صديقي سكيني دايمز
د. عبدالرزاق بني هاني
جو 24 :
قرأت في صغري قصة تراثية مازالت تسحبُ بظلالها المتعددة إلى أيامي هذه، حيث بلغت من الكبرِ عُتيا.
تتلخص القصة التراثية، التي تُنسب إلى عهد النبي سليمان، عليه السلام، في أن عصفوراً هبط عند غديرٍ من الماء، كي يشرب منه. وإثناء شربه للماء العذب، جاء حاخامٌ ملتحٍ، يلبس القلنسوة، ويسبح بحمد الرب بصوتٍ خافت، تبدو عليه كل علامات الوقار والسكينة. فوقعت عينا الحاخام على العصفور البريء الذي كان مطمئناً قرب غدير الماء، وازداد طمأنينة عندما شاهد ذلك الحاخام الوقور.
استغل الحاخام انشغال العصفور في الماء، وتغريداته التي دلت على سعادته برؤية الحاخام الوقور، فالتقط حجراً وقذف به العصفور ففقأ عينه.
ذهب العصفور إلى النبي سليمان يشكو الحاخام الذي فقأ عينه ... وبعد أن تحقق سليمان الحكيم من الأمر، قرر أن يفقأ عين الحاخام، لكن العصفور جاء إلى سليمان النبي، وطلب منه أن يوقع عقوبة أخرى تختلف عما قرره النبي الحكيم. فقال سليمان الحكيم: ماذا تراني به، فكان رد العصفور مفحما بشكل لافت. فقد طلب العصفور من سليمان الحكيم أن يأمر بنتف لحية الحاخام كي لا ينخدع الناسُ به وبمن هو على شاكلته. وهم فئة البشر الذين يتسترون بلباس الدين ويسلكون مسالك الشياطين !!!
كان صديقي الذي أحبه سكيني دايمز مفوضاً لحقوق الإنسان في زيمبابوي. وحسبما أخبرني أصدقائي فإن حقوق البشر هناك تتعرض لانتهاكات تخجل منها البهائم الرتع. فقد كان أصدقائي يتهكمون على مصطلحات حقوق الإنسان، والديموقراطية الموغابية، والسلالة التي ينحدر منها موغابي، وهو موغابي نفسه الذي أقنع الناس هناك بأنه ينحدر من سلالة شريفة. لكن الحقوق في جوهرها مهضومة بالكامل من فئة الحزب الحاكم هناك.
كان سكيني مفعماً بحب وطنه واهله، ودفاعه عن حقوق الإنسان في بلاده العجيبة. لكن ذلك لم يُعجب المتنفذين في بلده فقرروا أن يعزلوه. واحتاروا بالطريقة التي يُمكن بواسطتها أن يعزلوه. فقد تميز سكيني بعلاقات ودودة مع كل الذين عرفوه، محلياً ودولياً. وبعد تفكير عميق، خطر ببال شياطين زيمبابوي أن يأتوا بحاخام ملتحٍ رئيساً على سكيني. وهو من سلالة الحاخام الذي فقأ عين العصفور. ذلك الحاخام الدنيء الذي لم يعدم طريقة بالكذب والخداع والخيانة إلا ومارسها.
بعد مرور سنوات عديدة على عزل صديقي سكيني من موقعه، تذكرت حادثة العصفور مع ذلك الحاخام، والعقوبة التي أوقعها سليمان الحكيم، بناء على طلب العصفور البريء.
أتمنى أن يقوم المجتمع بنبذ كل واحد يلبس لبوس الدين ويمارس الرذيلة من وراء الكواليس . فهي العقوبة التي يستحقها كل خائن.