jo24_banner
jo24_banner

فنزويلا في عهد تشافيز

فهمي الكتوت
جو 24 :

ودع الشعب الفنزويلي وفقراء العالم في الخامس من آذار مناضلا ثوريا وقائدا أمميا مميزا، "هوغو تشافيز" قائد الثورة البوليفارية، فمنذ أربعة عشر عاما حصل شافيز على ثقة الشعب الفنزويلي عبر صناديق الاقتراع وانتخب رئيسا لفنزويلا عام 1999 وحصل على 56% من الأصوات، ومنذ ذلك التاريخ وهو يتمتع بثقة الشعب، وأعيد انتخابه لعدة دورات كان آخرها في نهاية العام الماضي، الا أن المرض لم يمهله. وفي آخر انتخابات نيابية فاز الحزب الاشتراكي الموحد الذي كان يقوده تشافيز بالانتخابات التشريعية بحوالي 60 % من مجلس النواب. لقد أسهمت السياسات الليبرالية واملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي كانت سائدة قبل وصول تشافيز الى السلطة في تعميق الاحتقانات الاجتماعية.
تميزت التجربة الفنزويلية بالمواءمة بين التعددية السياسية والفكرية في اطار الدولة الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع، وبتحقيق الاشتراكية، (اشتراكية القرن الحادي والعشرين) كما يُجرى وصفها من دون المساس بالحريات العامة حيث تعرف العالم على نموذج جديد من الاشتراكية، مختلفا عن اشتراكية الأحزاب الشمولية التي استندت على قاعدة امتلاك "الحقيقة المطلقة"، فقد صانت الثورة البوليفارية حرية الرأي والتعبير والتنظيم والتظاهر، وأفسحت المجال أمام المعارضة، التي جندت صفوفها وواصلت عملها بحرية مطلقة مستخدمة امكاناتها غير المحدودة في مواجهة الثورة الاشتراكية، رغم لجوئها الى العنف وقيامها بانقلاب عسكري في نيسان عام 2002 مدعوم من الاحتكارات الراسمالية، ومن قبل الدوائر الامبريالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية. الا أن الفئات الشعبية تصدت بحزم للانقلابيين وأعادت السلطة الشرعية بعد 48 ساعة على الانقلاب.
إن غياب تشافيز يعتبر خسارة كبرى ليس للشعب الفنزويلي فحسب، بل ولفقراء العالم أجمع، وعزاؤنا فيه أنه ترك ارثا ثوريا ودولة ديمقراطية وحزبا مناضلا يستمد قوته من قاعدة شعبية تمثل الفقراء والكادحين الذين تمتعوا بمكاسب ملموسة عبر السلطة الشعبية بتوفير التعليم المجاني الشامل، وتقديم الخدمات الصحية للفقراء والمسحوقين، الذين أصبحوا يدافعون عن مصالحهم وحقوقهم المكتسية ومنجزاتهم الاجتماعية.
إن اهمية المنجزات التي حققتها الثورة الفنزويلية أنها أسهمت بتحالفها مع الثورة الكوبية باعادة تشكيل القارة الاميركية على أسس جديدة، بسقوط الأنظمة الديكتاتورية وانتخاب أنظمة ديمقراطية اجتماعية، لتحل مكان الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تعرف بجمهوريات الموز، والأنظمة البوليسية التي تروع المواطنين وتمارس القهر والاضطهاد باشكالهما كافة. والأنظمة الغارقة بالفساد وتجارة المخدرات.
جاء انتصار الثورة البوليفارية لاعلان بزوغ فجر جديد في القارة الاميركية، أوصل قيادات شعبية من طراز جديد عبر صناديق الاقتراع الى الحكم في عدد من الدول، يمثلون نهجا ديمقراطيا اجتماعيا، وبعض هؤلاء القادة من صفوف الحركة النقابية والعمالية مثل الرئيس البرازيلى السابق، لولا دا سيلفا، الشخصية المميزة الذي قاد بلاده لدورتين بجداره. وحققت البرازيل في عهده نموا اقتصاديا متميزا، لتصبح سادس أكبر اقتصادات العالم وتحتل مكان بريطانيا بفضل وتائر النمو الاقتصادي. أما الرئيس البوليفي فهو من صفوف الحركة النقابية ويمثل حالة متقدمة في تاريخ الدولة ويعتبر انتصاره في الانتخابات امتدادا لمبادئ القائد التاريخي جيفارا، اضافة الى النجاحات التي حققتها الارجنتين ونيكارغوا والاكوادور وغيرها، في مواجهة الفقر والتخلف وبناء اقتصادات وطنية مستقلة وصياغة نموذج اقتصادي جديد، فقد نجحت هذه الدول في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتحرير اقتصاداتها من التبعية، وتحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، لدرجة أن منظمة (اونكتاد) المنبثقة عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية اعترفت ان هذا النموذج الاقتصادي يشكل بديلا للسياسات الاقتصادية " الليبرالية الجديدة " التي هيمنت على اقتصادات معظم دول العالم منذ تسعينيات القرن الماضي، وكانت سببا مباشرا لتعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وأدت الى انفجار الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها النظام الراسمالي حاليا. لقد افشلت دول اميركا الجنوبية بزعامة تشافيز اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة لدول القارة الأميركية، الصادرة عن مؤتمر قمة كيبك في كندا في يناير 2001، حيث اعتبرها تشافيز اتفاقية غير متكافئة تسهم في تكريس الهيمنة الأميركية على اقتصادات دول القارة.
حاز هوغو تشافيز على شعبية في عدد غير قليل من دول العالم تفوق شعبية حكامها، فقد وقف الى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الصهيوني وطرد سفير "اسرائيل" في بلاده أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة ، كما وقف الى جانب المقاومة اللبنانية في نضالها ضد المحتلين الصهاينة، وكان له موقف مؤيد وداعم للشعب العراقي ضد الاحتلال الامريكي .
(العرب اليوم)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير