العالم يتغيّر.. العالم إلى أين؟
فهمي الكتوت
جو 24 : شهد العالم خلال القرن الماضي صراعا حادا، سياسا واقتصاديا وايديولوجيا، بين المعسكرين "الرأسمالي والاشتراكي" وصل حد تكسير العظام، ذهب ضحيته الاتحاد السوفييتي الذي قاد المعسكر الاشتراكي، وشكل تحديا للنظام الرأسمالي خلال ستة عقود، قبل ان تنجح الدوائر الغربية بالمساهمة المباشرة في تدميره، وفق اعتراف مصادر مهمة من الطرفين، فقد كشفت الولايات المتحدة الاميركية عن وثيقة سرية اعدها مجلس الامن القومي في اواسط اربعينات القرن الماضي سميت "بمخطط ألن دالاس" تضمنت الوثيقة "سنعمل على فرض نظريتنا على موسكو لتطور العالم، ولسنا مرتبطين بجدول زمني لتحقيق هذا الغرض، سنوظف كل طاقاتنا لإحداث انقلاب داخلي في الاتحاد السوفيتي". ويعترف نيكولاي ريجكوف اخر رئيس وزراء للاتحاد السوفييتي في حديث لتلفزيون روسيا اليوم، ان العوامل الخارجية اسهمت بنسبة 50% من اسباب انهيار الاتحاد السوفيتي. ويقول جورج شولتز وزير خارجية اميركا في عهد ريغان في مذكراته لقد جمع غورباتشوف اكواما من التنازلات امام اقدامنا، وقدمها على صحن من ذهب وهي حصيلة ضغوطنا خلال السنوات الخمس الاخيرة.
أما اليوم تبذل الصين التي تختلف سياسيا وايديولوجيا مع اميركا جهودا غير عادية من اجل انقاذ الاقتصاد الاميركي من الانهيار، فقد عبر نائب وزير المالية الصيني عن قلقه.. مؤكدا أن تخلف واشنطن عن سداد ديونها سيلحق أذى كبيرا بالمصالح الاقتصادية للصين، وأن من مصلحة أميركا بصفتها أكبر اقتصاد عالمي وصاحبة أبرز عملة احتياطي في العالم أن تحافظ على الجدارة الائتمانية لسنداتها السيادية. وانضمت اليابان الى الصين لتعبر عن قلقها ازاء استمرار الازمة وقال وزير ماليتها "يجب أن تعي الولايات المتحدة تماما أنه إذا حدث ذلك (تخلف عن سداد الديون) فستسقط في براثن أزمة مالية."
لقد احدثت العولمة الرأسمالية انقلابا ليس بالمفاهيم فحسب بل وبالسياسات عامة، لم يخطر ببال احد من الذين عاصروا الحرب الباردة انه سيأتي يوما تقف الصين مدافعة عن الاقتصاد الاميركي من الانهيار، وتقدم الدعم لحمايته. حتى روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي، لم تفكر بالانتقام من الاقتصاد الاميركي، والسبب انهم جميعا الآن في مركب واحد، مركب العولمة الرأسمالية، يبحثون عن خشبة الخلاص بأقل الخسائر. وبغض النظر عن حجم الخلافات السياسية بين هذه الدول فإن اندماج اقتصاداتها ادى الى تشابك مصالحها، واحدث تغييرا جوهريا في العلاقات الدولية، فالحرص الصيني على الحفاظ على الاقتصاد الاميركي نابع من حجم الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة الاميركية، وحجم الديون والسندات التي تقدر بحوالي 3.5 تريليون دولار، اضافة الى ان اميركا اصبحت من اهم اسواق التجارة الصينية.
لقد احدثت الازمة المالية الناجمة عن الخلافات الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حالة من الفزع في اسواق المال، وهبطت أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية والآسيوية متأثرة باستمرار الازمة. ويقول رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم "إن خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يؤثر سلبا على الاقتصادات الصاعدة، بل وعلى أكثر الناس فقرا في العالم. وأضاف إننا قلقون للغاية بسبب وجود رياح معاكسة سواء بالنسبة للأسواق الناشئة أو للدول المتقدمة، لأن تداعيات هذا الأمر قد تكون مدمرة".
