نموذج اقتصادي جديد
فهمي الكتوت
جو 24 :
يقول المنصف المرزوقي إن بلاده بحاجة لنموذج اقتصادي جديد لانتشال خُمس السكان الذين يعيشون في الفقر، جاء ذلك في مستهل كلمته التي القاها في المنتدى الاجتماعي العالمي، معتبرا الهدف إخراج مليوني تونسي من دائرة الفقر في غضون السنوات الخمس المقبلة. مؤكدا أن اقتصاد السوق أو الليبرالية الجديدة لن تخرج التونسيين من الفقر. وقبل الدخول في جوهر البحث من المفيد الاشارة الى أهمية المنتدى الاجتماعي ودوره عالميا، الذي عقد لاول مرة في 25 يناير 2001 في بورتو أليغري احد اهم المراكز الثقافية والسياسية والاقتصادية في البرازيل. ويضم المنتدى الهيئات والحركات الشعبية المناوئة للعولمة الرأسمالية.
وبالعودة الى النموذج الاقتصادي، أعتقد أنها خطوة ايجابية لرئيس دولة عربية التفكير بالفقراء من حيث المبدأ، لكن ذلك يترتب عليه اجراءات، فالشعب التونسي الذي أنجب بوعزيزي وفجّر ثورة الياسمين ضد الفساد والاستبداد والقهر والطغيان، وضد الارتهان لاملاءات صندوق النقد الدولي، ينتظر من الثورة التونسية الكثير أقلها معالجة مشاكل الفقر والبطالة، أما قول الرئيس أن الليبرالية والليبرالية الجديدة لن تحل مشكلة الفقراء، ليس اكتشافا جديدا.. لكن تبني هذه المبادىء التي تعالج قضايا الفقر قد يكون جديدا في وطننا العربي. المهم توفر الارادة السياسية والانحياز لصالح الفقراء والكاحين. فقد عانت شعوب الأرض المقهورة وفي عدادها الشعب التونسي، من الليبرالية الجديدة ومن العولمة الراسمالية القائمة على تحرير التجارة وحركة رأس المال المطلقة، وارهاق الفئات الشعبية بالضرائب غير المباشرة، واستيلاء الاحتكارات الرأسمالية المتعددة الجنسيات على مؤسسات الدولة الوطنية باسم التخاصية، بعد إغراقها بالمديونية، وتوسيع السوق الرأسمالي والسعي المحموم للاحتكارات الرأسمالية والبرجوازية الطفيلية لنهب خيرات الشعوب وتحقيق الارباح الخيالية، دون أي اعتبار لمصالح الطبقة العاملة والمجتمع كافة، فالهدف الأسمى للشعب التونسي والشعوب العربية البحث عن نموذج اقتصادي جديد لمعالجة مشكلة الفقر.. إذا ما هو النموذج الاقتصادي الجديد؟ النموذج الاقتصادي الاجتماعي الذي تسعى القوى الديمقراطية التقدمية لتحقيقه في البلدان النامية هو الذي يؤمن نموا اقتصاديا ضمن مستويات مرتفعة لا تقل عن 6% من الناتج المحلي الاجمالي، ويضمن توزيعا عادلا للثروة بما يحقق العدالة بين الشرائح الاجتماعية، يتأتى ذلك بتدخل الدولة الديمقراطية الشعبية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسعيها الدؤوب لتحفيز الاقتصاد، والتدخل في الوقت المناسب لتصويب الاختلالات الهيكلية، وتحقيق التوازن بين الربح والتنمية الاجتماعية.
