الدولة المدنية الديمقراطية
فهمي الكتوت
جو 24 : يمرالوطن العربي بمرحلة دقيقة، امتزجت فيها أحلام الأمة، بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بعودة التدخلات الاجنبية... عادت الولايات المتحدة الامريكية للمنطقة، ليس بجيوشها الجرارة.. بل كدولة "صديقة مساندة للثورات العربية مدافعة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان"..! ضبابية المرحلة تقود الشارع نحو التيه، لدرجة ان المواطن لم يعد قادرا على التمييز بين الثورة والثورة المضادة، بين عملاء اميركا و "اسرائيل" واعداؤهما، واصبحت المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات، ويمكن وصفها بالمرحلة الانتقالية..! فبعد مرور اكثر من نصف قرن على تحرير الاقطار العربية من الاستعمار الكولونيالي، ودخول الوطن العربي بتجارب مختلفة، منها من اختار التوجه الاشتراكي الذي جرى إفشاله لاعتبارات مختلفة، ومنها من اختار التوجه الرأسمالي. ومع ذلك لم يفلح هذا الاتجاه او ذاك بتحقيق تنمية اقتصادية وبناء اقتصاد حقيقي، رغم المحاولات الجادة من قبل الاتجاه الاول، فما زال الوطن العربي يعيش في ظل انماط اقتصادية متخلفة "ما قبل الرأسمالية" مع نمو واتساع دور البرجوازية الطفيلية والكمبرادور، ويغلب على اهم اقتصادات المنطقة النمط الاقتصادي الريعي، وخاصة الدول النفطية منها.
لم تستطع حركة التحرر العربية بتلاوينها المختلفة من انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واخراج الوطن العربي من حالة التجزئة والقطرية والتخلف والتبعية، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المؤسسات، وترسيخ مبادىء الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بدلا من ذلك هيمنت انظمة فاسدة ومستبدة، خاصة بعد انهيار التجربة الناصرية وتقويض حركة التحرر العربية، التي حملت مشروعا وطنيا حالما لكنها كغيرها من الانظمة الشمولية لم تستجب للديمقراطية والتعددية السياسية، وهي جزء من اشكالية حركات التحرر، التي اولت قضية التحرر والسيادة الوطنية جل اهتمامها، وقد انحاز معظم رجال الفكر والسياسة من التيارين القومي واليساري الى الشرعية الثورية التي افرزتها حركات سياسية جاءت بانقلابات عسكرية للحكم متحالفة مع الاتحاد السوفيتي، ضمن النظرية التي كانت سائدة في تلك المرحلة بتحالف القوى الثورية الثلاث "المعسكر الاشتراكي والطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية وحركات التحرر العالمية"، والتي كان برنامجها قائما على قاعدة النضال من اجل هزيمة الامبريالية العالمية. لذلك لم يجر مراعاة لقضايا الديمقراطية والتعددية السياسية في تلك المرحلة، باعتبار القوى الثورية الثلاث منشغلة "بهزيمة وشيكة" للامبريالية العالمية... لذلك قدمت بعض الاحزاب اليسارية في حركات التحرر الوطني تنازلات لحلفائها خدمة لهذا الهدف النبيل.
خلاصة القول ان الوطن العربي عاد الى المربع الاول، الى مرحلة النضال من اجل تحقيق الاستقلال السياسي، وفك التبعية والدفاع عن السيادة الوطنية المهدورة، مرحلة اسقاط النظم الديكتوتورية التي عاثت في الارض فسادا ، ولا بد من رؤية الواقع العربي كما هو، فعناصر تشكل الدولة المدنية الديمقراطية غير مكتملة الان، سواء كان ذلك ضمن المفهوم البرجوازي، وفق الاسس التي تشكلت على اساسها الدولة المدنية في اوروبا والتي جاءت نتاج تطور الثورة البرجوازية. وهذا غير ممكن من حيث المبدأ، كما انه غير مطروح. ما نطمح بتحقيقه في الوطن العربي الدولة المدنية الديمقراطية. التي من اولى شروط تحقيقها توحيد التيار القومي واليساري الذي يحمل برنامجا وطنيا ديمقراطيا اقتصاديا واجتماعيا، لتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. وللاسف الشديد ان هذا التيار عدا عن كونه ضعيف من الناحية التنظيمية، فهو غير موحد، على الرغم ان قاعدته الشعبية اوسع بكثير من قدرته على التأثير في الشارع العربي، لذلك يبقى هذا المشروع معلقا على ذمة تحقيق الهدف النبيل بوحدة هذا التيار.
