jo24_banner
jo24_banner

اقتصادات عربية

فهمي الكتوت
جو 24 : تعاني الاقتصادات العربية غير النفطية من أزمات مالية واقتصادية حادة، فما زالت اقتصاداتها ضعيفة لم ترق لمستوى دول متوسطة الدخل عالميا، ولم تحقق تنمية اقتصادية اجتماعية تمكنها من الصمود امام تحديات العولمة الرأسمالية، فالصناعات الوطنية تعاني من ضعف قدراتها التنافسية، واتجهت معظم البرجوازيات المحلية نحو ترويج المنتجات الاجنبية، وانتقال قسم هام من المنتجين المحليين الى “كمبرادور” وكلاء الشركات الاجنبية، وبقيت الصناعات الوطنية عاجزة امام السيل المتدفق من المنتجات الاجنبية، في ظل تعميم وفرض شروط “منظمة التجارة العالمية” بتحرير الاسواق الخارجية وحرمان الصناعات الوطنية من اية حماية جمركية او سياسات تفضيلية، للابقاء على الاقتصادات العربية رهينة التبعية الاجنبية.

تعاني معظم الاقتصادات العربية من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، واتساع دائرة الفقر، وزيادة معدلات البطالة، وتفاقم عجز موازناتها، ومديونيتها المتنامية. وفي هذا المقال سأحاول القاء الضوء على ابرز ملامح اقتصادات الاردن ولبنان كمقارنة ونموذج للاقتصاد العربي، بحكم العوامل المشتركة بين البلدين، فهما من بلاد الشام ويعيشان في ظروف متشابهة الى حد ما، ولهما حدود مفتوحة على الازمة السورية، واستقبلا مئات الالاف من اللاجئين السورين بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها سوريا، ولهما حدود مع العدو الصهيوني.

وقع الاردن على معاهدة صلح مع الكيان الصهيوني اتفاقية “وادي عربة” المشؤومة، اما لبنان فقد رفض الحلول المنفردة، وقد عزز هذا الاتجاه وجود توازنات سياسية محلية واقليمية معادية للكيان الصهيوني، ويحتضن الشعب اللبناني المقاومة التي نجحت بكنس الاحتلال الصهيوني من الاراضي اللبنانية. الدولتان الاردن ولبنان تعتمدان على الخدمات في اقتصاداتهما وبنسبة اقل على الصناعات التحويلية بينما يتميز الاردن بتصدير الفوسفات والبوتاس والاسمدة، وللبلدين نصيب في السياحة، وان كان لبنان يتمتع بامكانيات افضل، الا ان الظروف الامنية التي يعيشها لبنان حرمته من الاستفادة من هذه الميزة. اما تحويلات المغتربين في الخارج فهي تشكل مصدر دخل رئيس لتعزيز احتياطيات البلدين من العملات الاجنبية. وللبنان خصوصية بحكم تركيبتها الديمغرافية فقد تداخلت الصراعات السياسية والاجتماعية والطائفية والمذهبية، ومع ذلك لا خيار للشعب اللبناني سوى الاعتراف بالآخر ورفض التهميش، لكنها احدثت انقساما حادا في المجتمع اللبناني، وقد اسهم ذلك بتعميق ازماته الاقتصادية والاجتماعية وتركت اثارها وتداعياتها على السلطة السياسية فمنذ حوالي ثمانية اشهر والدولة اللبنانية تدار من قبل حكومة تسيير اعمال لتعذر تشكيل حكومة جديدة بسبب الانقسام.

أصدرت الدولتان الاردنية واللبنانية موازناتهما للعام القادم 2014 وفق النظم الخاصة في البلدين. ولنرى اوجه الشبه والاختلاف، يقدر الناتج المحلي الاجمالي للبنان حوالي 49 مليار دولار، وهي نسبة مرتفعة لدولة غير نفطية وعدد سكانها حوالي 3.5 مليون نسمة، وبلغت قيمة النفقات العامة للدولة اللبنانية 14 مليار دولار والايرادات 11.17 مليار دولار وعجز في الموازنة يقدر بحوالي 2.88 مليار دولار وبنسبة 5.9% من الناتج المحلي مقارنة مع 7.8% للعام الحالي 2013، هناك زيادة في الايرادات قيمتها 630 مليون دينار، وتغطية عجزمؤسسة الكهرباء (دعم فاتورة الكهرباء) بحوالي 1.7 مليار دولار.

اما الاردن: فيقدر الناتج المحلي الاجمالي للاردن حوالي 36.5 مليار دولار وبلغت قيمة النفقات العامة للدولة الاردنية حكومة مركزية والمؤسسات الحكومية (تصدر في الاردن موازنتين) حوالي 13.8 مليار دولار، وبلغت الايرادات المحلية 8.7 مليار دولار وبزيادة قيمتها 638 مليون دولار وعجز قدره5.1 مليار دولار وبنسبة 15% من الناتج المحلي الاجمالي، وبنفس نسبة العجز المتحقق في موازنة 2013، وتغطي الموازنة عجز شركة الكهرباء الوطنية (دعم فاتورة الكهرباء) بحوالي 1.3 مليار دولار.

عدد سكان الاردن ضعف عدد سكان لبنان بينما الناتج المحلي اللبناني اكثر من الناتج المحلي الاردني بحوالي 34%، وعلى الرغم من تعادل قيمة النفقات العامة في البلدين، الا ان الايرادات اللبنانية تفوق الايرادات الاردنية بحوالي 28%، ونسبة عجز الموازنة في الاردن حوالي ثلاثة اضعاف عجز موازنة لبنان. وقيمة الدعم الذي تقدمه الحكومة اللبنانية لفاتورة الطاقة اكثر بحوالي 30% من الدعم المقدم في الاردن، واسعار المحروقات في الاردن اعلى من اسعار المحروقات في لبنان بحوالي 20%. وانفق لبنان على الجهاز العسكري حوالي 2.5% من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2012 وفقا لتقارير اميركية رسمية، بينما انفق الاردن في نفس الفترة ما نسبته 9.5% من الناتج المحلي الاجمالي وفقا لنفس المصدر.

هناك فروقات واضحة بين ادارة موارد الدولتين الاردنية واللبنانية، ومن المعروف ان المسؤولين في البلدين يتعرضون لانتقادات شعبية حادة بسبب انتشار مظاهر الفساد وغياب الشفافية. وتتعرض موازنة الدولتين لانتقادات لاذعة من الشرائح الاجتماعية وخاصة ممثلي الطبقات الوسطى والفئات الشعبية متدنية الدخل، بسبب استهدافها بسياسة ضريبية غير عادلة وتحميلها اعباء الازمات المالية، وقد تكون الاثار الاجتماعية متقاربة في البلدين الى حد بعيد بسبب ارتفاع العبء الضريبي، الا ان الاردنيين “محظوظين” بنسب ضريبية اعلى وبشكل ملموس في ضريبة المبيعات، وهي الضريبة الاكثر استهدافا للفقراء، ومع ذلك فإن الارقام تشير ان مخرجات ادارة موارد الدولة الاردنية اكثر سوءا!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير