حروب من نوع جديد
فهمي الكتوت
جو 24 : بعد سنوات من الانكماش والركود الاقتصادي، وبعد أن أُرغم على اخلاء موقعه لصالح اقتصاد دولة نامية، وتراجعه إلى المركز الثالث في نادي كبرى اقتصادات العالم، عاد الاقتصاد الياباني ليحقق نموا اقتصاديا لافتا، بمعدل سنوي قدره 4.1 % في الربع الأول من العام الحالي، جاء هذا النمو بعد تعديل التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى انكماش الاقتصاد الياباني بمعدل 3.5%.، لكن السؤال الرئيسي، ما هو سر التقدم المفاجئ للاقتصاد الياباني، وهل يعكس بداية انفراج اقتصادي للمراكز الرأسمالية في العالم، أم متصل بخصائص الاقتصاد الياباني. خاصة أن الاقتصاد العالمي مـا زال يترنح تحت تأثير الأزمة المالية والاقتصادية، والاقتصاد الأوروبي دخل حالة كساد من جديد، وبعض دول منطقة اليورو على حافة الانهيار.
أما الاقتصاد الأميركي ليس أفضل حالا، فقد اتجه مجددا نحو التباطؤ، مدفوعا بزيادة الضرائب التي استحدثت خلال العام الحالي، وخفض الإنفاق الحكومي للحد من العجز المتفاقم، رغم قيام أميركا بسرقة موارد العالم بطباعة أوراق نقدية تعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الأميركي خلال العام الماضي.
عودة إلى الموضوع الياباني الذي حقق نموا اقتصاديا بفضل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والحكومة اليابانية لتحفيز الاقتصاد، فقد عمل البنك المركزي منذ بداية العام الماضي على تخفيض قيمة "الين" أمام العملات الأجنبية، و بدأت العملة اليابانية بالتراجع اعتبارا من مارس 2012، حيث انخفضت من 76 ين للدولار في شهر فبراير، إلى 82 "ين" في مارس من العام نفسه، وقد سُجل أكبر تراجع للين خلال الشهر الماضي حيث وصل الى أدنى مستوياته مسجلا حوالي 103 ين للدولار الواحد، وبذلك تقدر نسبة انخفاض الين بحوالي 32% أمام العملات الأجنبية . وقد رافق تخفيض سعر الين اتباع سياسات هدفت الى التصدي للانكماش التضخمي الذي يعاني منه الاقتصاد الياباني وصولا لنسبة تضخم 1%، مع المحفافظة على أسعار فائدة ضمن معدلات بين 0.0% و 0.1% . وقد باءت محاولات الحكومة اليابانية بالفشل، فلم تفلح هذه الاجراءات في ترميم الاقتصاد الياباني والخروج من حالة الانكماش الاقتصادي خلال العام الماضي. الى ان ظهرت نتائج ملموسة خلال العام الحالي بتحقيق النمو.
إن سياسة العولمة الرأسمالية ووجود الاحتكارات المتعددة الجنسيات عابرة القارات، أحدثت تغييرا ملموسا في اللعبة السياسية عالميا، ففي النصف الأول من القرن الماضي نشبت حربان عالميتان بين الدول الرأسمالية، هدفها سيطرة الاحتكارات الرأسمالية على أسواق العالم، أما الآن وفي ظل العولمة الراسمالية التي مهدت الطريق أمام حركة رأس المال، فبدلا من قيام الاحتكارات الرأسمالية الغربية بالتجييش لغزو الصين عسكريا،( عدا عن عدم امكان حرب كونية بسبب المخزون النووي الهائل) انتقلت رؤوس الأموال للعمل في الصين لتحقق الهدف نفسه. حيث استقطبت الصين وبعض الدول الآسيوية وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجه المراكز الرأسمالية، استثمارات عالمية ضخمة، بسبب قدرات الانتاج الصيني التنافسية من جهة، والميل العام لدى الاحتكارات الرأسمالية المتعددة الجنسيات في الانتقال الى مركز النشاط الاقتصادي من جهة أخرى، بعد فشل هذه الاستثمارات في مواجهة المنتجات الصينية في بلدانها، فالتحقت بالاقتصاد الصيني لمنافسة منتج بلادها، ما يعكس عدم انتماء رأس المال إلى أمته أو دولته، أمام انتمائه الرئيسي لفائض القيمة والربح، وقد أسهم تدفق الاستثمارات الرأسمالية الى الصين وعدد من الدول الآسيوية، بتراجع الاستثمار في المراكز الرأسمالية، وهي من الأسباب الرئيسية التي فاقمت الأزمة الاقتصادية ليس في اليابان وحدها بل في البلدان الرأسمالية عامة، وأن قدرة اليابان العالية في الانتاج اصطدمت بارتفاع سعر الين الذي اضعف القدرة التنافسية للمنتج الياباني ما أسهم في استمرار الانكماش الاقتصادي.
