تحظى بعدد من الاتباع وهذا هو سر قوتها ، ولكن ايضا تتميز بكثرة خصومها داخل المجتمع وهذا هو نقطة ضعفها ، بغض النظر عن الشريحة المسيسة، لان مشروع الاسلامية لا يكتفي بالسياسة، من هنا يلقى معارضة من فئات اخرى، ويستفز الفئات التي تقف موضوعيا مع التغيير والتحرر، فهي تخاف من الاسلامية اكثر ما تخاف من سلطة الحاكم، في كثير من الاحيان، ويقول اصحابها ، انهم يفضلون استبداد الشرطي الذي يمارس على الاجساد، من استبداد يمارس على الاجساد والعقول معا” ص9 ويخلص الى القول “ من اراد الاقتداء بالتجربة التركية عليه اقتباس الانظة العلمانية للدولة التركية، التي تمنع الاسلاميين وغيرهم من احتكار السلطة في كل الفضاءات الاجتماعية”ص10 .
باختصار.....فاجعة اغتيال المناضل القومي الناصري محمد البراهمي ، بعد اغتيال شكري بالعيد ، أحد اهم رموز اليسار في تونس ، وضع تونس وثورتها المجيدة، امام منعطف خطير ، يستدعي مراجعة تجربة الحكم، والتعجيل بالانتخابات، ليقول الشعب التونسي - الذي فجر الربيع العربي- كلمته من جديد.
Rasheed_hasan@yahoo.com
(الدستور)
فاجعة الاغتيال السياسي هذه، لرجل من وزن البراهمي ، تجيء بعد فاجعة اغتيال شكري بالعيد ، احد رموز اليسار في تونس ، والمعارض القوي لحزب النهضة ، ما يشير الى وجود تيار معين، او قوى معينة، تعمل على تصفية الرموز المعارضة: القومية واليسارية ، التي تقف ضد الاسلام السياسي، حيث من الواضح ان هذه القوى استغلت اجواء الكراهية والتحشيد ضد هذه الرموز، متسلحة بالفتاوى التي اطلقها ،ولا يزال بعض مشايخ السلفية ، وتدعو الى سفك دمائهم ، وهو ما استنكره حزب النهضة ، ولكن الحكومة لم تقم باتخاذ الاجراءات الفاعلة ، للجم هذه الظاهرة، وملاحقة رموزها قانونيا لخطرهم على السلم الاجتماعي ، كما لم يتم الكشف بعد عن قتلة بالعيد ، رغم مضي حوالي ستة اشهر على اغتياله، وها هي الجريمة الثانية تقع ، ما يؤكد وجود خلل امني كبير ، سمح لهؤلاء القتلة باقتراف جرائمهم ، ونعني عدم تشديد الحراسة على الرموز المستهدفة ، وتوفير الحماية لها، وملاحقة الرؤوس التكفيرية.
وهذا يعيدنا الى التذكير بالاعداد الكبيرة من الشباب التونسي المغرر بهم ،الذين يقاتلون مع جبهة النصرة في سوريا ، وفتوى “ مناكحة الجهاد” والتحاق بعض الفتيات التونسيات بهؤلاء الشباب للتخفيف عنهم ، ما ادى الى تدخل مفتى الديار التونسية ، واصداره فتوى تحرم ذلك ،ودعوته للتونسيين بمنع بناتهم واخواتهم من السفر الى الشام ، وهذا كله - بغض النظر عن التفاصيل- يؤشر الى تغلغل ظاهر ة التكفيريين في تونس الشقيقة بعد ثورة الياسمين.
ما يحدث على الارض التونسية يؤشر الى ازمة ثقة بين حزب النهضة والقوى الاخرى،
وهي أزمة أخذة في التفاقم، ولم يتم حتى الان التغلب عليها ، ما يعيدنا الى كتاب “الاسلام السياسي في تونس” الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث ، الطبعة الثانية 2011، اذ تكشف الدراسات التي تضمها دفتا الكتاب عن هذه الازمة ، وتكشف اسبابها ، وان كان المجال لا يتسع لاستعراض هذه الدراسات وكلها مهمة ، الا اننا في هذه العجالة نشير الى وجهة نظر د. محمد حداد الذي قدم للكتاب ،معتبرا ان خوف التونسيين من هذه التجربة “بألا تتحول الى سيناريو ايراني ، أو سيناريو جزائري.. ففي الحالة الاولى يتحول الاستبداد الى شكل ديني ، وفي الثانية يجهض التغيير باسم الانقاذ”ص9.
ويضيف حداد “ ان الحركات الاسلامية تحظى بعدد من الاتباع وهذا هو سر قوتها ، ولكن ايضا تتميز بكثرة خصومها داخل المجتمع وهذا هو نقطة ضعفها ، بغض النظر عن الشريحة المسيسة، لان مشروع الاسلامية لا يكتفي بالسياسة، من هنا يلقى معارضة من فئات اخرى، ويستفز الفئات التي تقف موضوعيا مع التغيير والتحرر، فهي تخاف من الاسلامية اكثر ما تخاف من سلطة الحاكم، في كثير من الاحيان، ويقول اصحابها ، انهم يفضلون استبداد الشرطي الذي يمارس على الاجساد، من استبداد يمارس على الاجساد والعقول معا” ص9 ويخلص الى القول “ من اراد الاقتداء بالتجربة التركية عليه اقتباس الانظة العلمانية للدولة التركية، التي تمنع الاسلاميين وغيرهم من احتكار السلطة في كل الفضاءات الاجتماعية”ص10 .
باختصار.....فاجعة اغتيال المناضل القومي الناصري محمد البراهمي ، بعد اغتيال شكري بالعيد ، أحد اهم رموز اليسار في تونس ، وضع تونس وثورتها المجيدة، امام منعطف خطير ، يستدعي مراجعة تجربة الحكم، والتعجيل بالانتخابات، ليقول الشعب التونسي - الذي فجر الربيع العربي- كلمته من جديد.
Rasheed_hasan@yahoo.com
(الدستور)