لقد كشفت الازمة من جديد عن حالة الضعف التي تعتري اقتصاد اكبر دولة في العالم، صحيح ان احدى مظاهر الازمة يعبر عن الصراع بين الحزبين على السلطة، مع ملامح خلافات سياسية وايديولوجية، فالحزب الجمهوري معني بمعاقبة الرئيس الاميركي اوباما واحراجه امام قاعدته الانتخابية التي وعدها في برنامج الرعاية الصحية، وهي قضية تمس فقراء الولايات المتحدة، اما الحزب الجمهوري، يفضل تخفيض عجز الموازنة على حساب هذا البرنامج. لكن تساؤلات مطروحة تحتاج الى اجابات... هل يعاقب باراك اوباما من قبل الحزب الجمهوري فقط لقضية الرعاية الصحية، ام هناك اسباب اخرى غير معلنة، هل هي محاولة لافشال اول رئيس اميركي من اصول افريقية يحكم الولايات المتحدة الاميركية، ويتعاطف نسبيا مع الفقراء؟ هل هي محاولة لمعاقبة باراك اوباما على موقفه من الازمة السورية، واستجابته للحلول الدبلوماسية؟ ايا كانت الاسباب داخلية فقط ام داخلية وخارجية، تبقى القضية المركزية في الازمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة الاميركية، والتي تعكس حالة الضعف التي وصل اليها الاقتصاد الاميركي بسبب فشل الحكومة الاتحادية في توفير المال لتغطية نفقاتها، فهي تعتمد على الاستدانة في توفير احتياجاتها، وقد وصل سقف الدين العام على الحكومة الاتحادية 16.7 تريليون دولار، والحكومة ستكون عاجزة عن توفير النفقات العامة وتغطية خدمات المديونية بعد يوم 17 اكتوبر في حال عدم الاتفاق بين الحزبين على رفع سقف الاستدانة.
ايا كانت النتائج فالشعب الاميركي اول ضحايا سياسات الجمهوريين والديمقراطيين الذين انفقوا الاموال في غير مكانها لإنقاذ مؤسسات مالية ومصرفية آيلة للسقوط نتيجة السياسات المالية المنفلتة، التي انفقت من جيوب دافعي الضرائب، وعلى حساب البطالة وإفقار المواطنين وغياب الرعاية الصحية، وارتفاع الدين العام. إن ازمة مالية واقتصادية جديدة تعرض اقتصادات العالم الى اخطار حقيقية، ضحاياها العمال والفقراء والمهمشون
(الرؤية العمانية)
أما اليوم تبذل الصين التي تختلف سياسيا وايديولوجيا مع اميركا جهودا غير عادية من اجل انقاذ الاقتصاد الاميركي من الانهيار، فقد عبر نائب وزير المالية الصيني عن قلقه.. مؤكدا أن تخلف واشنطن عن سداد ديونها سيلحق أذى كبيرا بالمصالح الاقتصادية للصين، وأن من مصلحة أميركا بصفتها أكبر اقتصاد عالمي وصاحبة أبرز عملة احتياطي في العالم أن تحافظ على الجدارة الائتمانية لسنداتها السيادية. وانضمت اليابان الى الصين لتعبر عن قلقها ازاء استمرار الازمة وقال وزير ماليتها "يجب أن تعي الولايات المتحدة تماما أنه إذا حدث ذلك (تخلف عن سداد الديون) فستسقط في براثن أزمة مالية."
