من مغترب إلى ناصر جوده!!
تحية طيبة و نبارك لمعاليكم تولي الحقيبة بمسماها الجديد ( وزارة الخارجية و شؤون المغتربين) و بعد؛
لست من المعنيين بالشؤون الخارجية فمعاليكم تقومون بها منذ عدد من الحكومات ، و لكن ما يدعوني لكتابة رسالة لكم و مع هذا التشكيل الجديد للحكومة، و توليكم حقيبة الخارجية - كما كان متوقعا - هو إضافة (شؤون المغتربين) لمسمى الوزارة الجديد، و لا أظنها تسمية عابرة و لم تأت من باب التجديد فقط بل لم تكن التسمية أيضا ( و رعاية شؤون المغتربين) ، الأمر الذي دعاني - كمغترب لأكثر من خمس عشرة سنة-أن أراسل معاليكم لمعرفة شؤون المغتربين ما هي و مدعاة ضمها لتسمية وزارتكم السيادية؟.
معالي الوزير المحترم
و بالاستناد الى أرقام منشورة ضمن إصدارات و كالة الأنباء الأردنية (بترا) و مؤكد أن معاليكم تعلمونها تماما، اذ نسبت (بترا) الرقم لوزارة الخارجية فقد بلغ المغتربين الأردنيين في الخارج نحو ستمائة ألف مواطن مضافا اليها أعدادا غير محصورة لمقيمين في بلدان ليس للمملكة سفارات فيها( أشير الى تضارب مع أرقام دائرة الإحصاءات العامة و الذي يزيد عن نصف مليون بقرابة ثمانية الاف فقط).كما أود أن أذكر أن إجمالي الحوالات النقدية من المغتربين بحسب البنك المركزي الأردني و تقرير (بترا يوم ٣١ اذار ٢٠١٣) إذ بلغت الحوالات ما قيمته 528,5 مليون دولار لشهري كانون ثاني و شباط من هذا العام و بزيادة مقدارها 4,1% مقارنة مع نفس المدة الزمنية من العام الماضي. و ما دمنا نتحدث بلغة الأرقام أرجو أن يتسع صدركم للتذكير أيضا بالعدد الكلي للمعتقلين الأردنيين في الخارج و الذي بلغ 1464 معتقلا منهم من هو معتقل لأسباب جنائية وبعضهم الآخر لأسباب أمنية ، و ذلك بحسب ما كشفته وزارتكم مؤخرا.
أسوق هذه الأرقام لأستند منها إلى أهمية هذه الشريحة من المواطنين الأردنيين، و أنه بات من غير المقبول التغني برعاية مصالحهم (و الأجدى التصريح برعاية شؤونهم المختلفة) قولا دون أن يصدق الفعل القول، ولكي أكون أكثر تحديدا ؛و برغم أن الأرقام وضعت في الأذهان أبرز مطالب و ضرورات المغتربين الملحة الواجبة الرعاية ، و التي قد ألخصها كمغترب في جملة من المطالب و هي كالتالي:-
أولا :- ضرورة حصر أعداد المغتربين و تفاصيل بياناتهم حصرا دقيقا ، إذ من غير المقبول تضارب الأعداد بين دوائر الحكومة و هذا أبسط و أول حق للمغترب معرفته و معرفة بلد إقامته.
ثانيا:- و مهما كان الإختلاف على العدد الفعلي فهم بلا شك نسبة لا يستهان بها غالبيتها ذات تعليم أهلها للعمل خارج البلاد، و هذا يستدعي إحترام حقوقهم الدستورية كمواطنين، و ليس اسقاط هذه الحقوق عنهم بمجرد إغترابهم ، و هذا هو واقع الحال للأسف.
فبداية لا يوجد نص دستوري واضح و محدد يشير الى مسؤولية الدولة (بذراعها - الحكومة، بذراعها- وزارة الخارجية مثلا) عن رعاية المواطن الأردني المغترب، و ضمان حقوقه الأساسية و حريته الإنسانية و حمايته الوطنية .
كما أنه لا بد من ضمان حقهم و ممارسة هذا الحق في الاستحقاقات الوطنية، كالانتخابات البرلمانية و البلدية و الاستفاءات الشعبية حال حدوثها، و ضمان هذا الحق لا بد أن يكون بمادة دستورية تشير إليه أسوة بدساتير بلدان العالم بما فيها الكثير من الدول العربية، و التي تشير لهذه الحقوق بمواد صريحة واضحة.
