فشل سياسة اعادة النمو الاقتصادي
فهمي الكتوت
جو 24 : فيما يواصل الجدل بين دول الاتحاد الاوروبي حول موازنة الاتحاد للسنوات السبع المقبلة، تمارس بريطانيا مع عدد من الدول الاوروبية ضغطا متزايدا لتخفيض موازنة الاتحاد، وفي هذا السياق اقترح رئيس الاتحاد هيرمان فان حلا وسطا لانهاء الخلافات بخفض الميزانية بحوالي 80 مليار يورو، ويتنازع اتجاهان اساسيان في الاتحاد: الاول يتبنى تخفيض كبير في موازنة الاتحاد انسجاما مع سياسة التقشف، والاخر يشدد على ضرورة استخدام امكانيات الاتحاد لتعزيز القدرة التنافسية، في ظل تراجع النمو الاقتصادي في معظم دول الاتحاد الأوروبي. فقضية تحقيق التنافسية واعادة النمو الاقتصادي للبلدان الراسمالية اصبحت تشكل قلقا متزايدا في مختلف البلدان الراسمالية، وهي تعتبر من ابرز التحديات التي تواجه اقتصادات هذه البلدان، فلم تعد مشكلة اوروبية فحسب، بعد فشل الادارة الاميركية في الحفاظ على معدل نمو مناسب لاقتصادها، فالاعلان عن انكماش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأخير من العام الماضي يكشف بوضوح عمق الازمة.
وقد استنفذت كافة الوسائل التقليدية دون جدوى لاخراج الاقتصاد الراسمالي من ازمته، فلم تفلح هذه السياسات في تحقيق التنافسية لاقتصادات هذه البلدان، امام نمو ملموس لاقتصادات البلدان الناشئة. ففي الوقت الذي توقفت الولايات المتحدة الاميركية عن توجيه الدعم المباشر لتحفيز الاقتصاد، اظهر الاقتصاد الاميركي انكماشا ملحوظا، اسوة باقتصادات الدول الاوروبية، فالاقتصاد الراسمالي امام ظاهرتين متناقضين: " تخفيض عجز الموازنة" و " تحفيز الاقتصاد" والعلاج الذي يستخدم في معالجة الحالة الاولى " التقشف " يشكل احباطا لتحفيز الاقتصاد. فالسياسة الانكماشية لا تحقق نموا اقتصاديا. وقد اختارت اليابان اسلوبا جديدا في مواجهة الازمة ما اطلق علية "حرب العملات"، فقد ادى تدخل البنك المركزي الياباني الى انخفاض قيمة الين إلى 93 ينا للدولار الاميركي، بعد ان حافظ الين على نحو 80 ينا للدولار خلال عام 2012، ويتوقع المحللون استمرار هبوط الين بسبب السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الياباني، ومن الطبيعي ان يحدث انخفاض سعر الين تأثيرا مباشرا على القدرة التنافسية للاقتصاد الياباني، وقد انتقد رئيس البنك المركزي الألماني ينز فايدمان سياسة البنك المركزي الياباني التي وصفها بـ"الخروقات التي تدعو للقلق"، والتي تنهي استقلالية البنك المركزي.
فقد اصبح تراجع النمو الاقتصادي يثير قلقا شديدا في الدول الصناعية المتقدمة الامر الذي دفع قادتها نحو اتخاذ اجراءات وسياسات غير متوازنة سواء ما يتعلق منها بالاستقواء على المواطنين في الدولة بفرض سياسات التقشف وافقار وتجويع المواطنين، او القيام بخروقات للاسس والمبادىء المتعارف عليها في النظام الاقتصادي الراسمالي، والتي تشكل ضررا على دول الجوار من خلال ما يسمى :بحرب العملات"، وهي التهمة التي سبق ووجهت للصين خلال العام الماضي .
فبدلا من البحث عن الاسباب الحقيقية وراء الازمة الاقتصادية ومعالجتها، يجري ترحيل الازمة، اوتحميل اعبائها على جهات اخرى، خشية من المساهمة بالاثمان الحقيقية لها. ويطرح الخبير الاقتصادي راغورام راجان أستاذ الموارد المالية في جامعة شيكاغو وكبير المستشارين الاقتصاديين لدى وزارة المالية الهندية في هذا الصدد " لقد ساهم معتقدان أساسيان في دفع السياسة الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. الأول أن العالم يعاني من نقص في الطلب الكلي نسبة إلى العرض، والثاني أن الحوافز النقدية والمالية سوف تغلق هذه الفجوة ". السؤال هل كان التشخيص سليما، لكن الخطأ في العلاج ؟
يمكن القول ان هناك نقص في الطلب الكلي نسبة للعرض هذا صحيح، وقد فشل العلاج الذي اعتمد على الحوافز النقدية، فالعلاج لم يقترب من المرض. والسبب في ذلك ان حكومات الدول الراسمالية اقتطعت جزءا هاما من الرواتب الفعلية للعمال والمهندسين والموظفين وجموع المواطنين عامة بزيادة الضرائب وتخفيض الاجور والخدمات العامة، ما اضعف القدرة الشرائية للمستهلكين، وقد ادى ذلك بشكل ملموس الى نقص الطلب الكلي امام العرض، واسهم بشكل ملحوظ في ارتفاع معدلات البطالة، فقد بينت اخر التقارير عن فشل احتواء مشكلة البطالة في اوروبا واميركا، مما عمق ازمة " فيض الانتاج " وتراجع الطلب امام العرض، وهو من ابرز مظاهر اسلوب الانتاج الراسمالي، فالتناقض ما بين علاقات الانتاج السائدة في المجتمع الراسمالي ومحدداتها الاساسية بتمركز الثروة بين ايدي حفنة من الاثرياء، وبين القوى المنتجة التي اسهمت الاجراءات التقشفية بانهيار قدرتها الاستهلاكية، الامر الذي ادى الى تكديس السلع في المخازن، وتراجع النمو الاقتصادي وازدياد معدلات البطالة.
لقد نجحت الطبقة العاملة في مرحلة تاريخية معينة وفي ظل الحرب الباردة، واحتدام الصراع بين نظامين اقتصاديين " راسمالي واشتراكي " انتزاع مكاسب ومزايا هامة جدا امام تراجع الاحتكارات الراسمالية وتقديم تنازلات للطبقة العاملة خشية من تحول نضالها النقابي الاقتصادي الى نضال سياسي يحدث تغييرا بنيويا في النظام الراسمالي، وتعتقد الاحتكارات الراسمالية انها تستطيع الان تشليح الطبقة العاملة مكاسبها، في ظل تبدل موازين القوى العالمية، فهي نجحت في تمركز الثروة على حساب تشديد استغلال العمال، لكنها تغامر باستقرار النظام الاقتصادي الراسمالي.
الرؤية العمانية
وقد استنفذت كافة الوسائل التقليدية دون جدوى لاخراج الاقتصاد الراسمالي من ازمته، فلم تفلح هذه السياسات في تحقيق التنافسية لاقتصادات هذه البلدان، امام نمو ملموس لاقتصادات البلدان الناشئة. ففي الوقت الذي توقفت الولايات المتحدة الاميركية عن توجيه الدعم المباشر لتحفيز الاقتصاد، اظهر الاقتصاد الاميركي انكماشا ملحوظا، اسوة باقتصادات الدول الاوروبية، فالاقتصاد الراسمالي امام ظاهرتين متناقضين: " تخفيض عجز الموازنة" و " تحفيز الاقتصاد" والعلاج الذي يستخدم في معالجة الحالة الاولى " التقشف " يشكل احباطا لتحفيز الاقتصاد. فالسياسة الانكماشية لا تحقق نموا اقتصاديا. وقد اختارت اليابان اسلوبا جديدا في مواجهة الازمة ما اطلق علية "حرب العملات"، فقد ادى تدخل البنك المركزي الياباني الى انخفاض قيمة الين إلى 93 ينا للدولار الاميركي، بعد ان حافظ الين على نحو 80 ينا للدولار خلال عام 2012، ويتوقع المحللون استمرار هبوط الين بسبب السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الياباني، ومن الطبيعي ان يحدث انخفاض سعر الين تأثيرا مباشرا على القدرة التنافسية للاقتصاد الياباني، وقد انتقد رئيس البنك المركزي الألماني ينز فايدمان سياسة البنك المركزي الياباني التي وصفها بـ"الخروقات التي تدعو للقلق"، والتي تنهي استقلالية البنك المركزي.