يقول المفكر والباحث الاقتصادي التقدمي د. عصام الزعيم " يمكن اعتبار اقتصاد السوق الاجتماعي اقتصادا مختلطا يجمع الدولة والقطاع الخاص، وهجينا يجمع السوق والمجتمع، يأخذ مقومات له من نظام السوق وأخرى من نظام الرعاية والتنمية الاجتماعية" فالنموذج الاقتصادي الذي نريد في البلدان النامية... الذي يحقق التنمية الاقتصادية ويحرر الاقتصاد من التبعية الاجنبية، وصولا لحل التناقض التناحري بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج، وتأمين حالة من التوازن بين النمو الاقتصادي والتصدي للمشاكل الاساسية مثل البطالة والفقر وتوفير الرفاه الاجتماعي. لم يتحقق ذلك إلا من خلال مشاركة الدولة في ملكية وسائل الإنتاج، ببناء اقتصاد مختلط، والقيام بمسح اقتصادي شامل لثروات البلاد الاساسية للاستفادة منها على أكمل وجه، ليس بتصديرها خامات بل بإقامة صناعات إنتاجية، والارتقاء باقتصاد الدولة من اقتصاد ريعي الى اقتصاد إنتاجي وتوطين التكنولوجيا وصولا الى احدث المبتكرات العلمية واستغلال ثورة الاتصالات لبناء اقتصاد وطني متطور يضمن زيادة الانتاجية، بما يكفل وفر الانتاج، واسعارا للسلع تتناسب مع معدلات الدخل. ومع التقدير لخصائص كل دولة على حده، إلا أن الدول العربية كافة معنية بإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية سواء كانت نفطية أو غير نفطية، غنية أو فقيرة، فالدول الغنية معنية بالاستفادة من فوائضها المالية واستغلالها بما يحقق انجازا اقتصاديا مميزا في ظل الصراع الاقتصادي بين المراكز الاقتصادية الاساسية في العالم وتنامي دور مجموعة بريكس، وغياب دور عربي، أما الدول الفقيرة فهي لا تقل حاجة عن الدول الغنية باستثمار امكانياتها المـــــتواضعة بما يخفــــف من آلام شعوبها ويــــحقق تنمية اقتـــــصادية اجتــماعية.
أما الدور الاجتماعي للدولة فهو يتمحور حول حق الجميع بالعمل، وتوفير الأجر المناسب الذي يضمن حياة كريمة، وتكافؤ الفرص، وتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم للمواطنين كافة، بإصدار حزمة من القوانين الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الأهداف النبيلة، الأمر الذي يسهم بتحسين الطلب الكلي أمام العرض الكلي، مما يجنب الاقتصاد ما يعرف بأزمة فيض الإنتاج، التي تمر بها البلدان الرأسمالية.
(العرب اليوم)
يقول المنصف المرزوقي إن بلاده بحاجة لنموذج اقتصادي جديد لانتشال خُمس السكان الذين يعيشون في الفقر، جاء ذلك في مستهل كلمته التي القاها في المنتدى الاجتماعي العالمي، معتبرا الهدف إخراج مليوني تونسي من دائرة الفقر في غضون السنوات الخمس المقبلة. مؤكدا أن اقتصاد السوق أو الليبرالية الجديدة لن تخرج التونسيين من الفقر. وقبل الدخول في جوهر البحث من المفيد الاشارة الى أهمية المنتدى الاجتماعي ودوره عالميا، الذي عقد لاول مرة في 25 يناير 2001 في بورتو أليغري احد اهم المراكز الثقافية والسياسية والاقتصادية في البرازيل. ويضم المنتدى الهيئات والحركات الشعبية المناوئة للعولمة الرأسمالية.