ثالثا:- إن عدد المعتقلين و الذي يمثل نسبة من عدد المغتربين ليست بالقليلة يثير الرعب و الشك في قلب كل مغترب، حول جدية الوزارة و الحكومة قبلها في حماية المواطن الأردني خارج حدود الوطن. فتقصير السفارات و الملحقات الدبلوماسية واضح في هذا الأمر و ليس دليل أكبر من عدم سماعنا عن حضور هذه الجهات الراعية للمواطن المغترب (افتراضا) لمحاكمة مغترب اردني واحد في محاكم الدولة التي يقيم بها، سواءً كانت الأسباب جنائية أو أمنية حتى، بل و ازيدكم - و بعلمكم ايضا- أن مواطنين اردنيين تم اعتقالهم دون معرفة اسباب داعية لذلك، و منهم من تم محاولة تلفيق تهم لهم دون نصير رسمي من سفاراتنا في تلك الدول.
رابعا:- رعاية شؤون و مصالح المغتربين رعاية حقيقية من قبل السفارات و أبسط هذه الحقوق شؤون العمل و تعريف المغترب بحقوقه ضمن قوانين البلد التي يعمل بها ان كان موظفا، و تقديم العون له إن كان مستثمرا فضياع الحقوق المالية لها قصص تروى بين المغتربين موظفين و مستثمرين ، كان بالإمكان تفادي الكثير من هذه الأضرار لو وجدت جهة اعتبارية ساندت المغترب للحصول على حقوقه المادية و التي بالأساس اغترب من أجلها.
أيضا رعاية الشؤون الاجتماعية للمغتربين ذات أهمية وطنية و نفسية للمغترب تعمل على تخفيف الشعور بالغربة عن أهله و وطنه، إذ من المعيب أن ( الجاليات) الأردنية و الأندية الإجتماعية للمغتربين الأردنين ، إنما تشكلت في معظم دول الإغتراب بجهود فردية من المغتربين أنفسهم دون أدنى رعاية رسمية.
و يتشعب الحديث كثيرا عن رعاية المغتربين فيطال الجانب الصحي و الثقافي و تعليم الأبناء حتى يصل الى حالات الوفاة و الطريقة اللائقة للتعامل معها اذا حدثت للمغترب لا قدر الله ... كل هذه الجوانب أأكد لمعاليكم أن ما حدث و ما يحدث منها فإنه يكون دائما بالجهود الذاتية و الفردية.أما الطلاب المغتربين بغرض التعليم الجامعي بأي من مراحله الثلاث ، فرعاية شؤونهم ذات أهمية لا يتسع المقام لها هنا.
خامسا:- و في الجانب الإقتصادي و المالي، و لا تخفي الأرقام للمبالغ المحولة من المغتربين أهميتها في رفد الإقتصاد الوطني. و عند الحديث صراحة بهذا الموضوع لا يخفي المغتربون تخوفهم أن هذا هو السبب الحقيقي و الوحيد لإضافة صفتهم لمسمى وزارة الخارجية الجديد،فما نخشاه أن يكون التذرع برعاية شؤوننا إنما هو إضافة مراكز جباية بمسميات أنيقة في السفارات أو في المعابر البرية و الجوية لوطننا، يكون الهدف الخفي منها فرض رسوم و ضريبة على المغترب ، فيعاقب بذلك أكثر من مرة أولها بغربته من أجل المال و آخرها بمقاسمته ثمرة غربته، و أبعد من ذلك ما قد يترتب من تعيين المحاسيب و ذوي الواسطات تحججا برعاية شؤوننا ، ثم لا تكون رواتبهم و امتيازاتهم إلا من جيوبنا و زيادة! ثم لا تكون الا النتيجة الكارثية بتراجع المغتربين عن زيارة وطنهم و اهلهم تخوفا من ضرائبكم المالية، أو إحجامهم عن تحويل أموالهم و الإحتفاظ بها في بنوك الغربة، و هذا ما نشهده من مغتربي دول عربية شقيقة.
معالي الوزير
هذا غيض من فيض حول المغتربين و شؤونهم و لعل إحياء مؤتمرات المغتربين و التي كانت قائمة قبل أكثر من عشر سنوات و بشكل سنوي و تم الغاؤها تعرفكم أكثر بهواجسهنا و شؤوننا ... فإن كان الهدف الرعاية و تفعيل المعنى الحقيقي لكون المغترب جزءا من النسيج الوطني برعاية كافة حقوقه فمرحبا بمسماكم الجديد و يدنا بيدكم، و إن كان ظاهر الإسم يخفي غير ذلك فدعونا من المسميات و كفانا بالغربة وجعا.