أسمع و أرى..... و لا أتكلم!!!
بداية لا بد من توجيه الشكر لحراس الحرية و المدافعين عن الكلمة في بلادنا، و هم كل من تطرق معترضا على موضوع حجب المواقع الالكترونية الأخير ، و في مقام الشكر لا بد من توجيه الشكر لمعارضي الحجب و التكميم من اعلاميين يدافعون عن حرية الكلمة، و التي باتت آخر الحصون التي ضر البعض فتح بابها فسعوا و يسعون لإغلاق و اقفال و تعليب الكلمة وفق ما يريح أبصارهم و يغض الطرف عن فحش فعالهم.
أبرز ما يقفز في بال أي متابع حيال قرار الحجب يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:-
اولا:- من أبرز المواد الجديدة في مشروع القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر " تحميل الموقع الإلكتروني المسؤولية عن أي إساءات أو مخالفات قانونية تتضمنها التعليقات المنشورة في ذيل الأخبار أو المواضيع الأخرى كإلزام لإدارة الموقع بالمسؤولية عن التعليقات "
التساؤلان المثيران هنا أحدهما حول إمكانية الحجب بحد ذاتها في ظل برامج تكسر الحجب و المعروفة لدى مبتدئي الاستخدام للانترنت، و في ظل معرفتنا بالقدرات الرسمية التكنولوجية و التي أناطت المهمة لشركات الاتصال.
و التساؤل الآخر يا ترى كم ستتكلف الحكومة من عيون مراقبة و وقت و بالتالي اموال للقيام بهذه المهمه؟!! ربما الجواب يحتاج لدراسة مالية متخصصة، لانها حتما ستحتاج مبالغ أكبر مما ستوفرة فاتورة الكهرباء بحلتها الجديدة ... متابعة المنشور و متابعة تعليقات ما ينشر مع الكم الكبير للاخبار و المقالات و التعليقات ، اتخيل الأعداد و التكاليف لم تخطر ببال من قرر التطبيق ذات عصر خميس على جمعه!
ثانيا:- صدور القرار بحجب المواقع تم في نفس اليوم الذي صدرت فيه الورقة النقاشية الرابعة للملك و التي جاءت تحت عنوان (التمكين الديمقراطي) و اطلاق مشروع التمكين في نفس اليوم... و لن اتحدث عن التزامن بين الحدثين و الذي حتى حرم الجميع من متعة الحلم بالمعاني -و الحلم في بلادي بات الطموح الشرعي و الوحيد للمواطن - التي وردت في الورقة مثل المواطنه الفاعلة، الحوار البناء، النقاش الهادف، و كل المصطلحات التي تحث على ابداء و طرح الرأي و لو كان مخالفا .
اذا كيف للتمكين و التكميم أن يجتمعا معا؟ و هل هو ابتداع غير مسبوق للحكومة الخارقة لكل المسلّمات؟!
ثالثا:- تأثير القرار على مكانة الاردن في الحريات الاعلامية و أعتقد انه قبل الحجب حالنا في هذا الشأن لا يسر احدا بل لا يدل على أننا نحترم حرية التعبير و ان الرأي الآخر ممنوع عندنا، فكيف سيكون حال ترتيبنا بين الدول بعد هكذا قرار؟؟!!
رابعا:- القوانين المعمول بها ضمنت و بشكل أكثر من كافٍ حفظ كرامة أي مواطن من التطاول و التشهير و الإعتداء اللفظي أو الإتهامي دون مبرر، بالتالي من حق أي متضرر أن يلجأ للقضاء و بالمقابل من حق صاحب أي رأي أن يقول رأيه... فكم مرة و تحت كم قانون سنحاسب الكاتب او ناشر الخبر أو صاحب الرأي؟!
خامسا:- أكثر ما يحزن في مثل هذه القرارات - و قد كثرت القرارات الصادمة مؤخرا- أن المسؤول المباشر يظهر و دون ان نحتاج لذكاء لنتبين انه ( معوش خبر) ، و لكنه بالطبع يلبس لبوس المتمكن و الواثق و المشارك بل و صانع القرار، فتصريح مدير المطبوعات الوحيد و الفريد ( تبع تفويت الفرصه) و كذلك تصريح وزير الاعلام بأن الذي قاموا بالترخيص (اربعة و تسعون موقعا) احتجوا على عدم التطبيق مما جعل الحكومة تتخذ قرار التطبيق (الخميس عصرا قبل يومي عطله)!!! تخيلوا ذكاء التصريحات، الا يعلمان ان مثل هذا الكلام لم يعد يمر على أحد؟ و أن تفسيره الوحيد في ذهن كل من سمعهما ، أنهما لا يملكان من الأمر شيئا؟!!
سادسا:- المثير للضحك ايضا ان تعديلات القانون بالمسؤولية عن التعليقات، ومن مواد القانون منحت "الحق للمدير العام لدائرة المطبوعات والنشر حق حجب المواقع الالكترونية التي تبث من الخارج إذا خالفت أي من المواد المطبقة على المواقع المحلية"
كيف سيكون تطبيق القانون الذي نرفع شعار سيادته بهذا الخصوص على الصحف الأجنبيه التي تكثر من ( ذكرنا بالخير) و كذلك على مواقع التواصل و التي ارتفع فيها سقف الحريات أكثر من أن يقبل الإسكات و قل فيه حجم التأكد من صحة الخبر أقل بكثير من معايير المواقع؟.
سابعا و اخيرا:- لا أدري كيف لحكومات متعاقبة تتفنن في عدم الإنجاز و تخترع اللا عطاء ، كيف لها أن تصادر- تحديدا في هذه المرحلة- حقوقا هي من بديهيات الديمقراطية؟!
ختاماً...من لا يعطي معيب عليه أن يمنع، و من لا يُكافىء مثلمة في حقه أن يُعاقِب!!
و بهذه الوتيرة الغريبة جدا لا نستغرب أن يصدر قانون تحاسبنا فيه الحكومة على نوايانا و على ما داخل قلوبنا!!.