في حين تنحصر القوة المؤثرة في هذه المرحلة بمجموعتين الاولى: المؤسسة العسكرية وهي التي حمت النظم الديكتاتورية في العقود الاخيرة. اما الثانية: الحركة الاسلامية، وتجرتنا الاخيرة مع الاخوان المسلمين في مصر كشفت بوضوح ان الطريق الديمقراطي ليس اكثر من وسيلة لتمرير سياسات شمولية، وان مسألة الدولة المدنية شعار استخدم من قبل الحركة الاسلامية لتطمين المجتمع، في حين واصلوا نهج التمكين والاخونة بهدف الاستيلاء على الدولة، ان تداول السلطة لا يعني احداث تغيرات جوهرية في مؤسسات الدولة بعيدا عن ارادة الشعب، خاصة وان حكومة مرسي لم تحصل سوى على 27% من اصوات الناخبين في الجولة الاولى، وان وصوله الى الرئاسة جاء باصوات التيار القومي اليساري، لكنه ادار الظهر لهذا التيار العريض الذي لا يقل تمثيلا عن التيار الاسلامي الا بنسبة ضئيلة في الجولة الاولى من الانتخابات، وقد دفع مرسي ثمنا باهظا لموقفه هذا، حين نزل ملايين المصريين الى الشارع في 30يونيو مطالبين بانتخابات مبكرة. وبدلا من تحديد موعد لانتخابات مبكرة، تمسك بالسلطة وفتح الباب امام تدخل العسكر،لاعادة البلاد الى المربع الاول.
لم تستطع حركة التحرر العربية بتلاوينها المختلفة من انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واخراج الوطن العربي من حالة التجزئة والقطرية والتخلف والتبعية، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المؤسسات، وترسيخ مبادىء الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بدلا من ذلك هيمنت انظمة فاسدة ومستبدة، خاصة بعد انهيار التجربة الناصرية وتقويض حركة التحرر العربية، التي حملت مشروعا وطنيا حالما لكنها كغيرها من الانظمة الشمولية لم تستجب للديمقراطية والتعددية السياسية، وهي جزء من اشكالية حركات التحرر، التي اولت قضية التحرر والسيادة الوطنية جل اهتمامها، وقد انحاز معظم رجال الفكر والسياسة من التيارين القومي واليساري الى الشرعية الثورية التي افرزتها حركات سياسية جاءت بانقلابات عسكرية للحكم متحالفة مع الاتحاد السوفيتي، ضمن النظرية التي كانت سائدة في تلك المرحلة بتحالف القوى الثورية الثلاث "المعسكر الاشتراكي والطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية وحركات التحرر العالمية"، والتي كان برنامجها قائما على قاعدة النضال من اجل هزيمة الامبريالية العالمية. لذلك لم يجر مراعاة لقضايا الديمقراطية والتعددية السياسية في تلك المرحلة، باعتبار القوى الثورية الثلاث منشغلة "بهزيمة وشيكة" للامبريالية العالمية... لذلك قدمت بعض الاحزاب اليسارية في حركات التحرر الوطني تنازلات لحلفائها خدمة لهذا الهدف النبيل.
خلاصة القول ان الوطن العربي عاد الى المربع الاول، الى مرحلة النضال من اجل تحقيق الاستقلال السياسي، وفك التبعية والدفاع عن السيادة الوطنية المهدورة، مرحلة اسقاط النظم الديكتوتورية التي عاثت في الارض فسادا ، ولا بد من رؤية الواقع العربي كما هو، فعناصر تشكل الدولة المدنية الديمقراطية غير مكتملة الان، سواء كان ذلك ضمن المفهوم البرجوازي، وفق الاسس التي تشكلت على اساسها الدولة المدنية في اوروبا والتي جاءت نتاج تطور الثورة البرجوازية. وهذا غير ممكن من حيث المبدأ، كما انه غير مطروح. ما نطمح بتحقيقه في الوطن العربي الدولة المدنية الديمقراطية. التي من اولى شروط تحقيقها توحيد التيار القومي واليساري الذي يحمل برنامجا وطنيا ديمقراطيا اقتصاديا واجتماعيا، لتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. وللاسف الشديد ان هذا التيار عدا عن كونه ضعيف من الناحية التنظيمية، فهو غير موحد، على الرغم ان قاعدته الشعبية اوسع بكثير من قدرته على التأثير في الشارع العربي، لذلك يبقى هذا المشروع معلقا على ذمة تحقيق الهدف النبيل بوحدة هذا التيار.
في حين تنحصر القوة المؤثرة في هذه المرحلة بمجموعتين الاولى: المؤسسة العسكرية وهي التي حمت النظم الديكتاتورية في العقود الاخيرة. اما الثانية: الحركة الاسلامية، وتجرتنا الاخيرة مع الاخوان المسلمين في مصر كشفت بوضوح ان الطريق الديمقراطي ليس اكثر من وسيلة لتمرير سياسات شمولية، وان مسألة الدولة المدنية شعار استخدم من قبل الحركة الاسلامية لتطمين المجتمع، في حين واصلوا نهج التمكين والاخونة بهدف الاستيلاء على الدولة، ان تداول السلطة لا يعني احداث تغيرات جوهرية في مؤسسات الدولة بعيدا عن ارادة الشعب، خاصة وان حكومة مرسي لم تحصل سوى على 27% من اصوات الناخبين في الجولة الاولى، وان وصوله الى الرئاسة جاء باصوات التيار القومي اليساري، لكنه ادار الظهر لهذا التيار العريض الذي لا يقل تمثيلا عن التيار الاسلامي الا بنسبة ضئيلة في الجولة الاولى من الانتخابات، وقد دفع مرسي ثمنا باهظا لموقفه هذا، حين نزل ملايين المصريين الى الشارع في 30يونيو مطالبين بانتخابات مبكرة. وبدلا من تحديد موعد لانتخابات مبكرة، تمسك بالسلطة وفتح الباب امام تدخل العسكر،لاعادة البلاد الى المربع الاول.