لقد فتحت السياسات النقدية الجديدة في اليابان الباب أمام منافسة من نوع جديد بين الدول الرأسمالية التي تتمتع بقدرة انتاجية عالية للتصدير، وسوف تتأثر العملات الرئيسية بالاجراء الياباني. وفي هذا الاطار يقول توفيق حيدر نائب رئيس إدارة الأصول في "ديمة كابيتال للاستثمار"، سيؤدي ضعف الين الياباني إلى تقلبات مفرطة وتحركات غير منتظمة في أسعار صرف العملات، التي يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي والمالي، لاسيما بالنسبة للدول الأعضاء في منطقة اليورو، وسيثير هذا الضعف مخاوف السلطات النقدية في جميع أنحاء العالم من أن تقلّل السياساتُ النقدية اليابانية من القدرة التنافسية للعملات الرئيسية الأخرى، وتمهدَ الطريقَ إلى حرب عملات . (العرب اليوم)
f.katout@alarabalyawm.net
أما الاقتصاد الأميركي ليس أفضل حالا، فقد اتجه مجددا نحو التباطؤ، مدفوعا بزيادة الضرائب التي استحدثت خلال العام الحالي، وخفض الإنفاق الحكومي للحد من العجز المتفاقم، رغم قيام أميركا بسرقة موارد العالم بطباعة أوراق نقدية تعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الأميركي خلال العام الماضي.
عودة إلى الموضوع الياباني الذي حقق نموا اقتصاديا بفضل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والحكومة اليابانية لتحفيز الاقتصاد، فقد عمل البنك المركزي منذ بداية العام الماضي على تخفيض قيمة "الين" أمام العملات الأجنبية، و بدأت العملة اليابانية بالتراجع اعتبارا من مارس 2012، حيث انخفضت من 76 ين للدولار في شهر فبراير، إلى 82 "ين" في مارس من العام نفسه، وقد سُجل أكبر تراجع للين خلال الشهر الماضي حيث وصل الى أدنى مستوياته مسجلا حوالي 103 ين للدولار الواحد، وبذلك تقدر نسبة انخفاض الين بحوالي 32% أمام العملات الأجنبية . وقد رافق تخفيض سعر الين اتباع سياسات هدفت الى التصدي للانكماش التضخمي الذي يعاني منه الاقتصاد الياباني وصولا لنسبة تضخم 1%، مع المحفافظة على أسعار فائدة ضمن معدلات بين 0.0% و 0.1% . وقد باءت محاولات الحكومة اليابانية بالفشل، فلم تفلح هذه الاجراءات في ترميم الاقتصاد الياباني والخروج من حالة الانكماش الاقتصادي خلال العام الماضي. الى ان ظهرت نتائج ملموسة خلال العام الحالي بتحقيق النمو.
إن سياسة العولمة الرأسمالية ووجود الاحتكارات المتعددة الجنسيات عابرة القارات، أحدثت تغييرا ملموسا في اللعبة السياسية عالميا، ففي النصف الأول من القرن الماضي نشبت حربان عالميتان بين الدول الرأسمالية، هدفها سيطرة الاحتكارات الرأسمالية على أسواق العالم، أما الآن وفي ظل العولمة الراسمالية التي مهدت الطريق أمام حركة رأس المال، فبدلا من قيام الاحتكارات الرأسمالية الغربية بالتجييش لغزو الصين عسكريا،( عدا عن عدم امكان حرب كونية بسبب المخزون النووي الهائل) انتقلت رؤوس الأموال للعمل في الصين لتحقق الهدف نفسه. حيث استقطبت الصين وبعض الدول الآسيوية وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجه المراكز الرأسمالية، استثمارات عالمية ضخمة، بسبب قدرات الانتاج الصيني التنافسية من جهة، والميل العام لدى الاحتكارات الرأسمالية المتعددة الجنسيات في الانتقال الى مركز النشاط الاقتصادي من جهة أخرى، بعد فشل هذه الاستثمارات في مواجهة المنتجات الصينية في بلدانها، فالتحقت بالاقتصاد الصيني لمنافسة منتج بلادها، ما يعكس عدم انتماء رأس المال إلى أمته أو دولته، أمام انتمائه الرئيسي لفائض القيمة والربح، وقد أسهم تدفق الاستثمارات الرأسمالية الى الصين وعدد من الدول الآسيوية، بتراجع الاستثمار في المراكز الرأسمالية، وهي من الأسباب الرئيسية التي فاقمت الأزمة الاقتصادية ليس في اليابان وحدها بل في البلدان الرأسمالية عامة، وأن قدرة اليابان العالية في الانتاج اصطدمت بارتفاع سعر الين الذي اضعف القدرة التنافسية للمنتج الياباني ما أسهم في استمرار الانكماش الاقتصادي.
لقد فتحت السياسات النقدية الجديدة في اليابان الباب أمام منافسة من نوع جديد بين الدول الرأسمالية التي تتمتع بقدرة انتاجية عالية للتصدير، وسوف تتأثر العملات الرئيسية بالاجراء الياباني. وفي هذا الاطار يقول توفيق حيدر نائب رئيس إدارة الأصول في "ديمة كابيتال للاستثمار"، سيؤدي ضعف الين الياباني إلى تقلبات مفرطة وتحركات غير منتظمة في أسعار صرف العملات، التي يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي والمالي، لاسيما بالنسبة للدول الأعضاء في منطقة اليورو، وسيثير هذا الضعف مخاوف السلطات النقدية في جميع أنحاء العالم من أن تقلّل السياساتُ النقدية اليابانية من القدرة التنافسية للعملات الرئيسية الأخرى، وتمهدَ الطريقَ إلى حرب عملات . (العرب اليوم)
f.katout@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على 
