لو حاصصتم لن تكون لكم
المحاصصة هي حالة لمجتمع تختلف فيه التكوينات العرقية والدينية والاثنية، وافضل نموذج لها الحالة اللبنانية، فالشعب اللبناني الذي تعتبر تركيبته طائفية مكون من اطراف مسيحية متنوعة واطراف اسلامية متنوعة وغيرها، وقد وجدت المحاصصة ليس في مواقع الدولة الرسمية، ولكنها مقره ضمن قانون الانتخاب الذي يحدد الحصص لكل فريق من فرقاء التكوين الاجتماعي اللبناني.
كما هي الحالة اللبنانية ايضا هناك الحالة العراقية التي قسمت العراق بعد الاحتلال الامريكي الى ثلاثة اقسام، وهم العرب السنة والعرب الشيعة والاكراد السنة وتم تطبيق نموذج يشبه النموذج اللبناني عليهم اضافة لغيرهم .
تعززت المحاصصة في لبنان بعد الحرب الاهلية فيها وتدخلات الدول الغربية وغير الغربية في لبنان كما هو حال العراق التي جاءت المحاصصة كنتيجة للاحتلال.
لم تكن المحاصصة ناتجة عن حالة طبيعية في المجتمعات التي وجدت بها رغم تنوع المجتمع، ولكنها كانت حالة ناتجة عن وجود من يغذي نهج الاقتسام والتقسيم داخل المجتمع الواحد، وغالبا ما تكون الاهداف خبيثة هدفها طمس القضايا المفصلية في حياة الامة.
هناك من يعزف على وتر ليقول باستمرار انه ضد المحاصصة أو ضد تكوين معين ويظهر ان طروحاته جاءت لتعزيز نهج معين مقابل نهج آخر، ولا نعتقد ان من يقوم بذلك من خلال احتلاله لمنابر اعلامية خالي الشبهات من مثل هذه الطروحات "فالفتنة دائما نائمة"، ولكن هناك من يوقظها ولا اعتقد ان من تثيره طروحات اقليمية فردية يختلف اختلافا كلياً عن من بدأ طرحها، فكلاهما يبحثان عن ساحة ليقاتلا فيها لتبدأ بعدها المعارك، ولكن لا اعتقد ان ذلك يكون بدون تخطيط خارجي لكلا الطرفين.
هناك من يكون مع هذا وهناك من يكون مع ذاك وعندها سيصل هذا وذاك لتحقيق ما يريدان فهما يريدان المحاصصة، فرغم ان الاول ضدها ولكنه عندما يطرحها يأمل في الوصول اليها والثاني الذي يستفز هو ايضا مستفز خارجيا وهذا يعني ان مجرد الطرح لمثل هذه القضية هو طرح من خارج اطار الوطن.
لم نسمع عن المحاصصة في العراق سابقا، ولم تكن قضية ذات اهمية في لبنان في نصف القرن الماضي، وهي مطروحة الآن في الاردن وان استمر السجال القائم حاليا فانه لن يمنعها بل سيعمل على ايجادها لتقسيم البلاد والعباد، ولطمس طموحات الشعب في تحرير فلسطين المغتصبة، وكذلك اشغال الناس في قضية المحاصصة بين من هم من شرقي النهر ومن هم غربي النهر، فتذوب كل القضايا الكبرى الاخرى ونحن نتقاسم على المواقع وسنرى قانونا انتخابيا يتم تأجيله سنة بعد سنة ليعبر عن حالة المحاصصة المطلوبة للاردن وليس الهدف منها التوطين ولكن الهدف منها نسيان أي اراضي محتلة.
عندما يقولون نريد المحاصصة في المواقع الحكومية الا يقرأون خارطة الاردن ونهجه الرسمي في عمليات التوزير والتعيينات التي لم تكن أصلا مبنية على المحاصصة، وحتى لو كانت فمن هم الوزراء الذين يختارون عادة من الكرك أو اربد او المفرق أليسو نفسهم أركان النظام ومن هم من يختارون كممثلون لمن هم غربي النهر أليسو هم نفسهم من ابناء نابلس والخليل والقدس ولا يمكن تغيير الوجوه والعائلات.
المحاصصة لهم حتى لو وصلتم اليها ولن تكون الا لفئة معينة على حساب كل الشعب.