وبالعودة الى النموذج الاقتصادي، أعتقد أنها خطوة ايجابية لرئيس دولة عربية التفكير بالفقراء من حيث المبدأ، لكن ذلك يترتب عليه اجراءات، فالشعب التونسي الذي أنجب بوعزيزي وفجّر ثورة الياسمين ضد الفساد والاستبداد والقهر والطغيان، وضد الارتهان لاملاءات صندوق النقد الدولي، ينتظر من الثورة التونسية الكثير أقلها معالجة مشاكل الفقر والبطالة، أما قول الرئيس أن الليبرالية والليبرالية الجديدة لن تحل مشكلة الفقراء، ليس اكتشافا جديدا.. لكن تبني هذه المبادىء التي تعالج قضايا الفقر قد يكون جديدا في وطننا العربي. المهم توفر الارادة السياسية والانحياز لصالح الفقراء والكاحين. فقد عانت شعوب الأرض المقهورة وفي عدادها الشعب التونسي، من الليبرالية الجديدة ومن العولمة الراسمالية القائمة على تحرير التجارة وحركة رأس المال المطلقة، وارهاق الفئات الشعبية بالضرائب غير المباشرة، واستيلاء الاحتكارات الرأسمالية المتعددة الجنسيات على مؤسسات الدولة الوطنية باسم التخاصية، بعد إغراقها بالمديونية، وتوسيع السوق الرأسمالي والسعي المحموم للاحتكارات الرأسمالية والبرجوازية الطفيلية لنهب خيرات الشعوب وتحقيق الارباح الخيالية، دون أي اعتبار لمصالح الطبقة العاملة والمجتمع كافة، فالهدف الأسمى للشعب التونسي والشعوب العربية البحث عن نموذج اقتصادي جديد لمعالجة مشكلة الفقر.. إذا ما هو النموذج الاقتصادي الجديد؟ النموذج الاقتصادي الاجتماعي الذي تسعى القوى الديمقراطية التقدمية لتحقيقه في البلدان النامية هو الذي يؤمن نموا اقتصاديا ضمن مستويات مرتفعة لا تقل عن 6% من الناتج المحلي الاجمالي، ويضمن توزيعا عادلا للثروة بما يحقق العدالة بين الشرائح الاجتماعية، يتأتى ذلك بتدخل الدولة الديمقراطية الشعبية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسعيها الدؤوب لتحفيز الاقتصاد، والتدخل في الوقت المناسب لتصويب الاختلالات الهيكلية، وتحقيق التوازن بين الربح والتنمية الاجتماعية.
يقول المفكر والباحث الاقتصادي التقدمي د. عصام الزعيم " يمكن اعتبار اقتصاد السوق الاجتماعي اقتصادا مختلطا يجمع الدولة والقطاع الخاص، وهجينا يجمع السوق والمجتمع، يأخذ مقومات له من نظام السوق وأخرى من نظام الرعاية والتنمية الاجتماعية" فالنموذج الاقتصادي الذي نريد في البلدان النامية... الذي يحقق التنمية الاقتصادية ويحرر الاقتصاد من التبعية الاجنبية، وصولا لحل التناقض التناحري بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج، وتأمين حالة من التوازن بين النمو الاقتصادي والتصدي للمشاكل الاساسية مثل البطالة والفقر وتوفير الرفاه الاجتماعي. لم يتحقق ذلك إلا من خلال مشاركة الدولة في ملكية وسائل الإنتاج، ببناء اقتصاد مختلط، والقيام بمسح اقتصادي شامل لثروات البلاد الاساسية للاستفادة منها على أكمل وجه، ليس بتصديرها خامات بل بإقامة صناعات إنتاجية، والارتقاء باقتصاد الدولة من اقتصاد ريعي الى اقتصاد إنتاجي وتوطين التكنولوجيا وصولا الى احدث المبتكرات العلمية واستغلال ثورة الاتصالات لبناء اقتصاد وطني متطور يضمن زيادة الانتاجية، بما يكفل وفر الانتاج، واسعارا للسلع تتناسب مع معدلات الدخل. ومع التقدير لخصائص كل دولة على حده، إلا أن الدول العربية كافة معنية بإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية سواء كانت نفطية أو غير نفطية، غنية أو فقيرة، فالدول الغنية معنية بالاستفادة من فوائضها المالية واستغلالها بما يحقق انجازا اقتصاديا مميزا في ظل الصراع الاقتصادي بين المراكز الاقتصادية الاساسية في العالم وتنامي دور مجموعة بريكس، وغياب دور عربي، أما الدول الفقيرة فهي لا تقل حاجة عن الدول الغنية باستثمار امكانياتها المـــــتواضعة بما يخفــــف من آلام شعوبها ويــــحقق تنمية اقتـــــصادية اجتــماعية.
أما الدور الاجتماعي للدولة فهو يتمحور حول حق الجميع بالعمل، وتوفير الأجر المناسب الذي يضمن حياة كريمة، وتكافؤ الفرص، وتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم للمواطنين كافة، بإصدار حزمة من القوانين الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الأهداف النبيلة، الأمر الذي يسهم بتحسين الطلب الكلي أمام العرض الكلي، مما يجنب الاقتصاد ما يعرف بأزمة فيض الإنتاج، التي تمر بها البلدان الرأسمالية.
(العرب اليوم)