فقد اصبح تراجع النمو الاقتصادي يثير قلقا شديدا في الدول الصناعية المتقدمة الامر الذي دفع قادتها نحو اتخاذ اجراءات وسياسات غير متوازنة سواء ما يتعلق منها بالاستقواء على المواطنين في الدولة بفرض سياسات التقشف وافقار وتجويع المواطنين، او القيام بخروقات للاسس والمبادىء المتعارف عليها في النظام الاقتصادي الراسمالي، والتي تشكل ضررا على دول الجوار من خلال ما يسمى :بحرب العملات"، وهي التهمة التي سبق ووجهت للصين خلال العام الماضي .
فبدلا من البحث عن الاسباب الحقيقية وراء الازمة الاقتصادية ومعالجتها، يجري ترحيل الازمة، اوتحميل اعبائها على جهات اخرى، خشية من المساهمة بالاثمان الحقيقية لها. ويطرح الخبير الاقتصادي راغورام راجان أستاذ الموارد المالية في جامعة شيكاغو وكبير المستشارين الاقتصاديين لدى وزارة المالية الهندية في هذا الصدد " لقد ساهم معتقدان أساسيان في دفع السياسة الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. الأول أن العالم يعاني من نقص في الطلب الكلي نسبة إلى العرض، والثاني أن الحوافز النقدية والمالية سوف تغلق هذه الفجوة ". السؤال هل كان التشخيص سليما، لكن الخطأ في العلاج ؟
يمكن القول ان هناك نقص في الطلب الكلي نسبة للعرض هذا صحيح، وقد فشل العلاج الذي اعتمد على الحوافز النقدية، فالعلاج لم يقترب من المرض. والسبب في ذلك ان حكومات الدول الراسمالية اقتطعت جزءا هاما من الرواتب الفعلية للعمال والمهندسين والموظفين وجموع المواطنين عامة بزيادة الضرائب وتخفيض الاجور والخدمات العامة، ما اضعف القدرة الشرائية للمستهلكين، وقد ادى ذلك بشكل ملموس الى نقص الطلب الكلي امام العرض، واسهم بشكل ملحوظ في ارتفاع معدلات البطالة، فقد بينت اخر التقارير عن فشل احتواء مشكلة البطالة في اوروبا واميركا، مما عمق ازمة " فيض الانتاج " وتراجع الطلب امام العرض، وهو من ابرز مظاهر اسلوب الانتاج الراسمالي، فالتناقض ما بين علاقات الانتاج السائدة في المجتمع الراسمالي ومحدداتها الاساسية بتمركز الثروة بين ايدي حفنة من الاثرياء، وبين القوى المنتجة التي اسهمت الاجراءات التقشفية بانهيار قدرتها الاستهلاكية، الامر الذي ادى الى تكديس السلع في المخازن، وتراجع النمو الاقتصادي وازدياد معدلات البطالة.
لقد نجحت الطبقة العاملة في مرحلة تاريخية معينة وفي ظل الحرب الباردة، واحتدام الصراع بين نظامين اقتصاديين " راسمالي واشتراكي " انتزاع مكاسب ومزايا هامة جدا امام تراجع الاحتكارات الراسمالية وتقديم تنازلات للطبقة العاملة خشية من تحول نضالها النقابي الاقتصادي الى نضال سياسي يحدث تغييرا بنيويا في النظام الراسمالي، وتعتقد الاحتكارات الراسمالية انها تستطيع الان تشليح الطبقة العاملة مكاسبها، في ظل تبدل موازين القوى العالمية، فهي نجحت في تمركز الثروة على حساب تشديد استغلال العمال، لكنها تغامر باستقرار النظام الاقتصادي الراسمالي.
الرؤية العمانية