لقد احدثت العولمة الرأسمالية انقلابا ليس بالمفاهيم فحسب بل وبالسياسات عامة، لم يخطر ببال احد من الذين عاصروا الحرب الباردة انه سيأتي يوما تقف الصين مدافعة عن الاقتصاد الاميركي من الانهيار، وتقدم الدعم لحمايته. حتى روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي، لم تفكر بالانتقام من الاقتصاد الاميركي، والسبب انهم جميعا الآن في مركب واحد، مركب العولمة الرأسمالية، يبحثون عن خشبة الخلاص بأقل الخسائر. وبغض النظر عن حجم الخلافات السياسية بين هذه الدول فإن اندماج اقتصاداتها ادى الى تشابك مصالحها، واحدث تغييرا جوهريا في العلاقات الدولية، فالحرص الصيني على الحفاظ على الاقتصاد الاميركي نابع من حجم الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة الاميركية، وحجم الديون والسندات التي تقدر بحوالي 3.5 تريليون دولار، اضافة الى ان اميركا اصبحت من اهم اسواق التجارة الصينية.
لقد احدثت الازمة المالية الناجمة عن الخلافات الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حالة من الفزع في اسواق المال، وهبطت أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية والآسيوية متأثرة باستمرار الازمة. ويقول رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم "إن خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يؤثر سلبا على الاقتصادات الصاعدة، بل وعلى أكثر الناس فقرا في العالم. وأضاف إننا قلقون للغاية بسبب وجود رياح معاكسة سواء بالنسبة للأسواق الناشئة أو للدول المتقدمة، لأن تداعيات هذا الأمر قد تكون مدمرة".
لقد كشفت الازمة من جديد عن حالة الضعف التي تعتري اقتصاد اكبر دولة في العالم، صحيح ان احدى مظاهر الازمة يعبر عن الصراع بين الحزبين على السلطة، مع ملامح خلافات سياسية وايديولوجية، فالحزب الجمهوري معني بمعاقبة الرئيس الاميركي اوباما واحراجه امام قاعدته الانتخابية التي وعدها في برنامج الرعاية الصحية، وهي قضية تمس فقراء الولايات المتحدة، اما الحزب الجمهوري، يفضل تخفيض عجز الموازنة على حساب هذا البرنامج. لكن تساؤلات مطروحة تحتاج الى اجابات... هل يعاقب باراك اوباما من قبل الحزب الجمهوري فقط لقضية الرعاية الصحية، ام هناك اسباب اخرى غير معلنة، هل هي محاولة لافشال اول رئيس اميركي من اصول افريقية يحكم الولايات المتحدة الاميركية، ويتعاطف نسبيا مع الفقراء؟ هل هي محاولة لمعاقبة باراك اوباما على موقفه من الازمة السورية، واستجابته للحلول الدبلوماسية؟ ايا كانت الاسباب داخلية فقط ام داخلية وخارجية، تبقى القضية المركزية في الازمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة الاميركية، والتي تعكس حالة الضعف التي وصل اليها الاقتصاد الاميركي بسبب فشل الحكومة الاتحادية في توفير المال لتغطية نفقاتها، فهي تعتمد على الاستدانة في توفير احتياجاتها، وقد وصل سقف الدين العام على الحكومة الاتحادية 16.7 تريليون دولار، والحكومة ستكون عاجزة عن توفير النفقات العامة وتغطية خدمات المديونية بعد يوم 17 اكتوبر في حال عدم الاتفاق بين الحزبين على رفع سقف الاستدانة.
ايا كانت النتائج فالشعب الاميركي اول ضحايا سياسات الجمهوريين والديمقراطيين الذين انفقوا الاموال في غير مكانها لإنقاذ مؤسسات مالية ومصرفية آيلة للسقوط نتيجة السياسات المالية المنفلتة، التي انفقت من جيوب دافعي الضرائب، وعلى حساب البطالة وإفقار المواطنين وغياب الرعاية الصحية، وارتفاع الدين العام. إن ازمة مالية واقتصادية جديدة تعرض اقتصادات العالم الى اخطار حقيقية، ضحاياها العمال والفقراء والمهمشون
(الرؤية العمانية)